مثقفون: تصريحات نتنياهو تستهدف تعطيل المساعى المصرية للخروج من الأزمة
في تصريحات خاصة لـ“الدستور”: عقب العديد من الكتاب والمثقفين المصريين على تصريحات رئيس الوزاراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي زعم فيها أن تحقيق أهداف الحرب يمر عبر محور فيلادلفيا من أجل ضمان عدم تهريب الرهائن إلى خارج غزة وعدم تدفق السلاح إلى القطاع، مدعيًا أنه لم يوافق أبدًا على إخلاء محور فيلادلفيا عندما قرر أرئيل شارون مغادرته عام 2005.
نتنياهو يحتاج لمزيد من الخرافات
بداية قال الناقد د. سيد ضيف الله، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، مشيرا إلي أنه رغم كل الجرائم البشعة التي يرتكبها نتنياهو في حق الأطفال والنساء والمدنيين العزل في غزة، فإن صمود المقاومة الفلسطينية ما زال يحتاج من نتنياهو إلى مزيد من الخرافات لكي يستمر في خداعه لشعبه أولا والمجتمع الدولي ثانيا.
وآخر هذه الخرافات اتهامه الباطل لمصر بإمداد حماس بالسلاح، فمصر دولة أكبر وأعظم من أن تخوض بالوكالة لأنها دفعت عبر التاريخ ثمن السلام أضعافا مضاعفة وهي الأحرص عليه تقديسا للدم الإنساني. لقد فقد نتنياهو عقله السياسي والعسكري وإذا كان من فضل لأحد في ذلك فالفضل للشعب الفلسطيني وحده، لكن نتنياهو لم يعد يستوعب ما يحدث من حوله. إن اتهام نتنياهو لمصر بإمداد حماس بالسلاح لو أخذته مصر على محمل الجد وليس على سبيل الهذيان الذي يصيب الأسرى والجرحى في الحروب، فسوف يكون بمثابة انتهاك واضح للسلام مع مصر.
مغامرات نتنياهو البهلوانية
ومن جانبه، قال الكاتب هيثم شرابي: اعتاد نتنياهو على انتهاج وسيلة الهروب للأمام، فنجده كلما فشل في مرحلة من الأزمة أو اقترب سقوطه وخروجه من المشهد بإعلان هزيمته، يهرب بافتعال مزيد من بحور الدم بضرب مخيمات فلسطينية أو الإعلان عن نصر وهمي يشغل به الرأي العام الاسرائيلي لأنه كما يؤكد كل المراقبين يعلم تماما أن مصيره السجن والمحاكمة بتهم الفساد والرشاوى. وأضيف إليهم مؤخرا ما ستكشفه تحقيقات ما بعد حرب الإبادة التي حدثت بعد 7 أكتوبر ضد الفلسطينين في قطاع غزة الفلسطينى.
ومن هذه المغامرات البهلوانية لنتنياهو ما يصر على فعله طيلة الشهور الأخيرة من مماحكات ضد مصر ودورها في دعم القضية الفلسطينية ومحاولاتها البحث عن حل سلمي للأزمة. ناهيك عن دورها في إرسال المساعدات الإنسانية والطبية والاغاثية لأهلنا الفلسطينين في غزة.
ومنذ أعلنت مصر عن موقفها الثابت من رفض تهجير الفلسطينين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية جن جنونه فأصبح الدور المصري بالنسبه له في موقف العداء وتوالت التصريحات الموجهة ضد مصر سواء على لسانه أو ما هو منسوب للمتحدث باسم حكومته أو تصريحات صادرة عن مكتبه. تحمل كلها هجوما وإتهامات لمصر سواء بتعطيل التفاوض أو بتعليق العمل بالمعبر.. إلخ وكان آخرها ما قاله هذا المعتوه عن تهريب السلاح من مصر للفلسطينيين عبر محور صلاح الدين.
هذا الهذيان يأتي رد فعل موتور منه على إعلان مصر رفضها القاطع الوجود الأمني الإسرائيلي بأي شكل وبأي وصف أو تحت أي مسمى في ممر فيلادلفيا محور صلاح الدين.
واتهمت مصر في ردها إسرائيل بخرق الاتفاقية الأمنية الملحقة باتفاقية السلام وخرق اتفاق المعابر وهو بهذا يحاول جر مصر لتصبح طرفا في النزاع وليست وسيطا. ويستهدف تعطيل المساعي المصرية في المفاوضات والحل السلمي للخروج من الأزمة. لكن هذه التصريحات الهزلية ليس لها ما يدعمها على أرض الواقع وهي مؤشر واضح على اقتراب نهاية نتنياهو الذي يواجه مظاهرات واحتجاجات يومية في تل أبيب وخاصة بعد الإعلان عن وفاة 6 أفراد من الرهائن المحتجزين الذي أعلن عن أسماء بعض ممن شملتهم الجولة الأخيرة من التفاوض. فهل سينجو نتنياهو؟ ربما ينجو لكن الأكيد ليس على حساب مصر ودورها.
نتنياهو فقد عقله
ومن جانبها، قالت الكاتبة الشابة ابتهال الشايب: لقد فقد نتنياهو عقله، وهذا أمر طبيعي، فهو مريض نفسي في الأساس، كل ما ارتكبه من جرائم من قتل وتعذيب وأسر وحرمان سكان غزة من الماء والطعام وكل المساعدات الإنسانية يثبت ذلك، فهو في حالة عناد لا يفكر في أحد سوى نفسه، يريد أن يرضي غروره وكبريائه خاصة بعد فشله وعجزه في معركته مع حماس.
تستطيع حركة حماس الحصول على أي شيء تريده، سواء من خلال أنفاق محور فيلادلفيا أو بأي طريقة أخرى، فمن يعيش في تلك الظروف القاسية يستطيع صنع المعجزات.
لا تفقه إسرائيل أبسط معاني الإنسانية مهما بلغت قوتها، ستظل فلسطين هي الأساس، الإسرائيليون نسوا أن تلك الأراضي لا تخصهم وأن دولتهم مجرد محتل للمكان، يريدون أن يحتلوا دون أن يعترض أحد ليظل الفلسطينيون دون سلاح أو طعام، أو أي شيء آخر، الإسرائيليون يريدون أن يقتلوا ويهدموا المنازل ويأسروا الشباب والأطفال والنساء دون أي مقاومة من الجانب الفلسطيني، أي منطق هذا؟
أؤيد قرار مصر برفض وجود قواتهم في محور فيلادلفيا، فنحن لا ذنب لنا في أمراضهم النفسية، وليذهبوا لتلقي العلاج بدلا عن ذلك أو ليرحلوا عن فلسطين.
نتنياهو احترق بكرة النار التى أشعلها
ومن جهته، قال الباحث عبدالرحمن الطويل: بعد أحد عشر شهرًا من إبادة الشعب الفلسطيني الأعزل، وتدمير قطاع غزة وتشريد سكانه البالغين مليوني نسمة، فشل بنيامين نتنياهو في تحقيق أي من الأهداف المعلنة لحربه الغاشمة، وقرر تصدير فشله إلى مصر وتحميلها مسئوليته في محاولة جديدة من محاولات الالتفاف والهروب من استحقاق الصفقة أمام جمهوره الداخلي وأمام العالم، ومحاولة أيضًا للهروب من الفشل التاريخي الذي لن يفارقه في السابع من أكتوبر.
احترق مجرم الإبادة بكُرة النار التي أشعلها فقرر أن يُلقيها على مصر ويُورّطها في مشكلاته وفشله، ونسي أن الفشل الأكبر هو ظنه أن الاحتلال يمكن أن يكون له بقاء، وأن شعب فلسطين الصامد المقاوم يمكن أن يستسلم أو يعجز عن اختراع المعجزات من أجل الدفاع عن أرضه وحقه. وبينما هو يتذرع بحججه الكاذبة عن تسليح غزة لاحتلال محور فيلادلفيا، ها هي المقاومة المسلحة تنتشر في الضفة الغربية البعيدة عن مصر وعن محور فيلادلفيا والمحاصرة إسرائيليًّا من كل جهاتها، فما الشماعة التي سيعلق عليها فشله هذه المرة؟
لقد كثرت في دولة الاحتلال الأصوات التي تؤكد أن استمرار الحرب بات خطرًا وجوديًّا عليهم هم لا على الفلسطينيين، ورغم ذلك يصر نتنياهو على المعاندة في الاتجاه المعاكس بمواصلة الحرب والمماطلة في الصفقة، ويمعن في المعاندة والمخاطرة باصطناع المشكلات مع مصر، ومن وراءه يعلمون أنه يحفر لكيانه الحفرة التي لا نجاة منها، لأن لحظة الصدام الحقيقي مع مصر ستكون لحظة زوال إسرائيل وانتهاء أسطورتها إلى الأبد.