مصر الآمنة وسط إقليم مشتعل.. إرهاب وانقلابات فى إفريقيا وحروب على الحدود
منذ اندلاع عملية طوفان الأقصي فـي 7 أكتوبـر الماضي، ومـا تلاهـا مـن عـدوان إسـرائيلي مستمر على قطاع غزة، باتـت منطقـة الشـرق الأوسـط فـوق صفيح ساخن فـي ظـل احتمالات انفـلات التطـورات بيـن الفنيـة والأخـرى وتحولهـا إلـى صـراع إقليمي أوسـع.
هذا بالتزامن مع الصراعات في إفريقيا، والأزمة السودانية الحالية، بجانب تدهور الأوضاع الليبية، والوضع في البحر الأحمر والتهديدات الإيرانية بشن هجومًا على إسرائيل، بالتزامن مع القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل.
ورغم محورية حرب غزة اتصالا بـأن أي صيغـة تسـوية مقترحـة سـوف تسـعى لترسـيخ معادلـة سياسـية وأمنيـة جديـدة فـي الشـرق الأوسـط، إلا أنه لا يمكن إغفـال تأثيـر العديـد مـن الأزمـات والصراعـات التـي لا تـزال مفتوحـة دون حـل نهائـي مثـل الأزمات فـي ليبيا وسوريا والسودان.
ولا تزال التهديـدات الناشـئة عـن سـلوكيات بعـض القـوى الإقليمية التـي تسـعى التحولات الراهنـة التـي يشـهدها النظـام الدولـي والإقليمـي مســتمرة لضمان إعادة تموضعها وتوســيع هيمنتهــا ونفوذهــا الإقليمي، وعلــى رأســها تركيا وإيران وإثيوبيا.
الأزمة في غزة
ما زال العدوان الإسرائيلي مستمرا في قطاع غزة، وأنهي جيش الاحتلال عمليات أحــدات الفرقــة 98 شــرق مدينــة خان يونس، بينمــا تستمر العمليات في مناطــق متعــددة علــى جبهــة رفــح، وتعمــل إســرائيل على السـيطرة علـى محـور فيلادلفيـا ومعبـر رفـح، وإنشـاء محـور ديفيـد قــرب الحــدود المصريــة لتغييــر المشــهد جنــوب القطــاع.
كما ارتفعت حصيلة الشهداء منذ أكتوبر في قطاع غزة إلي 40265 والإصابات إلى 93144 منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات والشوارع، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وتلعب مصر دور محوريًا في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وتستضيف القاهرة الفترة الحالية وفود مختلفة لاستكمال مباحثات هدنة غزة.
الحرب في السودان
وتشهد السودان حرب واسعة بين قوات الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، أسفرت عن وقوع عشرات القتلي والجرحي، بجانب تدمير البنية التحتية وانتشار المجاعة والأوبئة والأمراض.
وتبذل القاهرة جهودا مكثفة منذ اندلاع حرب ميلشيا آل دقلو الإرهابية، لا سيما استضافتها السودانيين وكذلك جهودها لتحقيق السلام ومبادرتها لاستضافة الاجتماع التشاوري مع الولايات المتحدة الأمريكية الذي لم ينعقد لظروف تتعلق بوفد الولايات المتحدة الأمريكية.
قررت حكومة السودان إرسال وفد حكومى للقاهرة للقاء الوفد الأمريكي وقد وصل اثنان من أعضاء وفدها إلى القاهرة منذ يوم الإثنين 19 أغسطس الجاري وما زال هناك فى انتظار التحاق الوفد بهما، وهذا تأكيد على جديتنا ورغبتنا الصادقة في استمرار التشاور السابق الذي ابتدرناه مع الولايات المتحدة الأمريكية بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 9 وحتى 10 أغسطس الجاري.
وأشارت القوات المسلحة السودانية إلى أنه ليس لهذه المشاورات أي علاقة بما يجري في اجتماعات جنيف، ولكنها هدفت لتوضيح رؤيتنا حول تنفيذ إعلان جدة الموقع بتاريخ 11 مايو 2023.
وتواجـه المفاوضـات المقـرر عقدهـا فـي منتصـف أغسـطس الجـاري بجنيـف، مجموعـة مـن التحديـات أمـام فـرص نجاحهـا منهـا؛ محاولـة اغتيال البرهان، موقـف تيـار الإسلاميين داخـل الجيـش السـوداني الرافـض لوقـف الحـرب، ومسـتقبل الدعـم السـريع بعـد الحـرب.
ومن المتوقع استمرار الصراع على المديين القريب والمتوسط مع استمرار الأوضاع الراهنة والتدخلات الخارجية.
الأزمة الليبية
وفي ليبيا، يسـيطر الجيـش الوطنـي الليبـي بقيـادة خليفـة حفتـر علـى شـرق ليبيـا وجنوبهـا، بينمـا تتركـز الهيـاكل الميليشـياوية فـي مناطـق الغـرب الليبـي.
وينضوي الجيش الوطني الليبي تحــت قيــادة البرلمان الليبــي، ويتمركز بشكل رئيسي في مدن الشرق مثل بنغـازي وطبـرق والبيضـاء والمـرج، ويتولـى قيادتـه حاليـا المشـير خليفـة حفتـر فـي منصـب القائد، والمستشــار عقيلــة صالــح رئيــس البرلمان في منصب القائد الأعلي.
وتتألـف مـن مجموعـة مـن التشكيلات شـبه العسـكرية والميليشـياوية، التـي تتقاسـم النفـوذ والسـيطرة فـي الجانـب الشـمالي الغربـي مـن ليبيـا، فـي النطـاق السـاحلي إلي الحـدود مـع تونـس، بمـا فـي ذلـك العاصمـة طرابلـس ومـدن مصراتـة والزاويـة والخمـس.
وتضـم هـذه التشكيلات الرابـط بيـن غـرب مدينـة سـرت، الوحدات التابعة لرئاسة الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وهي وحدات برية وبحرية وجوية، تنتشر في النطاق المذكور سابقًا.
فيما تتركز ميليشيات متنوعة في المدن الساحلية شمال غرب البالد، بجانب العاصمة طرابلس، وأهمها ميليشـيات وسـط العاصمـة، وتعـد قـوة حمايـة طرابلـس مـن أهـم تجمعـات الميليشـيات فـي وسـط وشـرق العاصمـة الليبيـة، ويضـم عـدد مـن الميليشـيات، أهمها ميليشــيا كتيبــة ثــوار طرابلــس، وميليشــيا النواصــي، المعروفــة أيضــا باســم القــوة الثامنة، وميليشــيا قــوة الــردع، وتتمركــز بصــورة أساســية فــي محيــط مطــار معيتيقـة، وميليشـيا ”البقـرة“، المعروفـة أيضـا باسـم ”الكتيبـة 33 مشـاة“.
وتستمر الأزمات الأمنية المرتطبة بالميليشيات، بجانب التنافس الدولي على الحضور العسكري في ليبيا، وتصاعد الأزمات المرتبطة بتأمين المناطق الحدودية، وجمود ملف توحيد المؤسسات الأمنية.
وتتحرك مصر أيضا بإتجاه خفض التصعيد في لبيبا، وتستمر رعايـة مصـر للحـوارات السياسـية مـع الأطـراف الليبيـة، سـواء علاقـات اسـتراتيجية بأطرافـه، مـع اقتـراح انفتـاح نسـبي علـى معسـكر الغـرب ولـو عبـر القنـوات غيـر الرسـمية.
هذا بجانب مواصلة دعم القاهرة لجهود توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية الليبية، وذلك من خلال استئناف اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، وتكثيـف أوجـه التباحـث والتنسـيق بيـن مصـر مـن جانـب والطـرف الأمريكـي والأوروبـي مـن جانـب آخـر، علـى قاعـدة البنـاء علـى النقـاط محـل التوافـق بيـن المؤسسـات الأمنيـة، وربمـا تدفـع تشـكيل حكومـة موحـدة فـي ليبيـا، أو ضـرورة إجـراء الإنتخابات، وتوحيـد المؤسسـات الليبيـة، خصوص الجانبيـن، سـواء هـذه المباحثـات باتجـاه نـزع عبـاءة الدعـم مـن قبـل بعـض الأطـراف الغربيـة عـن الدبيبة.
