رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أهل غزة يناشدون العالم عبر «الدستور»: الوضع متأزم.. و«فتات الخبز صار أكبر أحلامنا»

أهل غزة
أهل غزة

«هنا على صدوركم باقون كالجدار.. نجوع نعرى نتحدى ننشد الأشعار»

بيت شعر كتبه الشاعر الفلسطينى توفيق زياد، يلخص الحال الذى وصل إليه أهل غزة، فى ظل مقاومتهم التى لم تنقطع يومًا، رغم التنكيل والتضييق الشديد الذى يواجهونه على أيدى الاحتلال الإسرائيلى.

لكن أشد سلاح يستخدمه الاحتلال فى وجه أهل غزة، الآن، هو سلاح التجويع، وكما يقولون «الجوع كافر»، وقد وصل أهل غزة لذروة جوعهم، الذى يزداد يومًا بعد يوم. فلم يكتف الاحتلال بقذائفه وصواريخه التى تحصد الأرواح بشكل فورى، واستخدم سلاح الجوع البطىء ليقضى على من نجح فى الفرار من رصاصات الموت برصاص الجوع.

تفاقم أزمة الجوع عبّر عنها بعض أهالى غزة، فى حديثهم التالى مع «الدستور»، الذى كشفوا فيه عن معاناتهم وآمالهم فى غدٍ يحصلون فيه على أبسط حقوق الإنسان فى الحياة، وهو الخبز الذى يمنحهم ولو بعض الطاقة والأمل فى البقاء، ومن ثم استمرار المقاومة.

آلاء سليمان:11 من أطفالنا يموتون جوعًا.. ونعيش على الدقة والزعتر

آلاء سليمان سالم، المرأة الصامدة فى شمال قطاع غزة، تعول ١١ طفلًا، بعدما استشهد كل رجال عائلتها، تقول: «بدون مبالغة نحن فى شمال غزة نسينا طعم الخضار والفاكهة والدجاج واللحوم والسمك. الوضع هنا صعب جدًا، والمجاعة تفتك بالصغير والكبير، ونأكل فقط دقة وزعترًا وخبزًا، غير المياه الملوثة التى يشربها الكثير من الناس، فاللهم كن معنا وأطعمنا من جوع وآمنا من خوف».

وأضافت: «وضع أهل الشمال يعلمه الجميع، زوجى شهيد، إلى جانب اثنين من أولادى، فضلًا عن أبناء أختى كبارًا وصغارًا، فبعدما نزحت أنا وزوجى وأبنائى من بيت إلى بيت، وسكنا بيت أهلى، تعرض هو الآخر إلى قصف الاحتلال الإسرائيلى، فاستشهد جميع رجال العائلة». وواصلت: «لم يتبق سواى أنا وبناتى اللاتى خرجن من تحت الحطام، لأذهب بهن إلى مجمع الشفاء، الذى بقيت فيه لمدة ٤ أشهر، وعشت وضعًا كارثيًا بمعنى الكلمة، لأعود مرة أخرى إلى بيت أهلى المقصوف، وأجلس فيه رغمًا عن حالتى».

«آلاء» تعيش حاليًا فى حى «الشيخ رضوان» بشمال غزة، حيث لا مأكل ولا مشرب، فى ظل إلحاح ١١ طفلًا يتيمًا يتضورون جوعًا على أن تأتى لهم بالطعام، هم وأمها وزوجات إخوتها. تقول: «الصغار عندنا ماتوا جوعًا من سوء التغذية، فلا توجد خضروات ولا لحوم ولا أى غذاء متوافر فى شمال قطاع غزة».

هذا الحال ليس حال صغار «آلاء» فقط، فكل صغار وكبار شمال غزة يعانون الجوع، لذا تحلم السيدة الفلسطينية بانتهاء الحرب من أجل الصغار، الذين لا ذنب لهم فى أن يشعروا بالجوع، ويناموا على الأرض فى بيت مقصوف، شديد الحرارة بسبب الطقس، معقبة: «من الخوف أصبحت أجلس بطاقم الصلاة طوال الـ٢٤ ساعة».

ورغم كل هذه المعاناة، تؤكد «آلاء» أنهم صامدون وصابرون ويحمدون الله، لكن عتبهم على العالم الذى لا ينظر لهم، ويسكت عن هذه المجاعة وهذا القصف المستمر، مضيفة: «رسالتى للعالم.. حسوا بأطفال غزة، الذين يموتون من الجوع والقصف، ارحموا أهل الشمال، وأرسلوا إليهم الطعام، لأننا تعبنا من هذا الوضع». ترفض «آلاء» تمامًا أن تترك شمال قطاع غزة، حيث بيت أهلها، حتى لو ماتت جوعًا وقصفًا، مثل أولادها الذين ماتوا فداءً لهذه الأرض، فبالنسبة لها غزة جميلة بكل حالاتها، متمنية من الله انتهاء الغمة فى أقرب وقت، وأن يفرجها الله عليهم.

محمد النحال: نأكل حشيش الأرض.. وكل آمالنا أن ينتهى العدوان

«أنا المواطن الفلسطينى الروسى محمد النحال، عمرى ٢١ عامًا، أعيش فى مدينة غزة، حيث المعاناة والجوع والأمراض».. هكذا بدأ الطالب الجامعى الفلسطينى حديثه لـ«الدستور»، موضحًا أن معاناته بدأت منذ قصف الاحتلال الإسرائيلى بيته، ودمره بشكل كامل على رءوس سكانه.

قال «محمد»: «كان بالبيت ٤٥ شخصًا، ما بين أطفال ونساء وشباب، ومن بعد القصف بدأت رحلة مع النزوح، فقد نزحت ٩ مرات منذ بداية الحرب، وعشت ٤ مرات تحت الحصار، وفى مرة منها تم نسف المربع السكنى الذى نزحت إليه بشكل كامل».

يتحمل «محمد» مسئولية جد وجدة وعمة، رافقوه منذ بداية الحرب، ومع سياسة التجويع التى مارسها الاحتلال الإسرائيلى على الفلسطينيين ازدادت الأعباء والمسئوليات على الطالب الفلسطينى، فأكل ومن معه من حشائش الأرض وأعلاف الحيوانات، كما تم منعه من السفر، وحُرم من رؤية أمه وأبيه، اللذين لم يرهما منذ ٤ سنوات، بسبب الاحتلال.

وأوضح الشاب الفلسطينى أن المعاناة الكبرى فى شمال قطاع غزة تتمثل فى عدم توافر المياه الصالحة للشرب، وانعدام الغذاء تقريبًا، مضيفًا: «الوضع متأزم جدًا، فنحن نحتاج للكهرباء، التى لم تعد موجودة تقريبًا منذ ٩ أشهر، ومجرد شحن الهاتف فى الأماكن التى تتوافر بها الكهرباء أحيانًا هو معاناة كبيرة، وحتى ثمن لوح الطاقة الشمسية المكسور وصل إلى ١٥٠٠ دولار، وأصبحت البطارية بـ١٨٠٠ دولار، أما جهاز توليد الطاقة المستعمل، فبلغ سعره ٢٠٠٠ دولار، لكن ما باليد حيلة». واستطرد: «كان أصعب شىء رأيته خلال المجاعة هو عندما حدثت (مجزرة النابلسى)، فقد كنت هناك؛ كى أوفر بعضًا من الدقيق، وبدأ الاحتلال بفتح النيران علينا بشكل مباشر، وكان أصعب ما رأيته مع غيرى هو الصراع من أجل البقاء، والوفيات الكبيرة بين الذين كانت تسقط عليهم المساعدات الجوية، وكان كل شخص يخاطر بحياته لكى يطعم عائلته ويخفف عنها بعضًا من الجوع».

وتابع: «نعيش أوضاعًا صعبة، لكننا نصمد لأن إيماننا بالله كبير، ونحن على يقين من أن الله لن يخذلنا، فأرضنا أرض رباط مباركة، والموت فيها شهادة نعتز بها فى الآخرة».

وأعرب «محمد» عن أمنياته بأن ينتهى العدوان وتتوافر فرص العمل للفلسطينيين مع فك الحصار عنهم وفتح المعابر وإعادة الإعمار، كى يستطيع أن يرى عائلته التى لم يرها منذ ٤ سنوات، راجيًا من الله أن تتحسن صحة جده وجدته، مريضى الضغط والقلب والسكرى، والتى ساءت كثيرًا بسبب شح الدواء.

«فتح»: إسرائيل ستظل خارج المحاسبة لتقاعس العالم أمام جرائمها

قال عبدالفتاح دولة، المتحدث باسم حركة فتح، إن إسرائيل ستظل خارج المحاسبة طالما أن المؤسسات الأممية والدولية لم تؤد دورها تجاه ما يقترفه الكيان المحتل من مجازر يومية وخروج عن نطاق القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى بشكل سافر.

وأضاف «دولة»، فى مداخلة لقناة «النيل الإخبارية»: «المجتمع الدولى يجب أن يخرج عن صمته وأن تتوافر لديه الإرادة السياسية الحقيقية، التى من شأنها أن تجبر نتنياهو ودولة الاحتلال على وقف الحرب والعدوان على قطاع غزة».

وأوضح أن من يعوق المفاوضات هو بنيامين نتنياهو وليس حركة حماس، مشيرًا إلى أن اختيار السنوار رئيسًا لحركة حماس يعد رسالة إلى الاحتلال بأن الحركة ما زالت متماسكة حتى فى ظل استمرار العدوان على قطاع غزة وعلى الحركة.

وتابع أن الاحتلال يشن حربًا شاملة وعدوانًا متواصلًا على الشعب الفلسطينى وقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، ويتعامل على أنه حقق مكاسب عسكرية ويتفاخر بأن الضغط العسكرى حقق مكاسب.