رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا طعام منذ 3 أيام.. الجوع يفتك بالنازحين في مخيمات درافور والسيول تفاقم محنتهم

مخيمات دارفور
مخيمات دارفور

بعض النازحين السودانيين بمعسكرات مكجر وكلمة وسرتوني في دارفور لم يتناولوا أي وجبة منذ ثلاثة أيام، وهنالك وفيات مستمرة وسط الأطفال وكبار السن، وفقا للمسؤولين المحليين الذين أكدوا تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة التي مزقتها الصراعات في السودان.

ومنذ اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي يشكو النازحون في دارفور من توقف المساعدات الإنسانية، بينما أدى الخريف والسيول أيضًا إلى صعوبة وصول المساعدات من تشاد عبر معبر الطينة، حيث ظل مسؤولو الوكالات الأممية يطالبون الحكومة بفتح المعابر الحدودية بما فيها معبر أدري على الحدود مع تشاد، حسب التقارير المحلية.

 

وفاة خمسة أطفال جوعًا في معسكر مكجر

وفقا لـ آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في الإقليم، فقد شهد معسكر مكجر الواقع في ولاية وسط دارفور- غربي السودان، وفاة خمسة أطفال جوعًا أمس الأربعاء.

وقال آدم في تصريحات لصحيفة سودان تربيون: إن الوفيات في مخيمات مكجر، حيث لجأ الكثيرون من القتال سلطت الضوء على الظروف المزرية التي يواجهها النازحون بسبب الصراع.

وشهد وسط دارفور قتالًا عنيفًا، حيث تسيطر مليشيا الدعم السريع على معظم المنطقة بينما تسيطر حركة تحرير السودان على بعض المناطق. وأدى الصراع إلى نزوح الملايين وتعطيل توصيل المساعدات، مما ترك الكثيرين دون الحصول على الغذاء والرعاية الطبية.

الأطفال يتضورون جوعًا ويتعالى صراخهم في معسكر كلمة

وفي معسكر كلمة في جنوب دارفور، الوضع مماثل؛ حيث الأطفال يتضورون جوعًا ويتعالى صراخهم، والأوضاع بالغة السوء ويعجز اللسان عن الوصف والتعبير عنها، على حد وصف رئيس المعسكر الشيخ إسحاق محمد عبد الله.

وتبلغ عدد الأسر المستحقة للمساعدات في معسكر كلمة بحسب المسح الذي أجرته إدارة المعسكر في أبريل الماضي أكثر من 142 ألف شخص.

ويصف الشيخ إسحاق في مقابلة مع راديو دبنقا، الأوضاع في المعسكر بـ "المأساوية"، مطالبًا المنظمات بالتدخل العاجل، وفتح المسارات والممرات الآمنة لمرور المساعدات.

وقال: "إن بعض الأمهات خرجن للزراعة منذ أكثر من عشرة أيام، وتركن أطفالهن في المنازل بدون أي مواد غذائية، واكتشفنا أن بعضهم لم يتناولوا أي وجبة منذ ثلاثة أيام والبعض الآخر لا يتناول سوى البليلة".

وأشار إلى وصول شاحنة مساعدات واحدة قبل ثلاثة أسابيع تحمل 900 جوال ذرة، وجرى توزيعها على النازحين جميعهم بالمعسكر الذين يبلغ عددهم 142 ألفًا و300 نازح بواقع 9 أوقيات لكل شخص وهي لا تكفيهم لمدة يوم واحد.

وكانت الإدارة العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين، كشفت في مايو الماضي، عن وفاة 66 طفلًا في معسكر كلمة نتيجة سوء التغذية وانعدام الأدوية الخاصة بالأطفال. كما توفي 38 من كبار السن و6 نساء حوامل خلال ذات الشهر.

الوضع في معسكر سرتوني يقترب من المجاعة الكاملة

أما معسكر سرتوني الواقع جنوب مدينة كبكابية بولاية شمال دارفور، الوضع يقترب من المجاعة الكاملة التي تم تسجيلها سابقًا في معسكر زمزم في مدينة الفاشر، وبحسب التقارير السودانية يواجه أكثر من 42 ألف نازح بمعسكر سرتوني نقص تام في المواد الغذائية.

وأكدت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين أن الأوضاع في جميع معسكرات النزوح في دارفور، التي يبلغ عددها 171 معسكرًا، تعيش حالة مشابهة لتلك الموجودة في معسكر زمزم.

وقال محمد بشار، عضو مكتب الشئون الإنسانية في معسكر سرتوني، في تصريحات لراديو دبنقا: "إن نازحي المعسكر يعيشون في ظروف إنسانية صعبة مثل التي يشهدها معسكر زمزم من حيث نقص الغذاء".

 وأشار بشار إلى أن الوضع الإنساني في المعسكر قد تسبب في ظروف كارثية، إذ زادت حالات الإصابة بأمراض تتعلق بالجوع، خاصة سوء التغذية بين الأطفال وكبار السن. 

وقال: "كل يوم أزور فيه مركز أطباء بلا حدود – الوحيد الذي يعمل في المعسكر – أجد ما لا يقل عن 20 أو 30 طفلًا في المركز بسبب سوء التغذية".

وأضاف: "نقوم يوميًا بدفن 2 أو 3 من الأطفال وكبار السن في مقابر المعسكر".

وأوضح أنه لا توجد أي منظمة تقدم مساعدات أو خدمات إنسانية للنازحين باستثناء مركز واحد تابع لمنظمة أطباء بلا حدود، الذي يقتصر عمله على تقديم الاستشارات الطبية فقط، ولا يتوفر لديه أدوية أو خدمات علاجية. 

تحذير من تفاقم الوضع وحدوث كارثة صحية بالمعسكرات نتيجة الفيضانات

وأشار المسؤول إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تفاقم الوضع الصحي بعد هطول أمطار غزيرة قبل يومين، مما أدى إلى انهيار أكثر من 300 منزل وعشرات المراحيض. وحذر من حدوث كارثة صحية محتملة بسبب معاناة النازحين نتيجة نقص الغذاء.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت عن انتشار المجاعة في مخيم زمزم للنازحين في مدينة الفاشر، حيث تم تصنيف الحالة بأنها المرحلة الخامسة، والتي تُعتبر كارثية وفقًا لمعايير الأمم المتحدة.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي، الذي يعد من الوكالات التابعة للأمم المتحدة والمساهمة في إعداد تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن مخيم زمزم للنازحين هو المخيم الوحيد الذي استطاعت الأمم المتحدة أن تعلن فيه حالة المجاعة. كما توقع في الوقت ذاته إعلان المجاعة في 13 منطقة أخرى في السودان، جميعها تعاني من ظروف تشبه المجاعة، بما في ذلك الخرطوم والجزيرة وكردفان وولايات دارفور.

كما ذكرت منسقية النازحين بدارفور، أن كل المعسكرات كانت تعتمد على المساعدات الإنسانية التي توقفت بعد الحرب في 15 أبريل، مما أدى إلى نفاد الغذاء في تلك المعسكرات. كما تم إغلاق الطرق والمسارات التي تسمح بعبور المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية القليلة المتاحة في الأسواق المحلية.