رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مباردة "القوة في شبابنا" تناقش القدرة على التسامح بالأعلى للثقافة

محاضرة حول التسامح
محاضرة حول التسامح بالأعلى للثقافة

نُظمت محاضرة بالمجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان: (القدرة على التسامح)، وقدمها الدكتور سعيد المصرى؛ أستاذ الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة والأمين العام الأسبق للمجلس، وتهدف هذه المبادرة إلى دعم ورعاية الموهوبين من الشباب، وتأتي في إطار خطة عمل وزارة الثقافة نحو تعزيز التنمية المستدامة، والحوار الثقافي وتبادل الآراء والخبرات بين الأجيال، وتستهدف الشباب من سن 18 إلى 35 عامًا، وتتضمن فعالياتها عدد من اللقاءات الفكرية والمحاضرات العامة والورش التدريبية.

جاء ذلك في إطار فعاليات مبادرة: (القوة فى شبابنا)، التي انطلقت منذ أيام وتتوالى فعالياتها إلى يوم 22 أغسطس 2024، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والدكتور أسامة طلعت الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.

تحدث الدكتور سعيد المصري متناولًا معاني التسامح ومدلول هذا الاصطلاح قائلًا: "هناك أربعة تصورات للتسامح قد تكون قائمة فى مجتمع واحد وفي وقت واحد وتعكس شيوع التضارب حول معنى التسامح في هذا المجتمع، وتتمحور هذه التصورات الأربعة للتسامح حول السماح المشروط على أسس براجماتية وأخلاقية، والتعايش القائم على التوازن والمصالح المشتركة، والتسامح الاجتماعي القائم على الاحترام المشروط، والتقدير الأخلاقى المتبادل".

وتابع حول مفهوم التسامح الهرمي على أسس براجماتية وأخلاقية، مشيرًا إلى أنه يعنى منح أقلية إذن من جانب الأغلبية أو السلطة للعيش وفقا للمعتقدات الخاصة داخل حدود معينة خاصة، مقابل قبول الأقلية للمركز المهيمن للأغلبية أو للسلطة.

وتأتي شروط التسامح في هذه الحالة بصورة هرمية، بحيث أن يسمح أحد الأطراف لطرف آخر بممارسات معينة بشروط يحددها الطرف الأول، وهذا النوع من التسامح برجماتي من حيث كونه أقل تكلفة في الحياة الاجتماعية وينطوي على اعتبار أخلاقي مؤداه عدم جواز إجبار الناس على التخلي عن معتقدات أو ممارسات معينة راسخة الجذور لديهم.

واستطرد الدكتور سعيد المصري مؤكدًا أن التسامح يمثل ركيزة أساسية للتعايش السلمي؛ فهو هو قبول الآخر واحترام معتقداته وأفعاله ونمط حياته، حتى وإن اختلفت عن معتقداتنا وأفعالنا، وهو أساس لبناء مجتمعات سلمية ومتنوعة، وتتعدد أنواع التسامح على النحو التالي:

التسامح الأفقي: هو اتفاق بين مجموعات على التعايش السلمي بناءً على قواعد مشتركة.

التسامح الاجتماعي: هو احترام معتقدات الآخرين وعاداتهم وقيمهم، حتى وإن كانت تختلف جذريًا عن معتقداتنا.

التسامح الأخلاقى: هو أرقى أنواع التسامح؛ حيث يتم تقدير القيمة الكامنة فى معتقدات الآخرين.

بناء مجتمع متسامح لتعزيز التسامح، يجب على المجتمعات:

التركيز على التعليم؛ فهو يبنى التفكير النقدى والتعاطف وفهم الثقافات الأخرى.

تشجيع التفاعل الاجتماعى: التفاعل مع الأشخاص من خلفيات مختلفة يكسر الحواجز ويقوى التسامح.

غرس القيم الإيجابية: القيم مثل الاحترام والتعاطف والعدالة هي أساس لبناء مجتمعات متسامحة.

ثم واصل الدكتور سعيد المصري حديثه متناولًا أبرز فوائد التسامح التي تتمثل في:

التعايش السلمي: التسامح يمنع الصراعات ويعزز الانسجام.
التماسك الاجتماعي: يقوي الروابط الاجتماعية ويخلق شعورًا بالانتماء.
الابتكار: يشجع التسامح على الإبداع والابتكار من خلال استيعاب وجهات نظر متنوعة.

وفي مختتم حديثه أكد أن جوهر التسامح لا يتمثل في قبول الآخرين فحسب، بل هو التزام ببناء عالم أكثر عدالة وإنصافًا، بفهم أنواع التسامح المختلفة وتعزيز الظروف التي تدعمه، يمكننا بناء مجتمعات أكثر شمولية وتناغمًا، وتتمثل أبرز شروط بناء الشخصية القادرة على التسامح فى بناء القدرة على التسامح عملية معقدة ومتعددة المداخل، وتستغرق وقتا طويلًا فى حياة الشخص والجماعات.

وأكد المصري على أن يجب تنفيذ هذه العملية بصورة متناغمة عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية داخل البيئة التعليمية الرسمية (المدارس)، وغير الرسمية مثل المؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني وفي الأسرة وعبر وسائل الإعلام، كما تساهم برامج تعليم المواطنة وتعليم قيم التسامح داخل المؤسسات التعليمية في بناء الشخصية المتسامحة، وهناك علاقة بين التعليم والتسامح؛ فالتعليم الجيد الذي يبني عقل متفتح وتفكير نقدي يساهم في بناء شخص متسامح، علاوة على إتاحة فرص المعرفة بالثقافات والديانات المختلفة، فهذا يساهم في بناء القدرة على التسامح، وخلق روح نسبية في التفكير والحد من التطرف والصور النمطية والوصمة في الحكم على الآخرين، على اعتبار أن الجهل بالآخر يغذي التعصب ويقوض التسامح.

ولفت المصري إلى أن هناك علاقة بين احترام وتقدير الذات واحترام الآخر في بناء اتجاهات إيجابية نحو التسامح، وتقبل الذات والرضا عن النفس حتى وإن أخطأت، فهذا يساهم في قبول الآخرين وبناء شخصية متسامحة، وتقبل الآخرين باختلافاتهم حتى فى ظل ارتكابهم للإخطاء؛ فهذا يساهم في بناء شخص قادر على التسامح، فضلًا عن تعلم ثقافة الحب وإدراك الجمال نحو بناء مشاعر وجدانية قادرة على التسامح، ويضاف إلى ما سبق تجارب العطاء الإنساني والعمل الخيري والعمل التطوعي، والتفاوض والمصالحة؛ فهي أمور تعزز من قدرتنا على التسامح بطبيعة الحال.