رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات من زمن الطفولة.. سهير القلماوي تحكي عن "أمة كريمة"

سهير القلماوي
سهير القلماوي

تحدثت الدكتورة سهير القلماوي في بعض مقالاتها عن أجزاء من طفولتها ومن ضمنهم مقالًا نشر في مجلة العربي.

وتقول الدكتورة سهير القلماوي:" لا زلت اذكر هذه الغرفة المنعزلة الصغيرة البسيطة على سطح بيت جدي القديم، إنها غرفة دادة أو "أمة كريمة"، جارية جدي السوداء، لقد كنا كثيرا ما ندخلها أطفالا لنسأل عن ساكنتها أين هي، وماذا تصنع، كنا ندخلها في غيبتها لما فيها من إغراء على أنواع اللهو واللعب.

سهير القلماوي وأمة كريمة

وتضيف:" كان اللون الغالب في الغرفة هو البياض النظيف، فطرحة “أمة كريمة” بيضاء، وسريرها عليه الملاءات البيضاء، وجدران الغرفة بيضاء، وكان للغرفة نافذتان تدخل منها الشمس ساعة الغروب فتضئ ما فيها بشكل حنون وهادئ.

كانت النافذة الشرقية هى بغيتنا لأنها تطل على سقف الحمام في بيت جدي الكبير، وكان السقف مزدانا بمكعبات ملونة من زجاج أحمر واخضر وأزرق، في شكل نصف كرة مفرغة، لها قمة سميكة مستديرة تمسك بها وهي تغطي فتحات صغيرة دائرية في سقف الحمام، وكانت الوان المكعبات عندما يتخللها ضوء الشمس تعكس أضواء هادئة ملونة راقصة، تنزل من فجوات السقف على ارض الرخام الأبيض في الحمام الكبير، في الدور الأرضي من البيت.

وتكمل:" لم نكن نستخدم هذا الحمام بعد ان أصبح لكل دور الحمام الخاص به في البيت، كان مهجورا محفوفا بالأطياف والعفاريت والرهبة المخيفة، وكان يحلو لنا كثيرا ان نصعد لغرفة امة كريمة لنقذف هذا الزجاج الملون المغري بالبلي والحصا لنكسره، وكان وقع الزجاج على الأرض يطربنا كثيرا.

طفولة سهير القلماوي

وتواصل الدكتورة سهير القلماوي:" كنا نقفز فوق النافذة فيمسك أحدنا بيد الآخر، أو ينزل أحد منا على كتف نم سبق، لننظر من الكوة التي تهشم زجاجها ماذا في هذا الحمام العجيب من خبايا وأسرار، ولم نكن نحس التراب والغبار، بل إننا غارقون فيه صباح مساء، منذ ان تصدرنا أمنا من باب الشقة في صباح اليوم وعصره لنلعب في فناء البيت الكبير، كنا نمسح التراب وبيننا شبه ألفة، فإذا ما هاجتمنا أمة كريمة أثناء هذه المغامرة فوق سقف الحمام زعقت وهددت بشكوانا إلى جدي او امنا، لكننا كنا نهرع غليها وننهال عليها تقبيلا وتوسلات حتى تضحك فتتألق أسنانها البيضاء.