الذين لا يريدون أن تنتهى الحرب!
تبدو حرب غزة أبدية؛ فلا أحد من الأطراف المشتبكة تقريبًا يريد أن تنتهى الحرب! هذه الحرب فرصة إسرائيل الكبرى للتوسع المراد من قديم، وبالنسبة لحماس تمثل الحرب إعلانًا صريحًا عن الحق الفلسطينى المهضوم، شمل العالم فعلًا، وجعل شعوبًا كثيرة تغنى غناءً جماعيًا باهرًا للأرض المغصوبة.. هذا عن الطرفين الأساسيين فى هذه الحرب، وأما الأطراف الأخرى المشتبكة من بعيد؛ فالولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تصر على دعمها الكامل لإسرائيل، وتسمية جرائمها الحربية بالدفاع عن النفس، ومدها بالسلاح، والتواجد بالقرب منها للحماية المباشرة إذا لزم الأمر، وبالرغم من موقفى بريطانيا وفرنسا الظاهر المتفادى لاندلاع حرب إقليمية فى المنطقة، إلا أنهما، فى العمق، تميلان رسميًا إلى إسرائيل ميلًا نهائيًا، وفى تفسير الموضوع، معلوم أن إسرائيل صناعة أمريكا وبريطانيا وفرنسا بالأساس، وهى شوكتهم التى زرعوها فى المنطقة، ويدهم الطولى التى من خلالها ينالون مآربهم...
محور المقاومة، محور مقاومة إسرائيل والنفوذ الأمريكى فى المنطقة، وهو تحالف جماعات مسلحة فى كلٍ من لبنان والعراق وسوريا واليمن مدعومة من إيران، وهو محور نشط لا تتوقف عملياته ضد إسرائيل ولا المصالح الأمريكية «حزب الله اللبنانى وحركة أنصار الله اليمنية نموذجًا» ومهما يكن هذا المحور مساندًا لفلسطين وعدالة قضيتها، إلا أن نشاطه الملتهب يزيد من تعقيدات الأوضاع فى الشرق الأوسط، ويمنح إسرائيل وحلفاءها ما يريدان من المسوغات لاستمرار العدوان على غزة والضفة وكل فلسطين، لا أعنى هنا أنه يجب أن يتوقف، وهو لن يتوقف بكلمة أو تحليل مهما يكونا، بل لماذا يتوقف هو ولا يتوقف الجموح الإسرائيلى الشرير المحتل ابتداءً؟ أنا هنا أشير إلى عوامل تؤجج النيران على كل حال، وتفتح الباب لحرب شاملة شديدة الخطورة، قد لا تبقى ولا تذر، خصوصًا أن هناك أطرافًا نووية تراقب ما يجرى، دون دخول فعلى فى ساحاته حتى الآن، كالصين وروسيا وكوريا، وهى دول الكتلة الشرقية المعادية للغرب الموالى لإسرائيل!
المفاوضات دومًا ما تفشل، القاهرة تحاول والدوحة تحاول، ولكن الغطرسة الأمريكية والصلف الإسرائيلى يحولان دون نجاح الوسائط، ولا يمكن النظر إلى الحماسيين بنفس العين التى تنظر للطرف الآخر الذى انتهز حدث السابع من أكتوبر انتهازًا فادحًا؛ فبالغ فى الرد عليه مبالغة رهيبة كشفت خبث نواياه أكثر وأكثر، وهو سارق الأراضى ومنتهك الأعراض ودائس المقدسات أصلًا...
لا بد من حل، بعد أن صار حل الدولتين بلا عنوان، وبعد أن أوغرت الصدور، ونما فى نفس كل طفل فلسطينى ثأر فظيع تجاه ساكن الجوار الذى فرضته عليه السنون.. لا بد من حل فورى يجنب العالم ويلات وأهوالًا لا قبل له بها، وقد يكون بعضه فى أيدى بقية العقلاء السلميين بالكرة الأرضية!