حياة كريمة.. الإدارة بطريقة رشيقة
أطلقت مؤسسة حياة كريمة أول معسكر شبابي لعام 2024 تحت شعار «Agile Youth»، بمشاركة 160 تم اختيارهم بعد شهرين من الاختبارات، يشهد المشاركون على مدار ثلاثة أيام برنامجًا متكاملًا يهدف إلى تطوير مهاراتهم وزيادة وعيهم فى مختلف المجالات. تم تقديم الدعم النفسى للطلاب ومشاركة خطة «حياة كريمة» لصيف 2024.
إلى هنا ينتهى الخبر الأساسى، ولكن خلف هذا الحدث تكمن تفاصيل تستحق الاستكشاف. أولا: «Agile» هو أحد منهجيات إدارة المشروعات المرنة، واستخدامه فى بيئة العمل التطوعى قرار يستحق التقدير من إدارة المؤسسة، إذ يتيح للشباب الجامعى تجربة فريدة، ومرنة، فى كيفية إدارة وتنفيذ المشاريع المجتمعية بكفاءة وسرعة.
استهلال لا بد منه
قصة «Agile» تعود إلى التسعينيات، حيث كان هناك استياء واسع النطاق بين المطورين ومديرى المشاريع من منهجيات إدارة المشاريع التقليدية. كانت هذه الأساليب تعتمد على تخطيط شامل ومسبق لكل خطوات المشروع قبل بدء التنفيذ، مع قليل من المرونة لتغيير الخطط بعد البدء. لكن فى عالم البرمجيات، حيث تتغير المتطلبات بشكل مستمر وتظهر تحديات جديدة خلال عملية التطوير، كانت هذه المنهجيات تعطل الابتكار، وتبطئ عملية التطوير.
فى فبراير 2001، اجتمع 17 من قادة تطوير البرمجيات فى منتجع Snowbird بولاية يوتا الأمريكية لمناقشة كيفية تحسين عملية تطوير البرمجيات. كان هؤلاء القادة يمثلون مدارس فكرية مختلفة فى تطوير البرمجيات، وبعيدًا عن التعقيدات، وعلى الرغم من اختلافاتهم، كانوا جميعًا يبحثون عن أسلوب عمل أفضل يمكن أن يحل محل المنهجيات التقليدية.
خلال هذا الاجتماع التاريخى، توصل المجتمعون إلى صياغة بيان Agile لتطوير البرمجيات «Agile Manifesto». حدد البيان أربع قيم أساسية واثنى عشر مبدأ توجيهيًا تهدف إلى تعزيز التعاون بين الفرق، والمرونة فى التعامل مع التغييرات، والتركيز على تسليم المنتجات ذات القيمة.
بعد تأسيسه، سرعان ما انتشر Agile بين فرق تطوير البرمجيات فى جميع أنحاء العالم. بدأ المطورون ومديرو المشاريع فى تبنى هذه القيم والمبادئ، مما أدى إلى تسريع عمليات التطوير، وتحسين جودة المنتجات، وزيادة رضا العملاء. مع مرور الوقت، تم تطبيق مبادئ Agile فى مجالات أخرى خارج البرمجيات، مثل التسويق، وإدارة المشاريع العامة، وحتى فى التعليم والرعاية الصحية، وأخيرًا فى إدارة فرق العمل التطوعى.
لماذا اختارت حياة كريمة Agile؟
يعتبر نظام «Agile» للإدارة المرنة مثاليا للعمل التطوعى والمجتمعى نظرًا لطبيعة هذه المجالات التى تتطلب الاستجابة السريعة للمتغيرات والمستجدات. فى بيئات العمل التقليدية، قد تواجه المشاريع المجتمعية تحديات كبيرة مثل بطء التنفيذ، وصعوبة التكيف مع التغيرات المفاجئة. لكن مع تطبيق منهجية «Agile»، يصبح بإمكان الفرق التطوعية تخطيط وتنفيذ مهامها بشكل أسرع وأكثر مرونة، مع إمكانية إجراء تعديلات مستمرة وفقًا للاحتياجات الفعلية على الأرض.
تدريب «Agile Youth» جاء نتيجة إدراك مؤسسة «حياة كريمة» أهمية التكيف مع متطلبات العصر الحديث، حيث لم تعد الأساليب التقليدية فى إدارة المشاريع كافية لتحقيق الأثر المطلوب. الشباب اليوم يمتلكون طاقات وإمكانيات كبيرة، ولكنهم يحتاجون إلى إطار عمل يساعدهم على توظيف هذه الطاقات بكفاءة، وهنا يأتى دور «Agile Youth» لتزويدهم بالمهارات والأدوات اللازمة لتحقيق ذلك.
تطبيق حياة كريمة لمنهجية «Agile» عبر مبادرة «Agile Youth» يبشر بتحقيق تحول نوعى فى إدارة وتنفيذ المشاريع المجتمعية، حيث يسهم فى زيادة الكفاءة والإنتاجية من خلال تقسيم المشاريع إلى مهام صغيرة يمكن تنفيذها بشكل متزامن، مما يسرع الإنجاز ويقلل من الفجوات الزمنية بين المراحل المختلفة. كما يعزز من قدرة الفرق على التكيف والاستجابة السريعة للظروف الميدانية، مما يضمن تقديم حلول ملائمة وفعالة لاحتياجات المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، تشجع الطبيعة التفاعلية والمرنة لمنهجية «Agile» الفرق على الابتكار وتقديم حلول إبداعية للمشاكل المجتمعية. وأخيرًا، يساهم العمل فى بيئة تعتمد على «Agile» فى تطوير مهارات الشباب فى إدارة المشاريع، العمل الجماعى، والتكيف مع التغيرات، مما يعزز من فرصهم المهنية فى المستقبل.
أخيرًا..
فى ديسمبر 2022، استضافت مؤسسة «الدستور» مسئولى المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، وقد كان من الصعب حينها إخفاء إعجابى بمدى خبرة هؤلاء المسئولين وقدرتهم على العمل وفق منهجية علمية دقيقة. ورغم ذلك، لم أكن مدركًا تمامًا للتجربة الأكاديمية التى أسهمت فى صقل هذه المهارات. ومع إطلاق مبادرة «Agile Youth»، بدأت أرى كيف تعمل المؤسسات الوطنية على استخدام منهجيات أن تشكل بداية لتحول أوسع فى كيفية إدارة أعمالها فى مصر، وربما تمتد لتؤثر على مناطق أخرى من العالم.
