النائب عبدالهادى القصبى: اشتعال الأوضاع على جميع حدودنا ليس صدفة.. والهدف إشغال مصر
قال الدكتور عبدالهادى القصبى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «مستقبل وطن» فى مجلس النواب، زعيم الأغلبية البرلمانية، إن اشتعال الأوضاع على حدود مصر من جميع الاتجاهات ليس مصادفة، بل هو أمر مقصود لإشغال الدولة المصرية، وجعلها تنكفئ على نفسها وتبتعد عن مسار التنمية.
وأضاف «القصبى»، فى حواره مع «الدستور»، أن الوضع المشتعل حاليًا يجعل المنطقة برمتها على فوهة البركان، وهو ما حذرت منه مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى عدة مرات، مؤكدًا أنه رغم محاولات ضبط الإيقاع والسيطرة على الموقف، فإن احتمالية اندلاع حرب إقليمية فى المنطقة أمر وارد للغاية.
وتابع أنه رغم كل التحديات المحيطة، تسير مصر فى طريقها للتنمية، ويهتم الرئيس السيسى ببناء الإنسان المصرى ودعم قدراته، عبر العديد من المبادرات التنموية فى المجالات المختلفة، لعل أهمها مبادرة «حياة كريمة»، التى تعد نقلة نوعية كبيرة للإنسان المصرى فى الريف والقرى والنجوع.
■ بداية.. ماذا عن رؤيتك لما يحدث على كل الحدود المصرية؟
- ما يحدث فى الإقليم بصفة عامة سبق وحذر منه الرئيس السيسى، الذى دق جرس إنذار قبل حدوث تداعيات خطيرة تجعل المنطقة برمتها على فوهة بركان وقابلة للاشتعال فى أى لحظة، وهى الآن كبرميل بارود قابل للانفجار مع أى خطأ حتى ولو غير مقصود.
ما يحدث الآن أمر خطير، والرئيس عبدالفتاح السيسى كان بعيد النظر، وحذر من الوصول إلى هذا الوضع الإقليمى الصعب بالمنطقة، لأنه رجل عسكرى واستراتيجى ومعلوماتى وسياسى، ولديه من الخبرة والعلم ما يجعلاه يتوقع هذا الأمر منذ البداية، ورغم هذا الوضع الخطير الذى يحيط بحدود مصر من كل الاتجاهات، فإن الدولة المصرية بقيادتها وجيشها العظيم قادرة على مواجهة كل هذه التحديات.
■ كيف ترى التأثيرات المباشرة لتلك التحديات على الأوضاع فى مصر؟
- لا يخفى على أحد فى الإقليم أو القوى الدولية أن ما يحدث الآن يؤثر بالطبع على مصر، التى تكاد تكون محاصرة بالمشاكل والتحديات التى تؤثر على الاقتصاد القومى، وهذا ليس من قبيل المصادفة، بل أكاد أجزم بأن مصر مستهدفة بالفعل، وتواجه تحديات جسامًا، وما يحدث يكبد مصر خسائر عظيمة، وعليك أن تكون دائمًا على أهبة الاستعداد، خاصة الجيش المصرى العظيم، وهذا بالطبع يتطلب ميزانيات كبيرة، وهو أمر ضرورى وحتمى لا بد منه.
وهنا لا بد أن نقف جميعًا إجلالًا وتقديرًا لرؤية القائد والزعيم الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى عمل على تنويع مصادر السلاح، وإمداد الجيش المصرى بكل الاحتياجات الضرورية لحماية أمن مصر القومى وتأمين الحدود المصرية، فى الوقت الذى كانت هناك أصوات مغرضة تتساءل: لماذا كل هذا السلاح والعتاد لتحديث وتطوير منظومة الدفاع والردع للجيش المصرى؟
■ وماذا عن الخسائر أو التأثيرات غير المباشرة؟
- كما قلت، هناك خسائر وتأثيرات كبيرة مباشرة وغير مباشرة، وسنضرب مثلًا واحدًا ليعرف الجميع مقدار التحديات والخسائر، وهو الوضع فى قناة السويس، التى فقدت ٤٠٪ من إيراداتها بسبب تطورات حرب غزة، وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة، وهو ما تفعله مصر، وهذا كله بسبب تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، وغيرها من الأمور التى أثرت بالسلب على الاقتصاد القومى، وعلى الرغم من ذلك الدولة المصرية صامدة.
■ هل ترى أن تلك التحديات أثرت على ملف التنمية فى مصر؟
- رغم كل تلك التحديات، مصر تسير فى طريقها للتنمية، ويأتى على رأس أولويات الرئيس تنمية الإنسان المصرى ودعم قدراته، ولذلك وجدنا العديد من المبادرات التنموية فى المجالات المختلفة، ولعل أهمها مبادرة «حياة كريمة» التى تعد نقلة نوعية كبيرة للإنسان المصرى فى الريف والقرى والنجوع ليس هذا فقط، بل هناك مبادرات مختلفة فى مجالات الصحة، سواء «١٠٠ مليون صحة»، أو «القضاء على قوائم الانتظار»، أو «القضاء على فيروس سى»، أو «مقاومة أمراض السرطان»، وغيرها من تلك الأمور، كما أنه على الرغم من كل تلك التحديات وما يحاك ضدنا، فإن الرئيس يولى دائمًا اهتمامًا كبيرًا بملف الحماية الاجتماعية.
■ ننتقل تحديدًا للحدود الشرقية وما يحدث فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر.. ما تأثيره على الداخل والأمن القومى المصرى؟
- ما يحدث على الحدود الشرقية أمر جلل وخطير، وهو إبادة جماعية لشعب أعزل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى، الذى يستخدم الآلة العسكرية الظالمة والبطش لتحقيق التغيير الديموغرافى والجغرافى فى قطاع غزة، فهو يغير حتى الشجر والحجر، وبالطبع ما يحدث فى غزة له صدى فى الداخل المصرى؛ نظرًا للارتباط الوثيق بين غزة ومصر من علاقات نسب ومصاهرة ولغة ودين، وغيرها من الأمور.
وهنا لا بد أن نؤكد أن مصر أدت، وما زالت تؤدى دورها المساند لأهالى قطاع غزة بتقديم المساعدات الإنسانية لهم، فمصر أكبر دولة أسهمت فى إمداد القطاع بالمساعدات الإنسانية المختلفة.
■ كيف ترى التحركات المصرية المستمرة فى هذا الملف ورعايتها المفاوضات من أجل التوصل لوقف إطلاق النار فى القطاع؟
- أدانت مصر منذ اللحظة الأولى الحرب الظالمة على قطاع غزة، ووصفتها بأنها حرب إبادة، وعملت مصر، وما زالت، بكل الطرق والسبل من أجل إيقاف الحرب، واستقبلت خلال الفترة الماضية كثيرًا من زعماء العالم والقوى الفاعلة، وكانت الدبلوماسية المصرية نشطة جدًا لتوضيح الأمر وشرح الموقف والتحذير مما وصلنا إليه الآن، فى ظل التعنت الإسرائيلى الواضح.
كما أدت مصر دورها القومى والعروبى من أجل دعم المفاوضات والوصول إلى حل لإيقاف الحرب التى راح ضحيتها أكثر من ٤٠ ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وذوو الإعاقة، إلا أنها فى كل مرة تصطدم بالتعنت الإسرائيلى الذى يقر به الداخل الإسرائيلى نفسه.
■ ماذا عن رؤيتك للدبلوماسية الرئاسية وتحركات الرئيس السيسى فى هذا الملف؟
- الرئيس السيسى يتواصل باستمرار مع كل القوى الفاعلة، على رأسها القيادات فى أمريكا، وكذلك يتواصل مع الأشقاء فى قطر وبقية الزعماء العرب، من أجل التوصل لوقف الحرب، كما يتواصل مع الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء وقادة القوى الفاعلة فى العالم، من أجل إيقاف الحرب.
■ ما الأعباء التى تتحملها الدولة المصرية بسبب الأوضاع فى غزة تحديدًا؟
- تحملت مصر وتتحمل أعباءً كبيرة جدًا، وهذا دور مصر القومى والعروبى، سواء بالعمل على توفير المساعدات الإنسانية، أو الأهم من ذلك كله عدم تصفية القضية الفلسطينية بمنع التهجير الذى كان الاحتلال الإسرائيلى يرغب فى تنفيذه، ولولا مصر ورئيسها لتمت تصفية القضية الفلسطينية.
■ كيف ترى تحركات إسرائيل الآن؟
- إسرائيل الآن حبيسة تيار متطرف وصل للحكم ويتحكم فى مقاليد الأمور، وغاب صوت العقل عن الموقف الإسرائيلى الرسمى، ولذلك كل يوم تزداد البقعة الساخنة انتشارًا، فالأمس كانت غزة، واليوم الضفة الغربية، مرورًا بما تم من تصفيات واغتيالات، وما يحدث من حرب فى الشمال مع حزب الله، لذلك المنطقة برمتها قابلة للانفجار بسبب اليمين المتطرف الإسرائيلى، الذى يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أنه يريد الحرب ويعيش على الدماء، وغير مبال بالانتقادات الدولية أو حتى الداخلية.
كما أن تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلى بات معروفًا للداخل والخارج، وبأنه يضع العراقيل تلو العراقيل لاستمرار الحرب وعدم إبرام صفقة لتبادل الأسرى.
■ هل ترى أن هناك تربصًا بالدولة المصرية فى ظل اشتعال الأوضاع حولها؟
- الجميع بات على يقين أن ما يحدث هو أمر غير طبيعى، بل مقصود لإشغال الدولة المصرية وجعلها تنكفئ على نفسها، فليس من قبل المصادفة أن يحدث اشتعال للأوضاع على كل الحدود المصرية فى وقت واحد.
■ ما رسالتك الآن للمفاوض المصرى فى ظل الجهود المبذولة من أجل الوصول لوقف إطلاق النار؟
- المفاوض المصرى شريف ونزيه ومشهود له بالكفاءة والخبرة والعلم، وهو يعلم طبيعة تلك الأمور، خاصة فى ظل ما لديه من معلومات يعمل من خلالها لصالح الأمن القومى المصرى، ولصالح القضية الفلسطينية والعدل والحق، من أجل الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، ومن ثم الوصول إلى دولة فلسطينية على حدود ٦٧ وإقرار سلام عادل وشامل.
■ ماذا عن التحركات المصرية المستمرة من أجل إجهاض المخططات الإسرائيلية وعلى رأسها «التهجير»؟
- كما قلت فى البداية، مصر كانت على علم بمخطط التهجير، وعملت على إحباطه، من خلال فضح كل وسائله المختلفة وطرقه المتعددة، وبذلت مصر مجهودات كبيرة فى هذا الشأن، بشكل نابع من ثوابتها الوطنية، ونجحت مصر بامتياز فى ضرب هذا المخطط، بل الضغط على المجتمع الدولى للعمل على إدانة التهجير من قطاع غزة.
■ هل تتوقع إبرام صفقة ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة قريبًا؟
- فى ظل كل المعطيات الحالية ورغم كل الجهود الكبيرة التى يجريها الوسطاء، فإن هناك تعنتًا إسرائيليًا كبيرًا بوضع عراقيل على أى صفقة، وكلما اقتربنا نبتعد مرة أخرى بسبب التعنت الإسرائيلى، وإضافة شروط جديدة، وعلى الرغم من ذلك مصر لا تفقد الأمل فى الوصول إلى الصفقة ووقف إطلاق النار ووقف الحرب على غزة.
■ مصر حذرت من توسيع رقعة الصراع وكانت تلك النقطة محور حديث الرئيس السيسى فى كل اللقاءات والاتصالات والمحافل الدولية.. إلى أين تتجه الأمور برأيك؟
- ما حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أكثر من ١٠ أشهر من انطلاق تلك الحرب، تحقق الآن، فالمنطقة كما قلت على حافة الهاوية. ومن الممكن- وهذا احتمال وارد رغم محاولة ضبط الإيقاع- أن تندلع حرب إقليمية، فما يحدث فى الشمال مع حزب الله، وما يحدث من محور المقاومة فى العراق واليمن وسوريا، وما حدث من اغتيالات، سواء لإسماعيل هنية فى إيران أو قيادات حزب الله، يجعل الأمور كلها معقدة وقابلة للاشتعال، إذا ما حدث أى خطأ فى التقديرات.
■ كيف ترى التحركات المصرية فى ليبيا من أجل لم الشمل وتهدئة الأوضاع هناك؟
- مصر تعمل دائمًا على ضمان وحدة الشعب اللبيبى ووحدة أراضيه، وفى هذا المقام تؤدى مصر دورًا كبيرًا جدًا فى إعادة توحيد الجيش الليبى ليكون لكل الليبيين، والعمل على الانطلاق لبناء المستقبل فى ليبيا الشقيقة وبناء قدراتها وفق محددات وطنية خالصة، ومن هذا المنطلق مصر تؤدى دورًا كبيرًا لدعم الدولة الليبية.
ماذا عن الوضع فى السودان؟
- مصر تراقب عن كثب تطورات الأحداث بالسودان، كما عرضت إمكانية إجراء حوار سودانى فى القاهرة، وما يحدث فى السودان تدفع تكلفته مصر، حيث تستضيف عددًا كبيرًا جدًا من الجالية السودانية ممن فروا من الحرب، وتتكفل بهم مصر وتعاملهم معاملة المصريين، وهو ما كبّد الاقتصاد المصرى أعباءً إضافية.