ثقة الرئيس.. انحياز جديد لـ"الحوار الوطنى"
منذ دعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني في أبريل عام 2022، تأكدت أننا أمام مرحلة جديدة، ليس على مستوى العمل السياسي والنشاط الحزبي فقط، ولكن في كافة الملفات والمجالات، خاصة ما يؤثر منها بشكل مباشر على المواطنين.
حضرت، وتابعت باهتمام بالغ أيضًا، كافة التفاصيل المتعلقة سواء بتجهيزات انعقاد جلسات الحوار الوطني بدءًا من انطلاقه مرورًا بالجلسات الحوارية والنقاشية، وحتى التوصيات الصادرة في مختلف مراحل الحوار في مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية، وكان لافتًا أن هناك موضوعًا دائمًا يُطرح في الجلسات الرسمية أو في الحوارات الجانبية خلال المناقشات وهو ملف الحقوق والحريات، وتحديدًا ملف "الحبس الاحتياطي".
وبدأ الرئيس السيسي اتخاذ خطوات جادة في هذا الملف عبر تشكيل لجنة العفو الرئاسي في أبريل 2022، لمراجعة موقف المحبوسين احتياطيًا وكذلك الصادر بحقهم أحكام نهائية، وأصدرت بالفعل العديد من القرارات سواء بإخلاء سبيل مئات من المحبوسين احتياطيًا أو بالعفو الرئاسي عن بعض الصادر بحقهم أحكام نهائية، وهو ما لاقى ترحابًا شديدًا من كافة القوى دون استثناء، لا سيما القوى الشبابية، حيث نجحت تلك الخطوة - مع غيرها من الخطوات- في بناء جسور ثقة بين السلطة التنفيذية والحكومة من جانب، والمشاركين في جلسات الحوار الوطني من جانب آخر، بمختلف الأفكار والأيديولوجيات السياسية والفكرية.
ونجح الحوار الوطني عبر مراحله المختلفة في تحقيق التوافق والوصول بالمشاركين لمساحة توافق، وأصدر توصيات مختلفة ووجه الرئيس بتنفيذها كاملة طالما كان هناك "توافق عليها". إلا أن نجاح الحوار في الوصول لتوصيات مهمة في ملف الحبس الاحتياطي وتحقيق العدالة الجنائية تعد بمثابة إنجاز تاريخي يحسب لرئيس الجمهورية الذي دعا للحوار وأعلن عن استجابته لكافة التوصيات في مختلف القضايا، وكذلك يحسب للحوار الوطني والمشاركين فيه بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم السياسية.
وجاءت توجيهات الرئيس السيسي اليوم بإحالة التوصيات للحكومة وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل التوصيات المتوافق عليها بشأن الحبس الاحتياطي استجابةً لمناقشات الحوار الوطني، لتكون بمثابة انحياز جديد من جانب الرئيس للحقوق والحريات وتنفيذًا والتزامًا لبنود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
والآن، نجد أننا أمام منظومة عمل متكاملة داخل الدولة المصرية، ليس كما كان معتادًا أن يغني كل على ليلاه، بل هناك تنسيق بين كافة الجهات والهيئات والسلطات، ففي الوقت الذي ناقش فيه الحوار الوطني ملف الحبس الاحتياطي كانت السلطة التشريعية ممثلة في مجلس النواب تناقش ولا تزال وخلال فترة الإجازة البرلمانية، مشروع قانون جديدًا للإجراءات الجنائية والذي يعد بمثابة دستور جديد للبلاد، يتضمن ما يقرب من 540 مادة تهدف للحفاظ على حقوق المواطنين وحرياتهم بشكل أساسي.
كل تلك الخطوات الجادة تؤكد أن هناك إرادة حقيقية لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والمجتمعي، ومشاركة المصريين أنفسهم في وضع حلول وتصورات لكافة التحديات، وهو ما يستلزم من الجميع أن يكون على قدر تلك المرحلة والثقة التي وضعتها القيادة السياسية في كافة الأطراف والقوى السياسية والمجتمعية والحزبية والشبابية التي شاركت، ولا تزال، في جلسات الحوار الوطني.