رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المحامية أميرة بهى الدين: خوف المصريين على وطنهم أنقذ الدولة فى 30 يونيو رغم تهديدات الجماعة الإرهابية

أميرة بهى الدين
أميرة بهى الدين

قالت المحامية والإعلامية أميرة بهى الدين إن مشهد حرق أقسام الشرطة والمحاكم أثناء ثورة ٢٥ يناير وبعدها كان يهدف لإسقاط الدولة المصرية وليس نظام الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك فقط، بعد أن استخدم الإخوان أحلام الناس للوصول للحكم، و«تقاولوا» مع «الخواجة» لخراب البلد وتقسيمه، بالتعاون مع الانتهازيين من اليسار، مؤكدة أن من اجتمعوا مع قيادات الجماعة فى اجتماع «فيرمونت» الشهير كانوا يدركون جيدًا أنهم «بيودوا البلد فى داهية».

وأوضحت، خلال حديثها لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن أول كلمة قالتها بعد وصول الإخوان لحكم مصر وإعلان فوز الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية هى «كتُب علينا القتال»، مؤكدة أنها لم تتابع أى خطاب له طوال فترة حكمه، بل نزلت لمعارضته مع غيرها من المصريين بعد شهر واحد من انتخابه، لخلافها الحاد مع أفكار الجماعة، التى استقوت بالخارج على أبناء الوطن، وظلت تنتظر الزعيم والقائد الذى يشبه مصر والذى سينقذها من «المغول» الذين حاولوا احتلالها.

■ كيف رأيت وجود الإخوان على السطح بعد ٢٥ يناير؟

- جماعة الإخوان جهزت لثورة ٢٥ يناير واستخدمت الشباب غير الخاضع لها، كما استخدم الإخوان أحلام الناس المشروعة فى التغيير، وصدروا المشهد كأنه عفوى، ثم فى يوم الخميس ٢٧ يناير أعلنوا عن أنهم نازلين لميدان التحرير والميادين الأخرى، بعد أن تركوا الشباب يوم ٢٥، من الذين كانوا لا يحملون أى أيديولوجيا.

وكنت أرى وقتها أن الإخوان أعدوا لذلك، لأنه لا يوجد عمل عفوى ولا صدفة فى السياسة، فكل شخص نزل إلى التحرير، سواء كان غاضبًا أو له حلم من الأحلام المشروعة من الاعتراض على النظام السابق، لم يكن يعرف ماذا بعد، لكن الإخوان كانوا يعرفون أنهم هم القادمون، وهذه كانت قراءتى لما حدث.

وقبل عامين من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ كان هناك تراكم للغضب الشعبى، وكانت توجد أخطاء كبيرة، أوجدت مصر لها الآن، بعد ثورة ٣٠ يونيو، وبعد ١٠ سنوات من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، حلولًا كثيرة، لكن قبل ٢٥ يناير كانوا لا يحلون المشاكل حتى تقع الدولة كلها عبر الغضب الشعبى.

وقد كُتب العديد من المقالات الصحفية حول ذلك، ولذا لم أشارك فى ثورة ٢٥ يناير، ولكنى كنت أبكى منذ ٢٤ يناير لأنى كنت أرصد التوجيهات حول ارتداء ملابس معينة ووضع الخل فى عيون الضباط، وكنت أردد أن الدولة ستقع وليس النظام أو الرئيس، وهذا ما ظهر واضحًا خلال ١٨ يومًا، بعد أن استيقظنا على حريق أقسام الشرطة والاعتداء على المحاكم واقتحام السجون، فالدولة ما هى إلا مؤسسات.

والثورجية فى ٢٥ يناير قاموا بعمل سجن فى مترو الأنفاق ليسجنوا به فلول النظام، كما أن إحدى شركات السياحة كانت تعذب المعارضين، وكنت أبكى لأنى أرى أن الدولة تنهار، وكنت أشاهد فى يوم ١١ فبراير وقبله خروج الإرهابيين من فوق العمارات لضرب الناس بقنابل المولوتوف، وتبع ذلك «موقعة الجمل»، مع رفع لافتات فى التحرير تطالب بالإفراج عن الإخوانى خيرت الشاطر.

والناس كانت تقول لى: «أين هم الإخوان؟»، ويعتقدون أننى أعانى من «فوبيا الإخوان»، وكانوا يصفون الثوار بأنهم الشباب المتحمس، ويصفوننى بأننى من فلول النظام والمدافعين عنه، لكنى كنت أقسم بأن الإخوان قادمون.

■ كيف كان المشهد بعد ٢٥ يناير وتخلى الرئيس الراحل حسنى مبارك عن السلطة؟

- كان يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ يومًا فارقًا فى حياتى، لأن كثيرين خرجوا من حياتى بعدها، كما أننى تعرضت للسباب والشتائم من البعض، وكأننى إسرائيل، لكننى ظللت ثابتة على موقفى ورؤيتى لأن الإخوان قادمون، وسيأتون للحكم، لكنهم سيغادرون بعد عام واحد، وهذا ما قلته بالنص لأحد أصدقائى.

وخلال تعديل الدستور بدأت أرى رموزًا كثيرة للإخوان فى البرامج التليفزيونية، حتى إن أحد الأشخاص قال إن الشيخ أخبره بأن يقول نعم للتعديلات الدستورية، وعندما سألته: «ومال الشيخ والتعديلات؟»، قال لى: «لما أطلع عند ربنا أقول له سمعت كلام أميرة ولا الشيخ؟!».

وبعد أحداث ٢٥ يناير كانت هناك أحداث كثيرة فى ليبيا وسوريا واليمن، والمشهد أصبح أكبر من مصر، وكان هناك مشهد الخواجة غير المعروف، الذى كان يظهر فى ميدان التحرير ووسط ثوار ليبيا وغيرهم.

وعرفنا أنه كانت هناك خريطة لتقسيم مصر وليبيا والسعودية، وأن تقسيم مصر سيتم من خلال استدعاء تجربة تقسيم السودان، أى بعد تجربة تطبيق الشريعة وقطع يد كثير من أبناء الشعب، مما يؤدى لغضب شعبى، وهو ما ينتهى بالتقسيم، أى أن تقسيم مصر لم يكن ليتم إلا بحروب طائفية دينية، وليس هناك من هم أصلح لذلك من الإخوان، لأنهم لن يختلفوا مع الأقباط فقط ولكن مع المسلمين من غير أعضاء الجماعة أيضًا.

وبعد ٣٠ سبتمبر ٢٠١١ كنت أرى بوضوح أن كرة النار تجرى والمخطط ينفذ على الأرض بقوة، وأنه لا بد من كسر البلد، والقضاء على الشرطة والجيش، بعد أن ضربوا القضاة فى المحاكم، وحاصروا مدينة الإنتاج الإعلامى حتى تكون الدولة بلا مؤسسات.

وأحد اليساريين قال لى إنه لا يمكن إسقاط الدولة إلا بالتعاون مع الإخوان، فهم يهدمون الدولة ونحن نبنيها.

■ متى فقد اليسار المصرى رشده؟

- قطاعات منه فقدت رشدها، وأؤكد دائمًا أن هناك قطاعًا من اليسار كان ولا يزال فصيلًا وطنيًا، ومنه حزب «التجمع»، الذى دعم الرئيس السيسى فى الانتخابات الرئاسية، ومن أول يوم لحكم الإخوان كان موقفه مختلفًا، وظل له أعضاء كثيرون يدعمون الدولة ومؤسساتها بمنتهى الوطنية.

ولكن فى المقابل هناك قطاع من اليسار فقد رشده من أول ٢٥ يناير وقبلها عندما كان يذهب للمرافعة عن القتلة الذين قتلوا رفعت المحجوب «رئيس مجلس الشعب الأسبق»، ويقولون إن هذا كان دفاعًا عن الحريات، ولكن: كيف ذلك ونحن ندافع عن شخص يفجر قنبلة ويقتل المواطنين المدنيين؟

ومن تجربتى مع اليسار كنت أرى أن هذا الفصيل تحالف مع الإرهابيين وهذا أمر جلل، لأنه قرر أن يتحالف مع الذين قتلوا الشيخ الذهبى «فى سبعينيات القرن الماضى» برصاصة فى عينه الشمال، كما قتلوا الرئيس الراحل أنور السادات فى المنصة بل وتباهوا بذلك، وقتلوا أيضًا الضباط والجنود فى مديرية أمن أسيوط عندما اقتحموا مديرية الأمن، كما كان الإخوانى سيد قطب يريد أن يهدم القناطر الخيرية ويغرق الفلاحين بسبب صراعه مع الدولة المصرية، ومع جمال عبدالناصر.

■ هل هناك جماعات انتهازية فى اليسار المصرى؟

- الجماعات الإرهابية تتحالف مع الشيطان وتستخدم أى حد، وهناك عداء مع الدولة المصرية يجمع بين الفصيلين، فهم يريدون إسقاط الدولة الوطنية، وغالبًا كانوا يريدون من الناس أن يقتلوا بعضهم البعض ويدخلوا فى حرب أهلية.

وعندما تحالفوا على الدولة كان ذلك وفق ما نقول عنه بالبلدى «اللى تغلب به العب به»، ويمكن أن نقول إنهم كانوا «متقاولين»، فالخواجة دفع فلوسًا للناس لتنزل الشارع وكان يتم تدريبهم على مواجهة رجال الشرطة، واستفزازهم، والخواجة عندما يعطى أموالًا لأشخاص فهو لا يريد منهم أن يعلموا الشعب الديمقراطية، ولكن يريد أن ينفذ خريطة الدم وتقسيم مصر والوطن العربى.

■ كيف وصلنا لمرحلة تشويه الرأى العام ليختار برلمانًا إخوانيًا ورئيسًا إخوانيًا؟

- الشارع أنقذ مصر من الإخوان، وبدأ دوره الوطنى الرئيسى عندما أصبح محمد مرسى رئيسًا للجمهورية، لكن قبل ذلك كان يرى أن الإخوان «بتوع ربنا»، وهناك كثيرون حدث لديهم خلط، والشعب قرر أن يجرب، كما أن الإخوان عندما نزلوا الانتخابات نزلوا من خلال قوائم مجمعة، تضم الناصريين واليساريين، وكانوا متحالفين مع أحزاب، منها حزب «الكرامة»، وكان الحشد يتم لهذه القوائم.

وأذكر أننى فى أيام انتخابات البرلمان بعد يناير قررت أن أصور المصريين فى الشارع، ورأيت حشدًا كبيرًا يضم مصريين عاديين، لكنهم كانوا يرتدون قميص حزب «الحرية والعدالة» ويرقصون فى الشوارع، لأن الناس كانت مخدوعة فيهم.

وبالإضافة إلى ذلك كان هناك تلاعب فى الانتخابات، وكانت هناك نساء منتقبات حول اللجان الانتخابية لجعل المواطنين يصوتون لمرشحهن، وهو ما حدث أيضًا فى الانتخابات الرئاسية، التى كانت معركة كبيرة بين ١٣ مرشحًا، إلى أن كانت الإعادة بين محمد مرسى وأحمد شفيق.

■ كيف رصدت يوم إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة فى عام ٢٠١٢؟

- عندما أتذكر هذ اليوم أتذكر مشهد «مرسى» وبجواره حمدى قنديل، وأننى كنت أقول وقتها: «سنحاسب جميعًا على ما يحدث»، لأن حمدى قنديل كان كاتبًا وباحثًا وأستاذ جامعة ولديه علم وفكر ويدرك كل ما يحدث، أى أنه غير الناس العاديين، وأرى أن من كان يقف خلف «مرسى» فى يوم إعلان النتيجة ومن شارك فى اجتماع «فيرمونت» مع الإخوان كان يعلم أنه «بيودى البلد فى داهية».

وفى المقابل، فإن المصريين الذين لم تكن لهم صلة بالسياسة خافوا على مصر، وهم من أنقذوا الدولة فى ٣٠ يونيو، لأنهم شعروا بالخوف على البلد.

ويوم إعلان النتيجة كنت عند المنصة فى مدينة نصر، وكانت هناك دعوة لمن انتخب الفريق شفيق للنزول عند المنصة، ووجدت هناك ملايين المصريين يقولون جملة واحدة، وهى: «مين دول؟ الناس دى مش شبهنا»، وفى هذه اللحظة لم يعد الإخوان «بتوع ربنا» بعد أن انكشفت الشعارات وظهرت العجرفة والشعور بالقوة، لأنهم يذهبون للقاءات الخارجية الأمريكية ويحتقرون الشعب المصرى.

وفى هذا اليوم، قلت إن «مرسى نجح لأن مصر كانت أمام خيارين، فإما أن ينجح المرشح الإخوانى أو يتم إحراق مصر، لأنهم كانوا يهددون بذلك»، وفى هذا اليوم قلت أيضًا: «كتب علينا القتال»، وكانت هذه أول كلمة نطقت بها بعد إعلان فوز محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، ولذلك، لم أتابع أى خطاب أو لقاء أو حوار لـ«مرسى»، وعندما كان الجميع يسخرون من تعبيراته كنت أحزن، لأنه لا يجوز أن يكون موجودًا فى هذا المنصب من الأساس، ولا يجوز أن نعبر عن موقفنا منه بالضحك.

■ ما كواليس وقفة ٢٣ أغسطس ٢٠١٢؟

- فى يوم ٢٣ أغسطس ٢٠١٢ شاركت فى الوقفة الاحتجاجية فى ميدان طلعت حرب، التى ضمت أطيافًا من الناس والمثقفين والمبدعين والفنانين الذين خرجوا للدفاع عن حرية الرأى والإبداع، كما رفعوا لافتاتهم وأصواتهم عالية ضد حكم جماعة الإخوان، وكنت أثق تمامًا أن روح مصر لا يمكن خنقها، وأن صوت مصر لا يمكن إخراسه، وازداد يقينى حينها بأن حكم الجماعة الإرهابية سيزول.

وتلك الوقفة تحديدًا كانت ضد التهديدات التى أطلقتها الجماعة الإرهابية بشأن محاكمة الزعيم عادل إمام وعدد آخر من الفنانين المصريين، وفى اليوم التالى، أى فى يوم ٢٤ أغسطس، كتبت عبر صفحتى الشخصية على موقع «فيسبوك» أننى سأتوجه إلى قصر الاتحادية مع «جبهة مصر المدنية»، وطالبت المصريين بمشاركتنا فى وقفة سلمية احتجاجية ضد أخونة الدولة المصرية وحكم المرشد، ودعمًا للحريات العامة وحرية الإبداع والفن، وأيضًا احترامًا لسيادة القانون.

وكنا نهتف من أمام قصر الاتحادية فى ذلك اليوم «يسقط يسقط حكم المرشد»، كما أننى ومنذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية كنت أهتف ضد الإخوان، وهذا الحراك كان ضد الفكرة نفسها، أى قبل وقوع أى حدث من قبل الجماعة الإرهابية.

■ لماذا خرجت ضد «مرسى» عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية مباشرة؟

- خلافنا فى عام ٢٠١٢ لم يكن مع محمد مرسى فقط، بل كان ضد فكر جماعة الإخوان بشكل كامل، وبالفعل، قررت النزول للشارع والهتاف ضد الإخوان بعد فوز محمد مرسى بالانتخابات الرئاسية مباشرة، كما أن ٥ آلاف مصرى قرروا أيضًا النزول يوم ٢٤ أغسطس ٢٠١٢ أمام قصر الاتحادية، ليهتفوا معنا: «يسقط يسقط حكم المرشد»، وذلك بعد شهر و٢٤ يومًا فقط من الانتخابات.

وكنا نبعث رسالة من خلال تلك الوقفة تقول إنه لا يوجد رئيس للدولة المصرية بل هناك مكتب إرشاد يحاول التحكم والسيطرة على الوطن، وقمت حينها بالتقاط بعض الصور للمتظاهرين باستخدام الكاميرا الخاصة بى، لأشاركها مع رواد موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، كما أننى كنت أشجع كل من يخرج ضد الإخوان، أيًا كان انتماؤه. وأذكر أننى فى ٢٧ أغسطس ٢٠١٢ كتبت عبر صفحتى: «ما زلت أنتظر من سيأتى وفى قلبه باقة ظهور بيضاء يضعها تحت قدمى مصر ويبكى، لأنه سمح لهؤلاء أن يفعلوا بها ما فعلوا، وسيعالج جروحها ويأخذها من يدها للمستقبل الجميل، وما زلت أنتظر ولن يطول انتظارى».

ثم، فى ١ نوفمبر ٢٠١٢، كنت أتوقع أن يظهر زعيم وقائد مصرى لينقذ البلاد من «التتار» و«المغول» الذين أرادوا السيطرة عليها، وطالبت المصريين بالوقوف معه فور ظهوره.

■ كيف تقيمين تجربة الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013؟

- فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، كنت أدرك تمامًا أن تلك هى أيام اليقين؛ لأنه حين حكم محمد مرسى الدولة المصرية سرعان ما تم تفعيل زر الاستدعاء الوطنى التاريخى لروح مصر، وتبين حينها أننا سنسير فى ذلك الطريق وسننتصر فى القريب العاجل، رغم التهديدات والممارسات الوحشية التى كانت تمارسها الجماعة الإرهابية بحق المصريين.

وهذا الوطن فى تاريخه يجلب لنا دائمًا زعيمًا جديدًا، وكنت أثق تمامًا أن الزعيم الجديد سيكون مشابهًا لكل المصريين، وسيتحمل الكثير من المتاعب والتحديات من أجل هذا البلد، وبالفعل تحققت تلك الأمنية، وظهر الرئيس عبدالفتاح السيسى لينقذ وطننا من حكم جماعة الإخوان الإرهابية.