خبراء استراتيجيون: "30 يونيو" ثورة إنقاذ وضعت مصر على المسار الصحيح
"ثورة 30 يونيو.. طريق مصر نحو الجمهورية الجديدة"، هكذا يمكن وصف نقطة التحول التي دونها المصريون في سجلات الكرامة والعزة والشرف، حيث سطَّروا بأحرفٍ من نور في كتب التاريخ أنهم شعب لا يعرف المستحيل، وذلك بعدما انتفضوا في الثلاثين من يونيو عام 2013 لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح، وإنقاذ الدولة من مخاطر التفكك في ظل سياسة استقطاب نفذتها جماعة الإخوان الإرهابية خلال فترة حكمها، فضلًا عن محاولاتهم لمحو الهوية الثقافية والحضارية.
وتأكيدًا على ذلك، وصف خبراء استراتيجيون ثورة 30 يونيو بأنها "ثورة الإنقاذ"، حيث رسمت مسارًا جديدًا للعمل الوطني المصري الخالص، لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحديثة على كل الأصعدة والمستويات، استنادًا إلى دعائم قوية وأسس متينة تتمثل في حالة التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني خلف القيادة المصرية لمجابهة التحديات.
وأكد الخبراء الاستراتيجيون، في تصريحات، أن "ثورة 30 يونيو" كانت البداية لتدشين مرحلة مفصلية في تاريخ مصر، نقلتها من مرحلة الضياع والتفكك إلى مرحلة البناء والتنمية، كما رفعت تلك الثورة شعار العمل للحفاظ على الدولة الوطنية وتثبيت أركانها ومؤسساتها المختلفة، فضلًا عن أنها كانت السبيل لاستعادة مصر مكانتها الإقليمية والدولية.
مخططات خارجية
وفي هذا الإطار، يقول اللواء نصر سالم الخبير الاستراتيجي، إن ثورة الثلاثين من يونيو استطاع المصريون من خلالها أن يحفظوا وحدة وأمن بلادهم من مخططات خارجية كانت تستهدف بالأساس تقسيم مصر والتفريط في أراضيها.
وأضاف اللواء نصر سالم أن "ثورة 30 يونيو" كانت بداية الطريق نحو الجمهورية الجديدة، حيث شهدت فترة ما بعد الثورة تطهيرًا لأرض مصر من الإرهابيين، إلى جانب خوض معركة التنمية والتعمير في كل ربوع الوطن. ونوه إلى أن وقوف القوات المسلحة إلى جانب شعب مصر كان هدفه حماية إرادة المصريين، ودعم متطلباتهم في مستقبل آمن ومستقر ومزدهر، لافتًا إلى أن الثورة نجحت في عودة الوحدة الوطنية بين المصريين بعد محاولات يائسة من قبل جماعة الإخوان الإرهابية في خلق مجتمع قائم على أساس الاستقطاب والفرقة.
وذكر أن ثورة "30 يونيو" وقفت حائط صد أمام مخططات تستهدف التفريط في أرض مصر، حيث أجهضت تلك الثورة مخطط الجماعة الإرهابية في منح أجزاء من الأراضي المصرية لأطراف أخرى، وبقيت أرض مصر متماسكة وحرة أبية مستعصية على أي خائن.
وأشاد اللواء نصر سالم بما شهدته مصر بعد "ثورة 30 يونيو" من مسيرة تنمية شاملة وبما تحقق من إنجازات متميزة، مستعرضًا المشروعات القومية العملاقة ومن بينها مشروع حياة كريمة، فضلًا عن مشروعات إنشاء المدن الجديدة والمدن الذكية.
وشدد على أن الدولة المصرية بعد "30 يونيو" استطاعت إعادة اكتشاف ذاتها وإمكاناتها، وسخرت مواردها بما يعود بالنفع على شعبها ومحيطها، منوهًا بما شهدته مصر خلال السنوات العشر الماضية في ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، من إنجازات تفوق الخيال.
وتابع اللواء نصر سالم أن الدولة المصرية بعد ثورة يونيو رسمت خطتها المستقبلية واضحة المعالم (رؤية مصر 2030)، فضلًا عن إطلاق المبادرات التي غيرت وجه مصر وهيأت الطريق نحو الانطلاق إلى الجمهورية الجديدة.
بدوره، يقول اللواء طيار دكتور هشام الحلبي مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إنه لا يمكن فصل ثورة الثلاثين من يونيو أو تقييمها بعيدًا عمَّا حدث في الخامس والعشرين من يناير 2011، حيث خرج في 25 يناير شريحة كبيرة من المصريين ينادون بتغيير وجه مصر إلى الأفضل، وفي الوقت ذاته تم الزج بعناصر تريد أهدافًا غير التي نادى بها المصريون الوطنيون.
وأضاف الحلبي أنه بعد إسقاط النظام بعد 25 يناير، بدأت عملية التغيير، ولكن تم إدخال تأثيرات سلبية إلى المشهد أخذت أهداف ثورة يناير (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية) إلى اتجاه آخر تمامًا، الأمر الذي أدى إلى حالة من الفوضى، وليس أدل على ذلك من فتح السجون، وقتل المتظاهرين، ومحاولات حرق المنشآت، وإدخال الإخوان في المشهد.
وتابع أن كل تلك التأثيرات السلبية لم يكن الشعب المصري يتوقعها أو يريدها، لأنها ستجر الدولة إلى اتجاه ومنعطف خطير يكاد يعصف بها.
وأبرز الخبير الاستراتيجي أن الشعب المصري يمتلك حسًا أمنيًا ووعيًا حقيقيًا، وشعر المصريون بأن ثورتهم قد اختُطفت في اتجاه لا يريدونه، ليبدأ المصريون في الحشد من جديد بهدف استعادة ثورتهم وإزاحة مختطفيها من المشهد وإسقاط نظام الإخوان.
البطل الحقيقي
وأشار إلى أن المصريين نجحوا نجاحًا مبهرًا في الثلاثين من يونيو عكس ما توقعته جميع دول العالم، واصفًا الشعب المصري بأنه "البطل الحقيقي"، حيث وقف المصريون أمام نظام له توجهاته الخارجية واستطاعوا إسقاطه. وأكد اللواء طيار دكتور هشام الحلبي أن القوات المسلحة المصرية لعبت دورًا فعالًا في الانحياز لصالح الشعب المصري، حيث حمت القوات المسلحة إرادة المصريين، وأمَّنت المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة الثلاثين من يونيو.
وذكر الحلبي أن الدولة المصرية سارت بعد ثورة الثلاثين من يونيو في مسارات عدة، أبرزها المسار الأمني الذي تمثل في مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار بربوع البلاد، إلى جانب المسار التنموي، حيث شهدت البلاد طفرة عمرانية وتنموية غير مسبوقة في تاريخها، فضلًا عن العمل على تحديث القوات المسلحة المصرية ومنظومات التسليح المختلفة.
وأوضح أن العمل من خلال تلك المسارات المتوازية مكَّن الدولة من صياغة رؤية مصر 2030، لتحقيق مطالب وأحلام وطموحات المصريين، حيث تم وضع تلك الرؤية بصورة علمية تتضمن كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية والسياسية.
ونوه بأن الرؤية المصرية كانت واقعية في تنفيذها، وبدأت الدولة على الفور في اتخاذ إجراءات التنفيذ على الأرض، وظهر ذلك بوضوح في المبادرات التي نفذتها الدولة لصالح المواطن، وأبرزها المبادرات في المجال الصحي، مثل 100 مليون صحة، للكشف المبكر عن الأمراض السارية، فضلًا عن مبادرة الكشف عن فيروس سي، والتي حققت نجاحًا منقطع النظير، لافتًا إلى أن الدولة وضعت صحة المواطن ركيزة من الركائز الأساسية للأمن الإنساني.
ونوه بأن الإنجازات المصرية لم تتوقف عند ذلك الحد، حيث شرعت الدولة المصرية في تنفيذ مشروع "حياة كريمة" للنهوض بمستوى الحياة في القرى الأكثر احتياجًا، لافتًا إلى أن هذا المشروع تعول عليه مصر في تغيير وجه الريف المصري وتنميته وتطويره بصورة عملية.
من جهته، أكد اللواء محمد زكي الألفي المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن ثورة الثلاثين من يونيو كانت ضد "أعداء الوطن"، بقيادة وطنية مخلصة، حيث قرر المصريون استعادة وطنهم المسلوب وأصروا على بنائه بكل إخلاص وتفان، مقدمين مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
وأضاف الألفي أن ثورة الثلاثين من يونيو كانت سدًا منيعًا ضد الإرهاب، حيث كان من ثمار تلك الثورة محاربة الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار، ومواجهة كل التحديات والأزمات التي كادت أن تكون جزءًا من الحياة اليومية للشعب المصري، مشيرًا إلى دور رجال القوات المسلحة، والشرطة والأجهزة المعنية الوطنية، التي انحازت إلى صفوف الشعب لاستعادة وطنه والحفاظ عليه وصون أمنه واستقراره.
وتابع أن أبناء الوطن الشرفاء، خاصة شبابها، استطاعوا من خلال تخطيط استراتيجي، ورؤية عميقة للأحداث ووعي حقيقي، تجاوز كل التحديات والمخاطر التي كانت تحيط وتحدق بالوطن الغالي.
ونوه بأن الفترة التي أعقبت ثورة الثلاثين من يونيو تضافرت فيها جهود الهيئات والمؤسسات في الدولة، إلى جانب القطاع الخاص والمجتمع المدني، ورفع الجميع شعار "العمل الجاد من أجل الوطن"، بهدف تحقيق التنمية المستدامة للعبور نحو بناء الجمهورية الجديدة وترسيخ مقوماتها.
وذكر أن ما شهدته مصر من حركة تنموية وعمرانية بعد ثورة الثلاثين من يونيو، خاصة فيما يتعلق بمشروعات البنية التحتية وإنشاء المدن الجديدة، ليس وليد صدفة، ولكنه نتيجة تخطيط استراتيجي شامل لتحقيق التنمية المستدامة في كل أرجاء الوطن، دون إغفال تأمين كل الاتجاهات الاستراتيجية للدولة من أي أعمال أو عدائيات، في ظل ظروف أمنية صعبة تحيط بالوطن خاصة في دول الجوار المباشر.
وشدد على أن مصر استطاعت بعد ثورة الثلاثين من يونيو أن تتبوأ مكانتها الإقليمية والدولية المناسبة والملائمة لها، وهو ما ظهر جليًا في الحرب العدوانية الراهنة على قطاع غزة، حيث اتجهت كل الأنظار إلى مصر باعتبارها قوة لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
وأبرز المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية أن ما حققته مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو، خاصة فيما يتعلق بالقضاء على الإرهاب، أتاح الفرصة للدولة للانطلاق نحو تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي في مصر، ومن ثم خوض معركة التنمية والتعمير، رغم الظروف الصعبة والتي زادت حدتها جراء أزمة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، مرورًا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي كان له تأثير شديد على المنطقة كلها.