رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريف صالح: "حارس الفيسبوك" رؤية مستقبلية لفوضى يوم القيامة الافتراضي (خاص)

شريف صالح
شريف صالح

عاش العالم لأكثر من 24 ساعة حالة من الشلل والارتباك، إثر الخلل الذي أصاب نظم تشغيل تقنية تابعة لشركة مايكروسوفت. عالم الرقمنة الافتراضي وكل ما يتصل به من برمجيات وغيره كانت مادة للأدب والإبداع، من بينها رواية الكاتب شريف صالح، “حارس الفيسبوك”، والصادرة عن الدار اللبنانية للنشر عام 2017، عن الرواية وكيف استشرفت العطل الذي أصاب العالم بالشلل، تحدث مؤلفها في تصريحات خاصة لـ"الدستور". 

 محاولة اختراق لحسابي قادتني للرواية

واستهل “صالح” حديثه: “قبيل ثورة يناير، أصابني قلق هائل على أربعة مستويات، أولها قلق ذاتي لأنني كنت أتعرض لمحاولات اختراق وإساءة على  ”فيسبوك" لذلك قررت أن أتأمل هذا العالم الأزرق، قلق ثان كان يتعلق بما يجري في مصر بسبب السوشيال ميديا.

القلق الثالث حمل طابعًا وجوديًا يخص تورطنا في العالم الافتراضي وتغير وعينا وهشاشة صلتنا بالواقع المعيش.

وأخيرًا القلق من كوني أخوض للمرة الأولى تجربة كتابة روايتي الأولى بعد أكثر من كتاب قصصي، لذلك أعدت كتابة الرواية أكثر من مرة خلال خمس سنوات، وغيرت عناوينها من "حفلة القديس مارك" إلى "صليب أزرق" وأخيرًا "حارس الفيسبوك" وتعد من أوائل الروايات العربية التي تتناول تطبيق فيسبوك فقط وليس عالم الإنترنت.

وتابع صالح حديثه عن استشرافه لخلل مايكروسوفت: وجعلتها موزعة على 36 فصلا مرقما ومعنونا، إشارة إلى تعدد وتعقد الأنظمة المعرفية التي نتعامل بها الآن، وجاء ترتيب الفصول تنازليًا وليس تصاعديا، حيث تبدأ بالفصل 36 وتنتهي بالفصل رقم 1، لأنها أسست على بنية الفيسبوك نفسها، حيث القصص والبوستات الحديثة تزيح بوستات الأمس إلى الخلف والنسيان.

ولم تكن الصعوبة الوحيدة في البناء العكسي، وإنما في أن يتطابق شكلها الفني مع قالب الوول تمامًا، لذلك كانت هناك توقيتات دقيقة للأحداث مدونة أسفل عنوان كل فصل، لأن كل بوست مزمن بوقت. والأهم من ذلك يمتلك الوول خاصية القراءة من أسفل إلى أعلى والعكس، لذلك جعلتها قابلة للقراءة عكسيًا من الفصل 36 وصولًا إلى الفصل رقم 1، والعكس صحيح وهو الأفضل. وهذا بناء يندر وجوده في الرواية العربية.

بروفايلات هائمة يحملها ما يشبه سحابة دخان خفيفة

وقُدمت عنها قراءات عدة باعتبارها نموذجًا للرواية ما بعد الحداثية التي لا تعتمد على حكاية رئيسية وتصاعد درامي، فنحن أمام عدد محدود من الشخصيات لكل منها حكاية خاصة ولا يجمع بينها سوى روابط حياتية عادية، غير أنها جميعا متورطة في عالم الفيسبوك عبر شاشات الكمبيوتر والموبايل. وما يحدث من شاتات وستيتس ولايكات وغيرها مستعملًا نفس المصطلحات.

وانتقيت خليطًا من الشخصيات غير متجانس يشابه قوائم الأصدقاء مثل: هدى وهي مديرة لأعمال فنان تشكيلي هو د. أحمد علوي، وزوجها عبد الرحمن وصديقتها منال السمري، وديفيد الأمريكي خطيب منال، وزيزو صديق عبد الرحمن ومهلبية المرأة اللعوب وزوجها رشدي والشاعر علي نجيب خال هدى، وصوفي هوارد (اسم مستعار).

ولفت صالح معلقا على عطل مايكروسوفت، إضافة إلى التأطير الصارم للزمن الخطي المحكوم بمرور أربعة وعشرين ساعة من عمر الفيسبوك والبشر، هو نفس يوم أول إنتخابات رئاسية في مصر بعد ثورة يناير. واخترت أن تبدأ الأحداث بانهيار منظومة الفيسبوك نتيجة فيروس قوي، والكلام عن أكبر عملية قرصنة إلكترونية في تاريخ البشر، وتعطل الأنظمة. وكلها مخاوف مشروعة نتيجة هشاشة تلك الأنظمة وصعوبة معرفة من يتحكم فيها. وطبعًا ينعكس هذا الانهيار على اختراق الخصوصية والفضح وظهور شخصيات افتراضية غامضة تدير الحسابات بديلًا عن أصحابها، واستمرار فاعلية صفحات بعد وفاة أصحابها.

ثم تنتهي الرواية بفوضى يوم "القيامة الافتراضي": "بروفايلات هائمة، يحملها ما يشبه سحابة دخان خفيفة، فوضى إشعارات حمراء، أيقونات تتساقط إلى أسفل، عشرات الرؤوس الفسفورية البلهاء في حجم حبات العدس كانت تتطاير هنا وهناك".