رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضاع مقاله بين اليابان ومصر.. نصر حامد أبو زيد يروي دوافعه لكتابة"مفهوم النص"

نصر حامد أبو زيد
نصر حامد أبو زيد

يتذكر الكثير من الكتاب والمثقفين اليوم، الكاتب والمفكر الراحل نصر حامد أبو زيد، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الجمعة 5 يوليو عام 2010، تاركًا إرثًا كبيرًا من الأعمال الفلسفية والفكرية التي أثرت المكتبة العربية.

ونصر حامد أبو زيد، المفكر الذي تسببت كتاباته وأعماله في إثارة الكثير من الجدل ليس بين أفراد المجتمع فقط وإنما بين زملائه أيضًا المتخصصين في الدراسات الإسلامية.

ومن أبرز الكتب التي شن بسببها الكثير من المتشددين هجومًا ضاريًا علي الكاتب، هو كتاب "مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن"، ونستعرض في السطور التالية، ما الأسباب التي دفعت نصر حامد أبو زيد لكتابته؟

طرح هموم الثقافة والوطن 

يوضح الكاتب نصر حامد أبو زيد، في مقدمته لكتابه "مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن"، أن الأفكار التي طرحها في دراسته المنشورة بالكتاب هي "ثمرة لتفاعلٍ خصب مع طلاب قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة، سواء في الجامعة الأم أو في فرع الخرطوم بالسودان الشقيق"  وذلك بحكم تدريسه مادتي "القرآن والحديث" و"البلاغة العربية" لطلابه.

وأضاف: ذلك الحوار مع الطلاب في قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة كان يدور في دائرةٍ من حوار أوسع مع أساتذة وأصدقاء وزملاء داخل الجامعة وخارجها، ولم يكن الحوار في هذه الدائرة الأوسع يقف عند حدود الهموم الأكاديمية، بل كان يتناول هذه الهموم في إطار من هموم أوسع هي هموم الثقافة والوطن بشكل عام. 

وأكد “أبو زيد”: لعلَّه من قبيل تحصيل الحاصل أن نقول إن اهتمامات الباحث على المستوى الأكاديمي لا تَنفصل عن هموم المواطن بل تتجاوَب معها، وليست الأسئلة والافتراضات التي يطرحها الباحث في أي دراسة، في حقيقتها إلا صدى- قد يبدو بعيدًا وخافتًا- لهموم المواطن على أي مستوى من المستويات.

دراسة التراث الفكري من منظور علاقة المُفسِر بالنص

وأشار “أبو زيد” إلى أن هذا الكتاب، بمثابة "خطوة ثالثة"على طريق درس تراثنا الفكري من منظور علاقة المُفسِّر بالنص وجدله معه، وكانت الخطوتان السابقتان دراسة تأويل النص القرآني، سواء كان هذا التأويل يتم على أُسس عقلية كما هو الأمر عند المعتزلة، أم كان يتم على أسس ذوقية حدسية كما هو الأمر عند المتصوفة. 

وأحد أهم أسباب “أبو زيد” لنشره هذا الكتاب، هو أنه كان ضروريا التركيز في هذه الدراسة على جانب النص ذاته، وذلك في محاولة لاكتشاف مُكوناته وآلياته الخاصة ودوره الإيجابي في عملية التأويل".

ثمرة حوار نصر حامد أبو زيد مع طلابه

وأوضح “أبو زيد”، أن هذا الكتاب يقدم من خلاله لطلاب قسم اللغة العربية بعض ثمار حواره وتفاعله معهم، لافتًا إلى: ليتأكدوا أن التعليم الحقيقي يؤدي إلى التعلُّم أيضًا، وأن الاكتفاء بالتلقين لا يضرُّ الطالب وحده، بل يكون ضرره على المُعلم أشد".

وأضاف: ولطلاب فرع الخرطوم في نفسي أثر خاصٌّ لا يسعني تجاهله هنا؛ فباستجاباتهم المتحمِّسة لأفكاري سواء بالقبول أم الرفض ردُّوا إلى نفسي ثقتها في جدوى ما كنتُ أبذله من جهد، وهي ثقة كانت قد أوشكت على التبدُّد والضياع شتاء عام ١٩٨٢م في الجامعة الأم.

ضياع مقال الدراسة في البريد بين اليابان ومصر

وكشف حامد أبو زيد إلى أن هذه الدراسة استغرق الإعداد لها أكثر من خمس سنوات، مشيرًا إلى: كانت ثمة طوارئ أخرى تصرفُني عنها، ثم أعود إليها ثم أنصرف عنها، وكان التدريس دائمًا يعود بها إلى بؤرة الاهتمام.

وتناول نصر حامد أبو زيد هذه الدراسة، في مقال طويل لمجلة "فصول".

وكتب: المقال ضاع في البريد بين اليابان ومصر، ولم يكن لدي سوى المسودات؛ وذلك نتيجة الثقة المفرطة في الخدمة البريدية، وكان ضياع المقال خسارة فادحة في ذلك الوقت، ولكن هذه الخسارة الفادحة تحولت إلى تلك الضارة النافعة؛ إذ عدت إلى بطاقاتي ومسوداتي من جديد، فكان هذا الكتاب الذي أُقدمه لأساتذتي وأصدقائي ولطلابي أيضًا، فهو منهم ولهم.