رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكتبات المثقفين 40

فريد عبد العظيم: بدأت رحلتي مع القراءة بصحبة الدكتور نبيل فاروق (حوار)

فريد عبد العظيم
فريد عبد العظيم

المكتبة أبرز معالم منازل الكتاب والمثقفين، بل ربما تتحول منازل بعضهم إلى مكتبات يعيشون فيها. وحول مكتبات المثقفين، وكم فقدوا منها خلال تنقلاتهم وأسفارهم، وهل يُعير الكاتب كتبه أو يستعيرها، وغيرها من المحاور يقدمها "الدستور" في سلسلة حوارات مكتبات المثقفين.

 

وفي الحلقة الـ 40 من سلسلة حوارات مكتبات المثقفين، يحدثنا الكاتب الشاب فريد عبد العظيم، عن مكتبته وأول كتاب اقتناه، وما الكتاب الذي لا يستطيع الاستغناء عنه وأهم الكتب في مكتبته وغير ذلك.

 

متى اشتريت أول كتاب؟

رحلتي مع القراءة بدأت مبكرا، في التاسعة أو العاشرة من عمري على أقصى تقدير، بالطبع لم أشتري كتاب في ذلك الوقت، أتذكر هذا اليوم جيدا، مغامرتي الأولى التي انتهت بالوصول إلى الكنز، طفل يجلس وحيدا منتظر عودة والديه من العمل، الملل يقتله فيمرر الوقت في اكتشاف محتويات المنزل غير الظاهرة، صندوق قديم يعلوه الغبار مختفي في الظلمة أسفل الدولاب يلفت نظره، يتخيل نفسه أحد أبطال أفلام الكارتون فيقلدهم، يغلق باب الغرفة ويتشجع، يزحف على بطنه ويتقدم، يمر إلى أسفل الدولاب فيندفع التراب إلى أنفه، يسعل وتتسخ ملابسه وبالرغم من ذلك يستمر بالتقدم، يمسك بالصندوق، يجذبه بصعوبة إلى الخارج وهو يلهث، تعلو ضربات قلبه وهو يفتح الصندوق، يبتئس، يقطب جبينه، لم يجد للأسف شيئا لامعا كما توقع، لا ذهب ولا ألماس كما الأفلام، وإنما كتبا، سلسلة كاملة لروايات الجيب، أتذكر إلى الآن عنوانها "الهارب دكتور ريتشارد كامبل"، أظن أنني منذ هذا اليوم البعيد قد أصبحت قارئا.

 

بالنسبة للكتاب الأول الذي اشتريته، كمعظم أبناء جيلي بدأت رحلتي مع القراءة صحبة دكتور نبيل فاروق، سلسلة رجل المستحيل استهوتني تمام في تلك الفترة، أتذكر أنني قد أنفقت مصروفي لسنوات في شراء أغلب أعداد رجل المستحيل وملف المستقبل.

 

 ما أهم الكتب في مكتبتك؟

حاليا لا أمتلك مكتبة، منذ أكثر من عشر سنوات تخليت عن القراءة الورقية، استبدلتها بالكتب الإلكترونية، الأمر لم يكن مرتبطا بأسعار الكتب، الأمر يتعلق أكثر بالحيز الذي تشغله المكتبة وصعوبات النقل، اتخذت هذا القرار بعد وفاة أبي، حينها لم أجد مكانا لأضع فيه مكتبته، شقتي ضيقة ولا أحد من إخوتي يهوى القراءة، في الأخير اضطررت لوضعها في غرفة أعلى البناية التي يسكنها والد زوجتي، بعد أشهر علمت أنهم قد اضطروا إلى نقل الكتب، المكان كان مخصصا لسكان العقار، لوضع ما ضاقت به شققهم من أشياء لا يريدون التخلي عنها، سرير قديم، دراجة مكسورة، تلفزيون جار عليه الزمن، رأى الجميع أن الكتب أقل أهمية وتأخذ حيزا كبيرا فنقلوها إلى غرفة أخرى، للأسفل تلك الغرفة كانت مخصصه للأشياء الأقل أهمية، لذا فهي أصغر حجما وبلا باب، كما أن سقفها من الخشب، اكتشفت ذلك بعد فوات الأوان، للأسف السقف الخشبي لا يستطيع مواجهة الأمطار، عندما ذهبت للاطمئنان على محتويات مكتبة أبي وجدتها في خبر كان، اختفت ملامح الكتب، تضخمت وصارت تشبه العجين، ذاب الحبر واختفت الكلمات، يومها قررت أن لا أترك لأولادي مكتبة وتوجهت إلى القراءة الاليكترونية.

 

ما الكتاب الذي لا يمكنك الاستغناء عنه؟

لست من هذا النوع من الناس، ذوقي في القراءة يتغير طوال الوقت كما أفكاري، بالطبع تعلقت بالعديد من الكتب، يلازمني الكتاب لفترة ثم أتخلى عنه، أتذكر أول كتاب تعلقت به في مراهقتي كان 200 يوم حول العالم لأنيس منصور، استعرته من صديق ومن صفحته الأولى أغرمت به، قررت شرائه لأحتفظ به مدى الحياة، الآن لا أعرف أين هو الكتاب، قد أكون أهديته لصديق، أو فقد ضمن محتويات مكتبة أبي.

ما الكتاب الذي لديك منه أكتر من نسخة؟

حاليا لا أمتلك إلا الكتب الموقعة من أصدقاء، في الماضي امتلكت الكثير من الكتب المكررة، وذلك بسبب حبي لبعض الطبعات القديمة، مثلا كنت أحتفظ بمجموعة من أعمال نجيب محفوظ ثم أعدت شرائها مرة أخرى بطبعة مكتبة مصر لحبي لأغلفتها، وأيضا أعدت شراء بعض أعمال توفيق الحكيم بالطبعات القديمة الصادرة عن ملتزم الآداب بالفجالة.

هل فكرت أن تستغني عن مكتبتك أو كتبت وصية بشأنها؟

بالفعل استغنيت عن مكتبتي، ودعتها منذ سنوات عن طيب خاطر، أهديتها تباعا للأصدقاء، لا أريد إرهاق أولادي بعد وفاتي في نقل أكوام من الكتب من مكان لأخر حتى تبلى، أنا إنسان واقعي، الكتب الورقية ستختفي تدريجيا إلى أن تصبح ذكرى لزمن قديم، لو أحب أبنائي القراءة في المستقبل أظن أنهم سيكتفون بمكتبة إليكترونية.

 كم مكتبة فقدت لظروف خارجة عن إرادتك؟

فقدت مكتبة في ظروف غامضة، أخر ما أتذكره أنني خزنتها في كراتين أسفل السرير، بعد ذلك بسنوات اكتشفت أنها اختفت، أعتقد أن أمي قد اعتبرتها كراكيب زائدة عن الحاجة وأعطتها لبائع الروبابيكيا.

ما الكتاب الذي تمنيت اقتناءه ولم تعثر عليه؟

حاليا من الصعب ألا تعثر على كتاب، تطبيقات الكتب الإلكترونية وقنوات التليجرام تحتوى على أغلب الكتب، إلا أنه هناك بعض الكتب حصلت عليها بصعوبة، مثل كتاب فتح العرب لمصر لسناء المصري، ورواية اللون أرجواني لأليس وولكر، وخماسية كفاحي لكارل أوفه كناوسجارد.

 هل تشتري كتب ولا تقرأها لظروف ضيق الوقت أو غيرها؟

ليس ضيق الوقت هو السبب، من الممكن أن يكون سقف توقعاتي مرتفع بالنسبة لكتاب معين وعند البدء في قراءته أكتشف تواضعه، قد يكون العنوان الجذاب هو ما دفعني لشراء الكتاب لكن أجد محتواه ضعيف فأتركه.

 هل تحدد ميزانية لتزويد مكتبتك موسميا في مناسبات كمعرض الكتاب؟

من حظي الحسن أنني قد بدأت القراءة في العصر الذهبي للنشر الحكومي، هيئة الكتاب ومكتبة الأسرة والهيئة العامة لقصور الثقافة، أسعار الكتب كانت زهيدة، لذا لم أحدد ميزانية مسبقا، الآن أكتفي بالقراءة الإلكترونية، فقط في بداية العام أقوم بدفع اشتراك سنوي لأحد التطبيقات الخاصة بالكتب الإلكترونية وامتلك مكتبة تضم عشرين ألف كتاب.

هل تعير كتبك لأحد وهل تستعيدها أم لا ترد إليك، وهل تستعير كتب من الأصدقاء وهل تعيدها؟

في السابق كنت أرفض إعارة كتبي لأحد، لأنني أعرف مسبقا أنها لن تعود، في الوقت ذاته أطبق ذلك على نفسي ولا أستعير كتبا من أحد، بعد فترة أصبحت أستمتع بإهداء الكتب إلى أصدقائي، أهديت مكتبتي بالكامل تباعا لأصدقاء.