رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إيجابيات مخفية فى برنامج الإصلاح الاقتصادى

رغم السلبيات الكثيرة التى يشعر بها المواطن جراء برنامج الإصلاح الاقتصادى التى تسير فيه مصر قُدمًا بالتزامن مع قرض الـ8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولى، ومن تلك الصعوبات ارتفاع بعض الأسعار ومن أهمها ارتفاع أسعار الوقود. 
فإن هناك الكثير من الإيجابيات على الاقتصاد المصرى بشكل عام قد لا يشعر بها أو حتى يراها فى الوقت الحاضر المواطن. 
من تلك الإيجابيات ما كشفه تقرير صندوق النقد الدولى الأخير، ومع توصيات بتخفيف الشروط خلال المرحلة القادمة، فقد أعلن صندوق النقد الدولى مؤخرًا عن تخفيف بعض شروط حزمة الدعم المالى المقدمة لمصر، والبالغة 8 مليارات دولار، ومنح القاهرة وقتًا إضافيًا لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.

تخفيف الشروط من قِبل الصندوق
يشمل المراجعة الجديدة التى وافق عليها الصندوق أواخر يوليو، وتم الإعلان عنها مؤخرًا، ومنها تأجيل نشر عمليات التدقيق السنوية للحسابات المالية التى يصدرها الجهاز المركزى للمحاسبات إلى نهاية نوفمبر بدلًا من الموعد الأصلى فى نهاية مارس، انتظارًا لتعديل القانون المنظم لعمل الجهاز.
وأعطى الصندوق مصر مهلة إضافية حتى نهاية أغسطس لإعداد خطة إعادة رسملة البنك المركزى، بدلًا من الموعد الأصلى فى نهاية أبريل، وذلك لتقدير حجم رأس المال الجديد المطلوب ووضع استراتيجية مناسبة.

وأشار الصندوق إلى أن مصر قد تتخلى عن زيادات أسعار الوقود الفصلية إذا التزمت برفع الأسعار إلى مستويات تعادل التكلفة بحلول نهاية عام 2025.
أما أهم الإيجابيات التى كشفها الصندوق، فهى أن الجهات الحكومية فى مصر ستقوم بخفض مديونياتها للبنك المركزى بمقدار 100 مليار جنيه سنويًا «ما يعادل نحو 2 مليار دولار»، حتى تصل إلى الصفر، وذلك ضمن خطة العمل المتعلقة بمطالبات البنك على الهيئات والجهات الحكومية سددت بالفعل 150 مليار جنيه من مطالبات البنك المركزى بحلول نهاية يوليو، كما أوضح التقرير أن عمليات السحب على المكشوف من البنك المركزى التى قامت بها وزارة المالية انخفضت بشكل ملحوظ منذ فبراير، لتصل إلى الصفر بحلول 31 مايو.

وفيما يتعلق بخدمة الدين، أفاد الصندوق بأن مدفوعات مصر ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى نحو 9% من الناتج المحلى الإجمالى خلال أول عشرة أشهر من العام المالى الجارى، ما يمثل نحو 51% من إجمالى الإنفاق و84% من إجمالى الإيرادات.
وأضاف التقرير أن تخصيص الإيرادات غير المتوقعة لوزارة المالية من بيع حقوق التنمية فى مشروع «رأس الحكمة» أسهم فى تقليل احتياجات التمويل الإجمالية وخفض الديون. 
وأكد صندوق النقد الدولى أن التزام السلطات المصرية باستخدام جزء كبير من التمويل الجديد من اتفاق «رأس الحكمة» لتعزيز الاحتياطيات وتسريع تسوية الديون المتراكمة بالعملة الأجنبية وخفض الديون الحكومية مسبقًا، يعد خطوة حكيمة.
كل تلك الإيجابيات تصب فى مصلحة الاقتصاد المصرى على المدى البعيد وتكشف بشكل واضح أن ضغط الجهات الحكومية على البنك المركزى انتهى بتصفير المديونيات، وتؤكد تلك الوثيقة الدولية أن التصرف الرشيد الذى تم فى التعامل مع الأموال التى وصلت من صفقة رأس الحكمة سيكون له أثر كبير على مصر وأنها تسير فى الطريق الصحيح. 
تبقى العقبة الكبرى أمام الدولة المصرية فى السيطرة على سعر الصرف بشكل دائم والبدء بشكل جاد فى جذب استثمارات أجنبية ودعم السياحة والتصدير، مع الأخذ فى الاعتبار أن أكبر مشكلة تواجه الحكومة هى رفع الدعم عن الوقود ووصوله لسعر التكلفة العالمية مع عدم حصول المواطن على دخل يقارب دخول بعض الدول التى لا تدعم الوقود. 
لو نجحت الدولة فى حل المشكلتين سواء سعر الصرف وأسعار الوقود، فإنها سوف تعبر الأزمة ومعها شهادة دولية بنجاح برنامجها الإصلاحى.