معالى وزير التعليم.. آن أوان تدريس الـ"سوشيال ميديا" فى المدارس حماية لأولادنا من جرائم الشبكة العنكبوتية
أحدث أخبار "السوشيال ميديا" إعلان وفاة فتاة صينية تدعي "فيت بان شياوتينج"، البالغة من العمر 24 عامًا أثناء بثها المباشر لمحتوى تناول الطعام بكثرة على "فيسبوك".. تبدو الحكاية غريبة من نوعها، وإن كان عالم "السوشيال ميديا" يأخذنا لما هو أبعد من ذلك، إلى عالم الجريمة التي ترتكب باسمه؛ نتيجة عدم الوعي بخطورة التعامل مع هذه التطبيقات المرتبطة بشبكة الإنترنت، خاصة الجرائم التي يرتكبها صغار السن؛ بهدف التقليد أو الاستخدام الأعمى لهذه الأدوات. البعض يرى أن غياب دور الأسرة والسماح للأولاد باستخدام والتعاطي مع هذه الوسائل الإعلامية الجديدة دون رقابة؛ أدت إلى انتشار مثل هذه الأخطاء والوقوع في مشاكل قانونية؛ نتيجة الجهل بقواعد الـ"سوشيال ميديا".. بين الحين والآخر تصل إلينا أخبار القبض على "بلوجر" فتاة أو شاب، بتهمة بث مواد مخالفة للقانون نتيجة عدم الإلمام بالقوانين وعدم اتباع المحاذير التي تنشرها هذه التطبيقات، فالغالبية العظمي من مستخدمي هذه الوسائل غير معني بقراءة المحاذير أو الاطلاع على قواعد الظهور على هذه التطبيقات.. الحقيقة أن الأسرة ليست وحدها المسئولة عن ارتكاب مثل هذه الجرائم؛ نظرًا لأن أغلبهم أيضًا لا يدركون مدى خطورة التعاطي مع هذه الوسائل الجديدة، فالأب والأم أيضًا يتعرضان لمثل هذه المواقف، لاسيما أن استخدام الهاتف المحمول واتصاله بشبكة الإنترنت بات واقعًا لا محالة الاستغناء عنه، فلا أحد يقف ضد التطور التكنولوجي، ولا يمكن غض الطرف عنه..
إذن نحن أمام واقع مفروض على الجميع، وبحاجة لإعادة النظر في طريقة استخدام هذه الوسائل التكنولوجية بمفهوم جديد مختلف.. لن أسرد عليكم كم الجرائم التي ارتكبها البعض، ولن أخوض كثيرًا في أسباب الوصول إلى هذا الحد من الجرائم التي باتت تشكل ظواهر خطيرة تهدد أمن وسلامة المجتمعات ليس في مصر فقط، بل في كل العالم وإن كان الفيصل بيننا وبين الدول الأخرى أن كل دولة لها قوانين وتشريعات خاصة.. لكن هناك اتفاقًا عامًا أن الجريمة يتبعها تطبيق القانون.
هذا الأمر ينقلنا إلى عدة تساؤلات، أهمها هل لوسائل التواصل الاجتماعي تشريعات وقوانين خاصة عالمية تطبق على مرتكبي مثل هذه الجرائم؟ الإجابة ببساطة أن مخترعي هذه الوسائل لم يهتموا كثيرًا بالقوانين والتشريعات في بداية الأمر، على سبيل المثال حين أنشأ الطالب الأمريكي "مارك زوكربيرج" صفحة "فيسبوك" 2004 لم يكن لديه أي غرض من هذه الصفحة سوى التواصل مع زملائه داخل جامعة "هارفارد"، ومن ثم تم تطوير هذا التطبيق المرتبط بالشبكة العنقودية "الإنترنت"، وتم إضافة برامج جديدة من صور وفيديوهات ومكالمات هاتفية عابرة للقارات وبث مباشر، وفي المستقبل القريب نتوقع ما هو أكثر من ذلك بعد تزويد "فيسبوك" بـ"الميتا فيرس" سنجد عالما آخر ثلاثي الأبعاد على هذه الوسائل الإعلامية الجديدة التي فرضت نفسها على حياة البشر.. لم يكن "فيسبوك" هو الإضافة الوحيدة لعالم التواصل الاجتماعي، هناك العديد من هذه الوسائل التي تجتاح حياتنا بعيدًا عن الالتزام الأخلاقي أو القانوني، ذلك أن الشركات المنتجة لهذه الوسائط المتعدة تبحث عن المكاسب وتحقيق المزيد من الأرباح بغض النظر عن اختراق القانون الإنساني والقوانين والأعراف لكل مجتمع أو دولة.
وللخروج من المساءلة القانونية لمنشئي الـ"سوشيال ميديا" وضعت هذه الشركات ضوابط عامة بهدف حمايتها من المساءلة القانونية الدولية، وهذه الشروط وضعت بعناية تفرضها على المستخدمين لهذه الأدوات، حين يبدأ الفرد بفتح حساب شخصي تجد أمامك مجموعة من الشروط يجب الموافقة عليها قبل فتح الحساب، وهذه الشروط هي أشبه بعقد إذعان من طرف واحد.. أهم مبادئ الـ"سوشيال ميديا" التي تحرص عليها، احترام خصوصية الآخر، لا للتنمر، لا للعنصرية، لا للانتهاكات السياسية، فضلًا عن لاءات أخرى بعيدة كل البعد عن القوانين الخاصة لكل دولة، في النهاية نجد أنفسنا أمام فوضي عارمة تحت مسمي "الحريات" واحترام الحرية الشخصية المطلقة.. الواقع أن هذه الفوضي أو ما يسمي بحرية الـ"سوشيال ميديا" هي السبب الرئيسي لانتشار الجريمة التي ترتكب دون وعي بالقوانين أو الالتزام بالآداب العامة.
السؤال الأهم هل من تشريعات دولية ملزمة لصناع التكنولوجيا؟.. الحقيقة أن العالم يقف عاجزًا في وضع قوانين ملزمة لمواجهة هذه الشركات العابرة القارات من أن تتصدى لها، ومن ثم يبقى أمام الدول أن تطبق العقوبات على مرتكبي جرائم الإنترنت، وفقًا لقانون العقوبات الخاص بكل دولة، وإن كانت كل دولة تحرص على أن تكون لديها وثيقة تشريعات وأخلاقيات تتعلق بجرائم الإنترنت، إلا أن هذه الوثيقة تظل استرشادية وغير ملزمة.
في ظل هذه الفوضي التي يرتكبها مستخدمو الـ"سوشيال ميديا"، أو ما هو أخطر من ذلك من جرائم "web ،"dark أحد تطبيقات الشبكة العنقودية "الإنترنت"، الذي يحتاج إلى برمجيات أكثر تعقيدًا من استخدام الـ"سوشيال ميديا"، ذلك العالم المظلم الذي اقتحم حياة المصريين بجريمة بشعة عرفت إعلاميًا بجريمة "سفاح التجمع"، الذي خطط ونفذ جريمته عن طريق "الويب المظلم".. كل هذه الجرائم تجعلنا في المواجهة وإيجاد حلول عملية وعلمية، فالعلم يواجه بالعلم وإعمال العقل، وفي هذه المساحة.. ألا يحق لنا أن نطالب السيد الدكتور محمد عبداللطيف، وزير التعليم بأن تصبح دراسة التطبيقات المتعلقة بشبكة الإنترنت، خاصة تطبيقات الـ"سوشيال ميديا"، مواد دراسية بعيدة عن المجموع الكلي للطالب، أي ليست مواد تقدير درجات، وتقدم للطالب في شكل أبحاث على أن يعكف كل طالب بتقديم بحث مبسط حول أحد التطبيقات مثل، الـ"فيسبوك، إنستجرام، واتسآب، تطبيق"x" تويتر"، كما يتسنى للطالب شرح وعرض نشأة هذه التطبيقات وأهدافها ومميزاتها وعيوبها وكيفية استخدامها، معرفة الخطأ القانوني الذي يقع فيه البعض عن دراية أو عن جهل.. والأهم هو أن يقدم الطالب وجهة نظره، بأن يكون لديه عقل نقدي يشرح ويوضح ويفسر من منظوره الشخصي كيف يمكن استخدام هذه الوسائط دون الوقوع في أخطاء وكيفية التصرف إذا كانت هناك مشكلة.
معالي وزير التعليم الاهتمام بالعقل النقدي هو الحل والملاذ من أجل جودة التعليم.