رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مبادرة "بداية" وتعديل سلوك شخصية "الأنا"

الأنا.. طريقه ومنهجه فى رحلة بناء شخصيته ومطامعه وتحقيق أهدافه للوصول نحو الهدف الأسمى الذى يكمن بداخله.. مستغلًا فى ذلك وصوله وقربه من أصحاب القرار وعلاقته القوية بهم وثقتهم الوطيدة به.. يتحرك بحسابات دقيقة جدًا لا يهمه سرقة أفكار الغير وتطويرها وتنفيذها ليظهر شخصية البطل أمام الجميع.. يتحلى بالكثير من المظاهر الطيبة والكلمات الرقيقه أو حتى يتملص فى ثوب الدين وأفكاره.. هدفه الأسمى بأن يظهر بصورة جيدة وإطلاق الصورة الذهنية التى يتقبلها الطرف الآخر سواء كان مواطنًا أو مسئولًا أو متخصصًا.. كأنه ديكتاتور ينفذ أنانيته ورغباته فى صورة الرجل الصالح دون أن تثبت عليه أى خطأ بل يكسب حبًا وثقة وعطاء.

تلك هى ملامح الكثير من الشخصيات النرجسية التى نعيش معها فى مجتمعنا والكثير منهم الآن فى مناصب ذات أهمية كبيرة فى الوطن وصلوا لرغباتهم وحققوا غايتهم بطريقة «الأنا» .. حتى إنهم يختلسون مقترحات وأفكار الغيورين على الوطن نحو التغيير ويقومون بتطويرها وتعديلها ويقدمونها بأسمائهم للارتقاء من شخصياتهم، وكسب ثقة أكبر بهذا التملق ليظلوا فى هذا الرغد والنعيم الذى يتمتعون به ومنحه الوطن لهم من أجل الارتقاء به وخدمة المواطن والوطن والعمل على رفعته، ولكنهم يفكرون فى مصلحتهم الشخصية أولًا، ثم إن كان بداخلهم  ذرة قليله تجاه حب الوطن والثقة التى وكلت إليهم، ولكن مبدأهم «مصلحتهم أولًا».
وأيضًا عايشنا من سُحبت منه تلك الثقة بعد النعيم الذى كان فيه، فهو يتخبط بين هذا وذاك.. يفكر فى حجم ومكان النعمة التى كان فيها.. جنى الكثير لمصالحه الشخصية وظلم الكثير.. ويا ليت يعلم حجم التملق الذى فعله وتسبب فى ضياع حقوق الكثير من الغير.. ويا ليت أيضًا يعلم بأنها دنيا فانية، وسيحاسب على كل ما فعله وتحت أى ثوب أو لسان تملق به أو زيف كسب به ثقة لينفذ طموحاته ورغباته.

بناء الشخصية الحقيقية التى يتطلبها الوطن يجب أن تتحلى بالضمير اليقظ ذى القلب السليم المراقب الله تعالى فى كل أموره بعيدًا عن المطامع والأنا والغابة المتخبطة التى بداخله من أجل تملك القوة والسلطة وطموح مبنى على مطامع وحقوق الآخرين.. فإن كنت غير مفيد ولا تقدم الخير والمنفعة للمواطن والوطن، فليس عيبًا بأن تترك الساحة لمن له القدرة على ذلك.. حتى وإن كانت مؤهلاته أو معارفه بسطاء ليسوا بحجم شخصيتك، ولكن الخير الذى يفعله سيعم على الكثير.. يكفى أنه يتمتع بضمير حى ولا يمتلك شخصية «الأنا» التى حضرتك تتفاخر بها.
كل إنسان خلقه الله تعالى لشأن معين وجعلنا بعضكم فوق بعض درجات لنكمل بعضنا بعضًا ونؤدى مهام حياتنا اليومية التى نعيشها.. فمهما سعى الإنسان فلا يأخذ إلا ما كتب له لقوله تعالى «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى»، فكله مقدور ومكتوب منذ خلق الإنسان حتى لقاء خالقه.

وتأتى المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان» وهى مشروع قومى يعمل على استفادة المواطن من موارد الدولة بعدالة وفاعلية، وهى مشروع قومى للتنمية البشرية، بداية جديدة فى ضوء توجيهات رئيس الجمهورية؛ لتنفيذ برامج وأنشطة تغطى كل المحافظات، وتستهدف جميع الفئات العمرية، وتعمل المبادرة على الحفاظ على القيم والأخلاق والمبادئ بدعم من الأزهر والكنيسة ووزارة الأوقاف، والتشجيع على الإبداع والابتكار والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
نأمل من تلك المبادرة تغيير ملامح الشخصية المصرية الانتهازية «الأنا»، وتعديل السلوك الداخلى بداخلها لتنشر ثقافة تقبل الآخر وإتاحة فرصة للآخرين بتقديم أنفسهم وأفكارهم والحصول على مكانتهم فى المجتمع وبين الصفوف الأولى لمتخذى القرار وأولى الأمر، لأن محور بناء الإنسان يأتى ضمن برنامج الحكومة الجديدة من خلال استراتيجية وخطوات تنفيذية واضحة على الوزارات وهيئات الدولة كافة، إضافة إلى القطاع الخاص.