رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهد سعيد.. الفتاة التى خسرناها

شهد سعيد، الفتاة الصغيرة التي حلمت بأن تكون بطلة رياضية، وجدت نفسها فجأة محاصرة بين اتهامات قاسية وأصوات لا ترحم، لم تُمنح شهد فرصة للدفاع عن نفسها بشكل كافٍ، وكأن الجميع قد قرروا إدانتها مسبقًا دون النظر في حقيقة ما حدث، تلك الفتاة التي لم تعرف عن قسوة الدنيا شيئًا، كانت في أمسّ الحاجة إلى الغفران والتفهم، لكنها بدلًا من ذلك، تلقت الصدمات المتتالية التي دفعتها في النهاية إلى اتخاذ قرار مؤلم باعتزال رياضتها المحببة.

بدأت قصتها بخلاف رياضي بسيط بين شهد وزميلتها جنة عليوة، الذي تحول إلى قضية مأساوية لم تكن شهد تتوقع أن تصبح نهاية لمستقبلها الرياضي، في حوار تليفزيوني تحدثت شهد عن الظلم الذي تعرضت له والضغوط النفسية الهائلة التي واجهتها، قالت: "أنا اتظلمت وحققت لـ جنة عليوة اللي عايزاه ومش هروح للأوليمبياد ومش هلعب عجل تانى".

رغم اعترافها بخطئها واعتذارها الصادق، لم تجد شهد من يقف بجانبها أو يدعمها، "ندمانة وغلطانة بس غير متعمد والله"، كلماتها التي لم تجد أذانًا مصغية في مجتمع قاسٍ لا يرحم.

في مجتمعنا، نرى الكثيرين ممن يرتكبون أخطاء جسيمة ويتم منحهم فرصًا لا تحصى للإصلاح والتعويض، لكن لم يكن هذا هو الحال مع شهد سعيد، لم يكن خطأها متعمدًا، لكنها عوقبت بشدة دون أن يتم منحها الفرصة للتعافي أو إعادة بناء حياتها، كان المجتمع بأسره قد قرر مسبقًا أنها لا تستحق الغفران.

تحت هذا الضغط النفسي الهائل، كانت شهد تسمع باستمرار الاتهامات الموجهة إليها، وكلما حاولت الدفاع عن نفسها، كانت تقابل بالرفض والاستهجان، "مصر كلها ضدك بسبب اللي عملتيه في زميلتك يا شهد؟"، كانت تسمع هذا السؤال مرارًا وتكرارًا، ورغم أنها كانت ترد بقلب صادق: "آه بس أنا مكنتش أقصد والله"، إلا أن الردود القاسية كانت تواصل تحطيمها.

في النهاية، لم يكن أمام شهد سوى الاستسلام للضغوط، وأعلنت بمرارة: "أنا مش هشارك في الأوليمبياد ومش هلعب عجل تاني وهعتزل"، قرارها جاء نتيجة للإحباط والانهيار النفسي الذي تعرضت له، مما دفعها إلى ترك حلمها الكبير والانزواء بعيدًا عن الأضواء.

شهد سعيد ليست أول ولا آخر ضحية للضغوط الاجتماعية والنقد القاسي في عالم الرياضة، لكن قصتها تذكرنا بأهمية العدل والرحمة، وأن نمنح الفرص للتعويض والإصلاح، ونحتاج إلى مراجعة أنفسنا وطرق تعاملنا مع الأخطاء، لكي لا نفقد المزيد من المواهب الشابة بسبب قسوتنا وعدم تسامحنا.