رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء ونواب يؤكدون أهمية وجود "خريطة طريق" وكيان مؤسسي معني بملف التشجير

صورة
صورة

أكد خبراء ومسئولون ونواب فى البرلمان أهمية توصيات الحوار الوطنى الذي دعت إليه وزارة البيئة بالتعاون مع المكتب العربي للشباب والبيئة والمنتدى المصري للتنمية المستدامة بعنوان "مبادرة الـ100 مليون شجرة مسئولية مشتركة"، والذي سلط الضوء على قضية "قطع الأشجار" وما دار بشأنها من جدل، حتى تكون هناك خريطة طريق للمستقبل واضحة ومحددة، وأهمية وجود كيان مؤسسي معني بملف التشجير يضم ممثلي الوزارات المعنية ويكون له الإطار التنظيمي والتشريعي الذي يضمن له وضع السياسات المطلوبة.

ورصدت وكالة أنباء الشرق الأوسط، آراء بعض المتخصصين وممثلي مجلسي النواب والشيوخ والوزارات والهيئات والمجتمع المدني فى هذا الموضوع وضرورة التعرف على علاقة الاشجار بالتغيرات المناخية وسبل تلافي ذلك من خلال زرع المزيد من الأشجار.
ولفت الدكتور محمد علي فهيم رئيس مركز التغيرات المناخية بوزارة الزراعة، إلى تأثير قطع الأشجار على التغيرات المناخية، حيث أكد أن قطع الأشجار لا يؤثر اطلاقا على التغيرات المناخية.. موضحا أنها تتأثر فقط حال إزالة الغابات المتواجدة في الدول الغربية والتي تحتوي على ملايين الأشجار..منوها بأن الأشجار والتخضير بجوانب الطرق وأروقة الشوارع تلطف نسبيا من درجات الحرارة تحت نطاق ظلالها فقط.. وفيما يتعلق بأن الأشجار تبعث الأكسجين في الهواء الطلق قال فيهم إن الأكسجين الذي ينبعث من الأشجار سرعان ما ينطلق لطبقات الجو العليا وليس المنتشر في الهواء على الإطلاق.

واتفقت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة على هذا الرأى حيث أكدت أن هناك خلطا كبيرا فيما يتم تناوله على السوشيال ميديا بين فكرة قطع الأشجار والتأثير على تغير المناخ، حيث تساهم الأشجار في تقليل الحرارة في أماكن الظل الناتج عنها، لكن الشجر لا يقلل من درجات الحرارة فى المجمل، لافتة إلى أن زراعة الأشجار تساهم فى تقليل التلوث والاستمتاع بالظل، وفيما يخص تغير المناخ فهي تساعد على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فقط دون الانبعاثات الأخرى، في حين تساهم عمليات توسعة الطرق لضمان السيولة المرورية في تقليل الانبعاثات بالمقارنة بضيق الطرق والتكدس المرورى حتى فى وجود الاشجار، مؤكدة أن أى عمليات قطع للأشجار لأسباب تنموية يتم بعدها عمليات إحلال وتجديد.

من جانبه، أكد الدكتور أيمن ابو حديد وزير الزراعة الأسبق أن هناك نقاشات كبيرة تربط بين قطع الأشجار والحرارة العالية التى نلاحظها هذه الايام، لان درجة الحرارة لا ترتبط بقطع الاشجار وليس لها علاقة بإرتفاع درجات الحرارة التى تشهدها العديد من البلدان، موضحًا أن مصدر المياه اللازمة لزراعة 100مليون شجرة لابد أن يكون غير المياه المستخدمة فى مجال زراعة النباتات لإنتاج الغذاء، ومع وجود بعض أشجار تتسبب فى نشر آفات معينة فى مجال الزراعة لذا فلابد الاخذ فى الإعتبار مكافحتها.

أما الدكتور سيد صبرى خبير التغيرات المناخية والتنمية المستدامة فقال إنه من المعروف علميا أن الاشجار تقوم بلعب دور فعال فى تلطيف المناخ وتنقية الهواء وتقليل تأثير الاحتباس الحرارى من خلال امتصاص ثانى اكسيد الكربون واطلاق الأكسجين.. لافتا إلى أن الانسان يحتاج فى المتوسط الى حوالى من ٧ الى ٨ أشجار لتلبية احتياجاته من الاكسجين بشكل سنوى وكل شجرة تنتج حوالى من ١٠٠ الى ١٢٠ كيلو جراما من الاكسجين سنويا فى حين يحتاج الانسان الى حوالى ٧٤٠ كيلو جراما من الاكسجين سنويا.. مشيرا إلى أن مصر لديها نسبة شجرة لكل شخص وهى نسبة منخفضة جدا لذلك فانه حال الاضطرار لازالة اشجار يجب إعادة زراعتها فى المكان نفسه مرة أخرى من أجل الحفاظ على عناية التوازن البيئى وتقليل الحد من الاثر البيئى السلبى الناتج عنها والتى من أهمها فقدان الغطاء النباتى الذى يساعد على تبريد الجو وخفض درجات الحرارة بالاضافة الى زيادة نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الجو مما يسهم بشكل مباشر فى ظاهرة الاحتباس الحرارى.

وأشار الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين بمصر إلى المبادرات والجهود التى تقوم بها الدولة فى زراعة الأشجار، منها زراعة 2 مليون نخلة فى توشكى، وأيضا مبادرة 100مليون شجرة، ومبادرة اتحضر للأخضر،حيث تعد مصر من الدول التى تكافح التصحر، منوها إلى ضرورة تنفيذ برامج تدريبية لرفع قدرات العاملين بالإدارات المحلية فى مجال التشجير وأن عمليات قطع الأشجار كان لها ضرورة حتمية وليس قطعا عشوائيا.

بدوره، أكد النائب أحمد السجيني، رئيس الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه كرئيس للجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب تم عقد جلسة نيابية رقابية في هذا الموضوع، بحضور مجموعة من الخبراء، ودعمها بالمستندات أثبتتها الجهات المعنية في المجلس الموقر، أفادت بأنه تم تنفيذ توجيهات الرئيس وزراعة في المرحلة الأولى ٧ ملايين شجرة والعام الحالي تم زراعة ٣ ملايين شجرة، فضلا عن زراعة ٢ مليون شجرة أخرى بمجموع يصل إلى ١٢ مليون شجرة، بتصنيفات ما بين مثمرة وأخرى، مؤكدا على ضرورة وأهمية أن تكون مبادرة ال ١٠٠ مليون شجرة مربوطة ومقرونة باقتصاديات المبادرة، ومفهوم العوائد لتحقيق المراد منها، وهناك كثير من التشريعات في هذا المجال.

أما السيدة نهى ذكى عضو لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ، أكدت أهمية الغطاء الشجرى من أجل مواجهة التغيرات المناخية وجودة الحياه، وأن قضية التشجير تحتاج الى جهود مشتركة بين الجميع، وضرورة وضع خطة واضحة للتشجير لكل محافظة، وأيضا متابعة وتقييم ما يتم من مشروعات التشجير بالإضافة الى أهمية التسويق الإعلامى لجهود الحكومة فى هذا الصدد بإستمرار، وفى حالة حدوث قطع للأشجار من أجل المشروعات القومية لابد من توضيح ذلك سريعا للمواطن أول بأول.

في حين، أشار هشام الحصري رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب إلى المادة رقم ١٢٠ من قانون الري الجديد التي تجرم قطع الأشجار وتغريم من يفعل ذلك من ١٠٠ جنيه الى ٥ آلاف جنيه، بينما أشارت النائبة راوية مختار إلى الأفكار الجديدة مثل إشراك خريجي وزارة الزراعة وصرف البذور لزراعة الأسطح في المدن الجديدة.

وطالبت الدكتورة مها فاروق رئيس قسم بحوث الغابات والأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين بضرورة وضع قانون خاص بالتشجير في مصر.، لافتة إلى ضرورة البدء من الآن في الاهتمام بالمشاتل الموجودة في الأحياء وتقديم الدعم الفني والخبرات القادرة على إنتاج هذا العدد من الشتلات للأشجار المطلوبة من حيث النوع والمواصفات المناسبة لكل منطقة، سواء أشجار الشوارع ذات الأوراق العريضة أو أشجار الغابات على مياه الصرف الصحي، منوهة إلى تجربة مصر الرائدة في زراعة 32 غابة مروية على مياه الصرف الصحي والتي، للأسف لم تكتمل، لتوفر علينا استيراد حوالي 1.5 مليار جنيه أخشاب.

فيما أشارت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة إلى العمل حاليا مع مجلس الشيوخ من خلال لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة على قانون البيئة الموحد، بجانب تسريع وتيرة العمل في مبادرة ١٠٠ مليون شجرة وتعظيم دور القانون لدعم قضايا البيئة. 

وعلق الدكتور مجدي علام، الخبير في شئون البيئة والتغيرات المناخية، على ظاهرة قطع الأشجار موضحا أن هناك فارقا بين قطع الأشجار التي كبرت وأصبحت معمرة وتمثل خطورة بشأن احتمالية سقوطها على المارة وبين التي لا تضر في شيء.. مشيرا الى أنه يجوز قطع الاشجار في حالة اذا كان الأمر يمثل حماية للمواطنين وحماية أشجار بجانبها لعدم السقوط عليها، وهناك أشجار عتيقة لها جذور ممتدة تؤثر على جودة الأرصفة.

وأكد الدكتور عماد عدلى رئيس المكتب العربى للشباب والبيئة أن مصر لديها كثير من المبادرات وأنشطة المجتمع المدنى فى مجال التشجير، وجهودها فى منع تجريف الأراضي الزراعية، مشيرا الى انه قد توجد هناك اخطاء فى حق البيئة من قبل بعض الاشخاص غير المسؤولين وهو مايجب التركيز عليه لوضع اجراءات رادعة لمثل تلك الممارسات..مستنكرا بعض الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعى بنشر معلومات مغلوطه دون الاستناد الى حقائق وهو ما يثير البلبله بين المواطنين، مؤكدا انه لابد ان نتكاتف معا من أجل الاصلاح، وذلك يتحقق من خلال وجود وعى، وقانون، ونظام لمواجهة المشكلة.

وأشار المهندس محمد قبطان المنسق العام لمبادرة هنجملها إلى نجاح المبادرة بالتعاون مع جهاز شئون البيئة في زراعة ٧١٨ ألف شجرة من مرسى مطروح إلى حلايب وشلاتين، مطالبا بضرورة الاستفادة من القدرات الوطنية في تعزيز التشجير في مصر.

وفى مداخلة هامة لوزيرة البيئة خلال الحوار الوطنى، أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد أنه يمكن إشراك القطاع الخاص القائم على الربحية في زراعة نباتات ذات عائد اقتصادي مثل طرح ٣ حزم استثمارية لزراعة الجوجوبا والجاتروفا وزراعة التين الشوكي، مشيرة الى أنه عند الحديث عن عملية التشجير لا يرتبط الكلام فقط بتشجير الطريق ولكن عن كيفية زراعة تلك الأشجار وأين يمكن زراعتها سواء شجر ظل أو زينة أو أشجار مثمرة او الاشجار التي يمكن أن تستخدم في عملية التصنيع، منوهة إلى زراعة المنجروف على ساحل البحر الأحمر وهو من النوع الاشجار سريعة الامتصاص والتخزين لثاني أكسيد الكربون، ويتم تسميته أم الطبيعة، كما أنه بات بالنسبة لنا كبيئيين يمثل رابطة بين التنوع البيولوجي والتوازن البيئي في البيئة البحرية وتغير المناخ، وهناك اماكن تم نجاح زراعته بها وأخرى لم تنجح.

توصيات الحوار الوطني:

وكان للحوار الوطني رؤية واضحة محددة ومتعددة المحاور وأهمها هو أن المستخلص الاول لهذا الحوار أن يكتب كلمة النهاية لعمليات قطع الاشجار التي تتم بدون سبب شرعي وقانوني، والتشديد بحتمية تقنين التعامل مع الأشجار وتجريم القطع في حال عدم وجود أسباب قانونية لهذا، حتى تكون هناك خارطة طريق للمستقبل واضحة ومحددة ومدعومة بالعلم فكان من أهم توصياته التى أكدت وزيرة البيئة أنه سيتم رفعها الى رئيس مجلس الوزراء، أهمية وجود كيان مؤسسي معني بملف التشجير يضم ممثلي الوزارات المعنية ويكون له الإطار التنظيمي والتشريعي الذي يضمن له وضع السياسات ويكون له سلطة الإشراف والمتابعة والتقييم وكذلك إعطاء التراخيص بقطع الأشجار حال أن يكون هذا القطع لازما ولا يمكن تفاديه ومن الضروري ان يكون ملتزمًا بقيم ومبادئ المساءلة والشفافية ويسمح له أن يضم من يراه مناسبًا من الخبراء والمتخصصين ومنظمات المجتمع المدني المعنية بذات الأمر.

كما تضمنت التوصيات المطالبة بأهمية أن يكون مؤشر القيمة الاقتصادية من أهم عناصر تنفيذ المبادرة لضمان تحقيق الاستدامة واستخدام الأشجار الملائمة من حيث القيمة البيئية وضمان الحفاظ على المياه وضرورة البدء وعلى وجه السرعة بتجهيز الشتلات لقائمة الاشجار المطلوبة والمتفق عليها وان يتم ذلك بشكل لا مركزي من خلال المشاتل المحلية في كل محافظة، وأيضا من خلال مشاتل الاحياء داخل الوحدات المحلية، وذلك لضمان مخطط التنفيذ بشكل علمي ومستدام، الاستمرار في العمل نحو سرعة إصدار قانون البيئة الموحد والذي يجب أن يعمل على دمج كل القضايا المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، ووضع إطار للحوكمة لملف التشجير على أن يكون ضامنًا للأطر القانونية التي تسمح بالموافقة على ازالة الاشجار ويعمل على تغليظ العقوبات ضد جرائم قطع الاشجار والتقليم الجائر بدون أي داعي أو منفعة عامة، مع العمل على زيادة اختصاصات وزارة البيئة لحكم السيطرة على كل ما هو مخالف للبيئة والتنمية المستدامة، المطالبة بوجود قاعدة بيانات مكوده داخل كل محافظة للأشجار التي يتم زراعتها لتسهيل عملية الحصر والمتابعة والتقييم وأن تكون لكل محافظة من محافظات الجمهورية مخطط استراتيجي بمعايير مستدامة واضحة ومحدد بإطار زمني للحفاظ على وزيادة المسطحات الخضراء داخل المحافظة محدد فيه نوعية الاشجار والنباتات المناسبة للواقع الايكولوجي ومتناسب مع مصادر المياه المتاحة مع مراعاة البعد الاقتصادي والاجتماعي والشكل البصري والجمالي لمخطط التنفيذ داخل المحافظات من أجل الحفاظ على النمط والشكل الجمالي الموحد داخل المحافظة بالاضافة الى عمل خرائط تفاعلية لكل محافظة موضح فيها اماكن ومساحات المسطحات الخضراء، وكذلك معلومات علمية قياسية لقياس نسبة ومعدل التنفيذ ووضع مواصفة موحدة للأرصفة والمسافات المحددة لزراعة الأشجار وتنفيذها في كل المحافظات، الى جانب أن يتضمن برنامج الإدارة المستدامة للمياه على المستوى الوطني مراعاة توفير مصادر المياه اللازمة لكل محافظة لري الحدائق والأشجار، وزيادة الاهتمام بعمليات حصاد الامطار خاصة في المحافظات الشمالية الحدودية بشكل علمي حتى يتم الاستفادة منها بأكبر قدر ممكن والاهتمام بوضع برامج تدريبية علمية لبناء قدرات القائمين على عمليات التشجير بالجهات التنفيذية، وان يتم ذلك بشكل مستمر للتأكد من أن تتم زراعة الاشجار داخل المحافظات بالمنهجية التي تمكنها من تحقيق عائد وقيمة اقتصادية، وأيضا التوصية بأهمية تبادل المعلومات بسهولة وشفافية بهدف تصحيح المفاهيم، ونقلها عبر وسائل التواصل المختلفة للحد من انتشار المعلومات المغلوطة لدى فئات المجتمع المختلفة.