رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أولوية قصوى.. خارطة خفض الديون لـ80% من الناتج المحلى فى 3 سنوات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكد خبراء اقتصاديون إمكانية تحقيق الحكومة الجديدة هدفها المتمثل فى خفض الدين العام إلى أقل من ٨٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى، خلال فترة زمنية لا تزيد على ٣ سنوات، مشيرين إلى أن هذا يحتاج إلى الكثير من الجهود والإجراءات.

وأوضح الخبراء الاقتصاديون، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، أن خفض الديون يحتاج إلى وضع سياسات مالية واقتصادية تساعد فى زيادة الإيرادات، إلى جانب وضع سقف وقيود على الديون، والعمل على تعميق وتعزيز الصناعة الوطنية، وزيادة الصادرات فى مقابل الواردات، وغيرها الكثير من الإجراءات الأخرى.

كان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى أول مؤتمر صحفى عقب أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد قال إن الحكومة ستعمل على خفض الدين الخارجى والداخلى إلى أقل من ٨٠٪ من الناتج المحلى، خلال الـ٣ سنوات المقبلة، بتكليف من الرئيس.

تحويل 38% من الديون الخارجية إلى استثمارات بنظام «المبادلة» 

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن خطة الحكومة الجديدة تصب فى تحسين الوضع الاقتصادى، وخفض التضخم وعجز الموازنة، مع الوصول بمعدل الدين العام إلى أقل من ٨٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى، خلال ٣ سنوات.

وأضاف «السيد»: «من الممكن تحقيق هذه الأهداف، من خلال وضع سياسات مالية واقتصادية تساعد فى زيادة الإيرادات، التى بالفعل زادت فى حدود ٣٠٪، خلال العام المالى الجارى، بجانب وضع سقف للدين العام، وقيود على الديون بصفة عامة».

وواصل الخبير الاقتصادى: «يمكن أن تتفاوض مصر مع عدد من الدول والتحالفات البنكية الدائنة، لمبادلة الديون المستحقة لها بحصص ملكية فى بعض الشركات المملوكة للدولة، على أن يكون ذلك بالأسعار العادلة، فى سياق تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، ما يسهم فى تحويل نحو ٣٨٪ من الديون الخارجية إلى استثمارات».

تعزيز الصناعة الوطنية.. وزيادة دخل مصر من العملة الصعبة 

رأى الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، إمكانية تحقيق أهداف الحكومة الجديدة، وعلى رأسها خفض الدين، عن طريق تنفيذ المزيد من الإجراءات والجهود لتنشيط الاقتصاد الوطنى، وتعظيم الإيرادات مقابل تقليل المصروفات.

وأفاد «غراب» بأن الدين العام كان يتخطى ١٠٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى قبل عدة سنوات، ثم وصل إلى ٩٦٪، خلال العام الماضى، قبل أن يواصل الانخفاض إلى ٩٢٪، خلال العام الجارى، وفقًا لإحصائيات وزارة المالية.

وأضاف الخبير الاقتصادى: «خفض الدين العام إلى أقل من ٨٠٪ يستلزم تعميق وتعظيم الصناعة الوطنية من أجل زيادة الناتج المحلى الإجمالى، وزيادة الإيرادات العامة للدولة من الصناعة والزراعة والإنتاج».

وواصل: «الأمر يستلزم أيضًا زيادة حجم الصادرات مقابل تقليل فاتورة الواردات، ما يسهم فى زيادة دخل مصر من العملة الصعبة، وتقليل عجز الميزان التجارى، ومن ثم تقليل عجز الموازنة العامة، بل تحقيق فائض بعد ذلك، خاصة مع استمرار ترشيد الإنفاق العام».

وأكمل: «لا بد من العمل على زيادة دخل مصر من العملة الصعبة، لتصبح إيرادات الدولة من العملة الأجنبية أكبر من احتياجاتها، ويمكن تحقيق هذا من خلال عدة مصادر، أولها السياحة بالطبع، التى ينبغى تنميتها وتنشيطها والترويج لها عالميًا، لزيادة الأفواج السياحية القادمة إلى مصر، إضافة إلى زيادة عدد الغرف الفندقية لاستيعاب الزيادات المتوقع قدومها».

وتابع: «كما أن زيادة دخل مصر من العملة الصعبة تحتاج إلى الاهتمام بتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، التى تعافت وبدأت فى الزيادة خلال الفترة الماضية، إضافة إلى زيادة حجم الصادرات السلعية، وهذا مرتبط بزيادة الإنتاج».

وأعرب عن تفاؤله باختيار الوزراء الجدد، على رأسهم من تولوا مجموعة الوزارات الاقتصادية، لأنهم جميعًا متفوقون وناجحون فى تخصصاتهم وأعمالهم ومناصبهم التى كانوا يتولونها قبل المنصب الوزارى، ومشهود لهم بتحقيق إنجازات عملية فى أعمالهم وحياتهم المهنية.

وأضاف: «رغم أن هؤلاء الوزراء يتولون مناصبهم فى وقت عصيب يمر فيه الوطن بالعديد من الأزمات الاقتصادية الناتجة عن أزمات عالمية، أتوقع نجاحهم فى إدارة هذه الملفات والعبور بالاقتصاد المصرى إلى بر الأمان».

ورأى أن هناك العديد من الملفات العاجلة التى تنتظر من المجموعة الاقتصادية جهدًا كبيرًا وعملًا دءوبًا وفكرًا طموحًا خارج الصندوق، من بينها أزمة انقطاع الكهرباء، وارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم.

وتوقع «غراب» أن تبدأ المجموعة الاقتصادية العمل سريعًا على أبرز الملفات العاجلة التى يمكنها المساهمة فى نهضة الاقتصاد الوطنى، مثل الزراعة والصناعة والاستثمار، والاستمرار فى تعميق وتعظيم الصناعة الوطنية، ودعم القطاع الخاص وإزالة العقبات والعراقيل التى تواجهه.

تمديد آجال الاستحقاق للقروض.. وتوزيع عبء السداد على فترة أطول

أكد الخبير المصرفى محمد عبدالعال أن خفض الدين العام المصرى أمر حيوى وهدف استراتيجى للحكومة الجديدة؛ فتراكم الديون يمثل عبئًا كبيرًا على الحكومات ويقلل من قدرتها على الاستثمار فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. 

وذكر أن هناك العديد من الأفكار والخطط والاستراتيجيات التى يمكن أن تتضافر وتساعد فى تحقيق الهدف الطموح للحكومة الجديدة بخفض الدين العام الداخلى والخارجى، ليصل خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى نسبة ٨٠٪ من إجمالى الناتج المحلى، وهذه الاستراتيجيات المدمجة يمكن أن تساعد فى تحقيق المستهدف المالى الطموح لمصر، وتعزيز الاستقرار الاقتصادى على المديين المتوسط والطويل.

وأضاف: «يمكن اتباع عدة استراتيجيات وإجراءات تشمل تطوير عملية إدارة الدين العام وإعادة هيكلتها، سعيًا لتحسين شروط الدفع وتقليل عبء الفوائد وتمديد آجال الاستحقاق للقروض القائمة لتوزيع عبء السداد على فترة أطول، إضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادى وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة، من خلال تحسين بيئة الأعمال وتقليل البيروقراطية.

وتابع: «لا بد من تعزيز الصادرات عبر تقديم حوافز للمصدرين وتحسين جودة المنتجات المصرية وتنمية القطاع السياحى، وجذب المزيد من السياح بفضل الترويج والأمن المستقر وزيادة الإيرادات الحكومية، وتحسين نظام الضرائب عبر تحديث البنية التحتية للتحصيل الضريبى ومكافحة التهرب الضريبى».

ولفت إلى أهمية تنوع مصادر الدخل من خلال تطوير قطاعات، مثل التكنولوجيا والزراعة المتقدمة، وضبط الإنفاق الحكومى، وخفض الإنفاق غير الضرورى، وتحسين كفاءة الإنفاق العام، وتطبيق برامج للتقشف عند الحاجة، مع الحفاظ على الدعم للفئات الأكثر احتياجًا، إضافة إلى تعزيز الشفافية والمحاسبة، بحيث يكون هناك وضوح كامل فى مصاريف وإيرادات الحكومة والإصلاحات التشريعية، وسن تشريعات تدعم الاستقرار المالى والسياسات النقدية التى تعزز النمو، وتحسين التشريعات المتعلقة بإدارة الديون والشراكة بين القطاعين العام والخاص».

ونوه بأهمية التعاون الدولى للحصول على دعم المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى لتقديم المشورة والدعم الفنى، والتفاوض على مبادرات تخفيف الديون أو تعويض الديون مع الدول والمؤسسات الدائنة، وتنمية الإيرادات من الأصول العامة وخصخصة بعض الأصول الحكومية غير الحيوية لتعزيز الخزانة العامة دون التأثير على الخدمات الأساسية، ورفع القيمة المضافة من الأصول غير المستغلة، مثل تطوير الأراضى والعقارات الحكومية والاستفادة منها اقتصاديًا، بالإضافة لتحسين الكفاءة المالية والاقتصادية واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات لتحسين الكفاءة فى إدارة الموارد العامة والتنظيم».

وقال إن تعزيز الابتكار وريادة الأعمال من خلال تقديم دعم للشركات الناشئة وتسريع نموها وزيادة الشراكات بين القطاعين العام والخاص فى مجالات البنية التحتية والطاقة والنقل- يقلل من عبء الإنفاق الحكومى المباشر مع وضع برنامج شامل للتنمية الريفية والزراعية.

وأكد: «لا بد من تطوير قطاع الزراعة واستخدام تقنيات الزراعة الذكية، وتحسين سلاسل الإمداد الزراعى لتعزيز الأمن الغذائى وزيادة الصادرات الزراعية، وتقديم حوافز للصناعات التحويلية وتقديم الدعم الفنى والتكنولوجى لتعزيز الإنتاجية». وأوضح أن تعزيز السياسة النقدية يساعد فى التحكم فى التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار، الذى يسهم فى تعزيز الثقة فى الاقتصاد ودعم مرونة سعر الصرف وتطوير التعليم العام والتدريب المهنى لضمان توافر كفاءات مهنية مدربة تلبى احتياجات السوق وتعزز الإنتاجية وتنويع مصادر التمويل واستخدام أدوات مالية مبتكرة، مثل السندات الخضراء وسندات التنمية لتمويل المشروعات التى تسهم فى النمو المستدام، ووضع خطط مالية طويلة الأمد، وضمان التزام جميع الوزارات بها للحفاظ على الانضباط المالى وتحقيق الأهداف.