رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرجل «الخفاش».. فلسطينيون: اختيار «السنوار» قائدًا لحماس صعب خيار المفاوضات

السنوار
السنوار

أكد خبراء فلسطينيون أن اختيار يحيى السنوار قائدًا لحركة حماس، عقب اغتيال إسماعيل هنية فى العاصمة طهران، جاء كرد فعل على محاولات الاحتلال الإسرائيلى إحداث شرخ وانقسامات داخل الحركة عقب اغتيال «هنية».

وقال الخبراء، لـ«الدستور»، إن حماس أكدت قوتها لإسرائيل وللوسطاء، لأن اختيار «السنوار» يعنى أنها قادرة على تجاوز الأزمة واستكمال طريق المقاومة، موضحين أن «السنوار» يعيد تذكير الجميع برمزية طوفان الأقصى، وبأن النضال فى الميدان هو الحل وليس التفاوض بشروط رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وأشاروا إلى أن «حماس» أجهضت مخططات الاحتلال لتوريطها فى صراعات داخلية، وأكدت لإسرائيل أن لعبة الاغتيالات ستأتى بما هو أسوأ للاحتلال.

ونوهوا بأن إسرائيل عاجزة عن رصد أو تتبع السنوار، وكل محاولاتها فى هذا السياق فشلت، ولن تتمكن من فرض شروط للتفاوض على تحرير المحتجزين.

ورأوا أن السنوار هو الزعيم الأقرب للجماهير، ووجوده فى هذا المنصب سيسرع بتعافى الحركة، وسيزيد من الدعم الدولى لها، لافتين إلى أن الاغتيالات حدثت فى لبنان وإيران، ما يعنى أن الدول الداعمة قد لا تكون قادرة على حماية رئيس الحركة إن كان خارج غزة، لذا فإن اختيار زعيم فى داخل القطاع كان قرارًا صائبًا، لأن غزة أصبحت أكثر مكانًا آمنًا بالنسبة للقيادات.

ناصر الصوير: رسالة لإسرائيل بأن كرة التفاوض فى ملعب القائد الجديد

قال الدكتور ناصر الصوير، الكاتب والسياسى الفلسطينى، إن قرار تعيين يحيى السنوار قائدًا لحركة حماس خلفًا لرئيسها المغتال إسماعيل هنية، يأتى فى إطار الحرب النفسية التى تصاحب الحرب العسكرية بين الكيان الغاصب وحركة حماس.

وأوضح «الصوير»: «تريد حماس بهذا القرار بعث رسالة لإسرائيل مضمونها أن القرار الأول والأخير بخصوص أى صفقة وأى هدنة وأى اتفاق بيد السنوار فقط».

وتابع: «هذا دليل على أن الحركة تريد أن تعطى للمفاوضات زخمًا وأهمية؛ عبر وضع الكرة فى ملعب السنوار»، لافتًا إلى أن «إسرائيل لديها خطة منذ بداية الحرب، قائمة على كسب الوقت، سواء كان السنوار قائدًا للحركة فى غزة أو قائدًا للحركة بشكل عام».

وأكد: «إسرائيل تريد أن تكسب الوقت كل يوم، وحسب ادعاءاتها تصفى قادة الحركة العسكريين فى قطاع غزة، وكان آخرهم محمد الضيف وقائد منطقة كتيبة رفح.. هى تريد أن تكسب الوقت بغض النظر عن إن كان السنوار القائد للحركة أو لا».

وذكر أن «الأمر لن يصل أبدًا إلى هدنة بين حماس وإسرائيل، خاصة أن هناك عددًا كبيرًا جدًا من المحتجزين قد جرت تصفيتهم بمعرفة إسرائيل نفسها، متبعة قانون هانيبال العسكرى، الذى يقضى بأن تقوم دولة الاحتلال بتصفية محتجزيها ولا تبقيهم محتجزين فى يد المقاومة».

وأوضح: «وفقًا لاعتقادى، إسرائيل مصممة على القضاء على المقاومة وتحرير جثامين المحتجزين، ولا أعتقد أن هناك محتجزين كثيرين أحياء للتفاوض عليهم فى صفقة كبرى».

وقال: «لأن إسرائيل تعلم أن عدد محتجزيها تضاءل بشكل دراماتيكى، فوضعت شرطًا أساسيًا لإتمام الصفقة، أن تعرف أسماء الأحياء من المحتجزين، وهو ما رفضته حركة حماس جملة وتفصيلًا، لأن هذه الورقة لو كشفت فستنتقل الكرة إلى ملعب إسرائيل وستفشل المفاوضات».

وأكمل: «لذلك كل التصرفات التى يقوم بها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وجيش الاحتلال تؤكد أمرين مهمين، الأول أنها لا تريد عقد أى صفقة ولا عقد أى هدنة بمنأى عن الأسماء، أى اسم كان، قائدًا أو غير قائد، والأمر الثانى أنها تريد أن تحتل قطاع غزة مجددًا ولكن بأسلوب جديد، عن طريق أن تحتل ما تبقى فى معبر فيلادلفيا الحدودى بين مصر وقطاع غزة، وما تبقى فى محور نتساريم وتقيم مستوطنات أيضًا، حتى تبقى زخمها العسكرى موجودًا فى غزة وتمنع قيام أى حركات مقاومة فى المستقبل».

ماهر صافى: تل أبيب فشلت فى شق صفوف المقاومين

لفت الدكتور ماهر صافى، الكاتب والباحث السياسى الفلسطينى، إلى أن حركة حماس أكدت أن قرار اختيار يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسى خلفًا لإسماعيل هنية اتُّخذ بالإجماع، وهو ما يناقض الآمال الإسرائيلية. وأوضح «صافى»: «إسرائيل توقعت باغتيال هنية إحداث شرخ بين قيادات الحركة الأكثر إثارة لغضب إسرائيل، والأكثر قدرة على زيادة الغضب والألم فى صفوف القيادات والمؤسسات والشعب الإسرائيلى، وهو ما يعنى أن محاولات دق الإسفين التى راهنت عليها إسرائيل قد أتت بعكس ما أريد منها». وتابع: «اختيار السنوار يعنى استمرار رمزية طوفان الأقصى؛ إذ يرتبط اسم السنوار بشكل خاص بطوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر من العام الماضى، كما يمثل أيضًا عنوانًا واضحًا لإخفاقات إسرائيل فى دعواها المتواصلة بتصفية قادة الحركة والوصول إليهم، وهو ما يعنى أن (حماس) قررت مزيدًا من إثارة القلق والغضب لدى الاحتلال، رغم مضى ١٠ أشهر من الحرب المتواصلة على غزة». وأشار إلى أن «اغتيال هنية جاء لينسف العديد من فرص التفاوض التى كانت متاحة للوسطاء ورحلت مع دماء الشهيد. وحول تأثير السنوار على الحرب المستمرة، قال «صافى»: «إسرائيل ماضية فى مجازرها فى غزة مخلفة مزيدًا من الضحايا، من أجل الضغط على حماس لتقليل سقف مطالبها فى صفقة الأسرى التى لا يريد نتنياهو لها أن تخرج إلى النور من خلال إفشاله مساعى الوسطاء لإنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلى ووقف إطلاق النار».

عاكف المصرى: تأكيد على التماسك 

أكد عاكف المصرى، المفوض العام للعشائر الفلسطينية فى قطاع غزة، أن نجاح العملية الديمقراطية لحركة حماس وانتخاب السنوار رئيسًا للحركة، والسرعة النموذجية لملء الفراغ فى هذه المرحلة الحساسة، يؤكد وحدة الحركة وتماسكها وقدرتها على تجاوز المحنة.

وأضاف «المصرى»: «اختيار السنوار رئيسًا للحركة إعلان عملى برفض خيار المفاوضات العبثية التى يريدها نتنياهو».

عزيز العصا: المرحلة المقبلة أكثر تعقيدًا

أوضح عزيز العصا، الكاتب والسياسى الفلسطينى، أن اختيار السنوار رئيسًا لحركة حماس رسالة مهمة للاحتلال الإسرائيلى وللوسطاء أيضًا، بأن المرحلة المقبلة أكثر تعقيدًا من السابق.

وأشار «العصا» إلى أن التفاوض سيكون مع صاحب ملف الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة مباشرة؛ فالسنوار- بالمسمى الجديد- امتلك صلاحيات المفاوضات بشكل مباشر، والقرار بيده شخصيًا، ولا مجال أمام الإسرائيليين لانتظار أى تسهيلات فى شروط الإفراج، إلا بالقدر الذى يقرره الرئيس الجديد.

صلاح عبدالعاطى: لديه القدرة على إدارة الأوقات العصيبة التى تمر على غزة

ذكر الدكتور صلاح عبدالعاطى، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين «حشد»، أنه جرى اختبار السنوار وفقًا للوائح الداخلية لحركة حماس، والتى تقتضى اختيار أحد نواب رئيس المكتب السياسى، وباعتبار أن النائب صالح العارورى جرى اغتياله، لجأت الحركة للطريقة التقليدية، بالاختيار بين السنوار وخالد مشعل.

وأوضح «عبدالعاطى»: «مشعل- رغم خبرته ووجوده خارج قطاع غزة- أدار حركة حماس لثلاث دورات متتالية، بما لا يجيزه النظام الداخلى للحركة»، مؤكدًا: «اختيار السنوار رغم أنه كان مستبعدًا شكل مفاجأة فى ظل ظروف حرب الإبادة الجماعية».

وأضاف: «هى مفاجأة تثبت أن حركة حماس ماضية فى المقاومة ولا تزال قوية، وأنها أعطت الخيار لقطاع غزة ومركز الثقة الذى يتعرض إلى إبادة، وأيضًا لإيجاد مسافة اقتراب من القائد الأول من الجماهير التى تتعرض إلى الإبادة الجماعية فى داخل قطاع غزة، ولتخفيف الضغوط عن الدول المختلفة وخاصة أنه جرى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسى فى لبنان، ورئيس المكتب السياسى فى طهران، ولم يعد هناك مكان آمن فى الدول».

وتابع: «بالتالى قطاع غزة ربما يكون أكثر أمانًا، خاصة أن إسرائيل لم تنجح حتى الآن فى العثور على السنوار أو الاستدلال على مكانه، وبالتالى هذه رسالة قوة، ورسالة أيضًا لحسم موضوع وخيار المفاوضات، وإبقائه بيد يحيى السنوار باعتبار أن المحتجزين لدى المقاومة موجودون لدى حركة حماس فى قطاع غزة، وبالتالى صاحب الثقل الأساسى هو السنوار إضافة إلى ما تتعرض له الحركة».

ورأى أن السنوار لديه قدرة على إدارة هذه الأوضاع العصيبة التى تمر بها حركة حماس، إضافة إلى إرسال رسالة واضحة للمجتمع الدولى وللعالم بأن حركة حماس ماضية وغير عابئة بكل الضغوط والإدانات والضغوط الدولية عليها، لإثنائها عن الاستمرار فى نهج المقاومة وتحولها إلى سياسى، وأنها متمسكة بخيار المقاومة.

وأضاف: «من ناحية أخرى، علاقات السنوار مع محور المقاومة أكثر اقترابًا، إضافة إلى انفتاحه على كل القوى والمكونات الوطنية وبراجماتيته الواضحة فى هذا المجال، وكل ذلك أعطاه هذا الحضور».

وقال: «ربما نشهد مقاربات أكثر انفتاحًا فى ملف المصالحة فى عهده، وأيضًا حسمًا لموضوع صفقة تبادل الأسرى فى حال قررت إسرائيل جديًا الذهاب إلى صفقة تبادل، مع العلم بأن هذه الصفقة لم يعد فقط محورها الأساسى قطاع غزة، بل باتت أيضًا طهران ولبنان وغيرها من محاور مؤثرة فى إتمامها، كما فى حالة التوافق الدولى والضغط الدولى المقرر على نتنياهو لإنهاء مماطلته واستخدامه المفاوضات لإطالة أمد الحرب».

وأكد: «قد نشهد مقاربة لإنهاء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وحرب الإبادة، وربما نشهد توسيعًا للصراع، وفى كلتا الحالتين تكون حركة حماس قد حسمت أمرها باتجاه تمسكها بالحقوق الفلسطينية ومقاومة الاحتلال، رغم كل ما تعرضت له من أزمات وتحديات واغتيالات، ولا تزال تتعرض القضية الفلسطينية فيها إلى مخططات التصفية، وهى رسالة تشدد فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى حتى يدرك أنه عندما يتم اغتيال قائد يخرج قائد ربما أكثر شدة وأكثر قوة من الذى سبقه، وهذه هى رسالة حماس من اختيار السنوار خلفًا لهنية».