رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

New Amsterdam | التعاون والعمل الجماعى كقيمة قيادية: دروس من د. ماكس وتجارب الشركات العالمية

في الجزء الثاني من ثاني مقالات سلسلة "دروس الإدارة من أبطال التليفزيوننتحدث عن قوة العمل الجماعي وتقبل تنوع وجهات النظر باعتباره ثاني أهم الصفات القيادية لدى د. ماكس. التعاون ثقافة يجب ترسيخها في جميع مستويات الشركة، ويتضح تأثير غيابه في أمثلة مثل انهيار شركة إنرون Enron بسبب الافتقار إلى التعاون الداخلي، وكيف يمكن تحقيق التعاون الفعال.

للاطلاع على الجزء الأول من المقال: New Amsterdam | دروس الإدارة من أبطال التليفزيون.. الرؤية العظيمة تُظهر مشكلات عميقة (1)

ملحوظة: لا يوجد حرق للأحداث

التعاون والعمل الجماعى

يأتي التعاون كثاني أهم الصفات القيادية لدى د. ماكس. إذ يتخذ باستمرار نهجًا تعاونيًا لحل المشكلات واتخاذ القرار في مركز نيو أمستردام الطبي، ويؤمن بقوة العمل الجماعي ويقدّر وجهات النظر المتنوعة لزملائه. ولتطبيق ذلك، يجب تحديد ثلاثة أشياء بشكل رئيس: تحديد الأهداف، التواصل الفعال، والوضوح.

وهو ما فعله د. ماكس خلال حديثه مع الطاقم الطبي قائلًا: "نحن جميعًا في هذا معًا، وأحتاج إلى مساعدتكم. من يريد مساعدتي في إصلاح هذا المكان؟" إذ أقر خلال حديثه بهدف "إصلاح المكان"، وأوضح أهمية العمل الجماعي، وسعى للحصول على دعم زملائه لإحداث تغيير إيجابي في مستشفى نيو أمستردام (الموسم 1، الحلقة 5).

أدعوكم لمشاهدة هذا الفيديو حول: ‏كيف يلهم القادة العظماء الزملاء

والتعاون ليس استراتيجية فقط، لا يمكنك أن تستيقظ يوما لتقرر وضع استراتيجية للعمل الجماعي وتتوقع تطبيقها بشكل فوري، بل هو "ثقافة"، يتم زرعها في الشركة ورعايتها والتأكيد عليها طوال الوقت، والالتزام بها على كافة المستويات.

ومثالًا على ذلك؛ يتحدث د. ماكس مع زملائه ليحثهم على تنحية الاختلافات والعمل معًا لتحقيق الهدف المشترك، المتمثل في إحداث تغيير ذي مغزى والتأثير بشكل إيجابي على حياة المرضى/ العملاء، قائلًا: 

"عندما نعمل معًا، يمكننا إحداث فرق حقيقي". (الموسم 3، الحلقة 2).

يقول أندرو كارنيجي، رجل الصناعة الاسكتلندي الأمريكي: 

"العمل الجماعي هو القدرة على العمل معًا نحو رؤية مشتركة. القدرة على توجيه الإنجازات الفردية نحو تحقيق أهداف المنظمة. إنه الوقود الذي يسمح لعامة الناس بتحقيق نتائج غير مألوفة".

في المقابل، فإن التعاون لا يتم على المستوى الداخلي فقط، وهو ما فعله د. ماكس من خلال تكوين شراكات مع منظمات ومؤسسات أخرى لمعالجة قضايا الرعاية الصحية الأوسع نطاقًا، مثل أزمات الصحة العامة، والمجتمعات المحرومة من الخدمات، وأوجه عدم المساواة المنهجية، بهدف إنشاء شبكة دعم أكثر شمولًا لمستشفى نيو أمستردام ومرضاها.

وأحد أبرز الأمثلة الواقعية على أخطار عدم التعاون هي شركة إنرون Enron التي كانت تعد واحدة من كبريات شركات الطاقة الأمريكية في العالم. فبعد أن كانت عائداتها تتخطى 100 مليار دولار سنويا ولديها أكثر من 20 ألف موظف، إلا أن غياب التعاون بين أقسام الشركة، و"ثقافة الخوف" التي استشرت بين الموظفين تسببا في فضيحة مدوية بأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ما أدى إلى إعلان إفلاسها في ديسمبر 2021.

تمحورت فضيحة إنرون Enron حول ممارسات محاسبية احتيالية سمحت بإخفاء الخسائر وتضخيم الأرباح، ما أدى إلى تضليل المستثمرين والدائنين، وكان الافتقار إلى التعاون في الشركة سببا رئيسيا في السقوط الكبير، بعد أن برزت الإدارات المنعزلة، بما في ذلك أقسام التجارة والتمويل والمحاسبة، التي كانت تعمل بشكل مستقل ولا تشارك المعلومات مع بعضها البعض، ما سهل على المديرين التنفيذيين إخفاء الخسائر وتضخيم الأرباح، ما عجل بإفلاسها نهائيا.

لكن؛ هل يتم التعاون في كل الصناعات؟ يعد التعاون ضروريا في أي نوع من الصناعات، وأكبر دليل على ذلك نجاح شركات مثل LEGO وP&G وAirbnb وPixar وIBM وToyota، بسبب اعتناقها ثقافة التعاون كقيمة أساسية من قيم العمل، وهي شركات تتنوع بين المنتجات الاستهلاكية إلى الرسوم المتحركة والتصنيع والتكنولوجيا. 

إحدى هذه الشركات هي LEGO، والتي يعد سلوكها التعاوني ونهجها في الابتكار أحد أبرز أدواتها للنجاح، إذ إن لديها عددًا من المبادرات المطبقة لتعزيز التعاون، داخليًا ومع شركاء خارجيين.

من بين هذه المبادرات برنامج LEGO Ideas، الذي يدعو عشاق LEGO إلى إرسال فكرة لمجموعة LEGO جديدة، وإذا حصلت الفكرة على أصوات كافية من المجتمع، فسوف تفكر LEGO في تحويلها إلى منتج حقيقي. هذا البرنامج أدى إلى تطوير بعض منتجات الشركة الأكثر نجاحًا، بما في ذلك مجموعة LEGO Ghostbusters ومجموعة LEGO Women of NASA.

هناك العديد من أفضل الممارسات التي يمكن اتباعها لتطبيق السلوك التعاوني، بما في ذلك بناء الثقة، وتشجيع التواصل، وتعزيز الثقافة الإيجابية، وتحديد أهداف وتوقعات واضحة، واستخدام أدوات التعاون، والاحتفال بالنجاحات. بما يمكن الأفراد والفرق من العمل معًا بشكل أكثر فاعلية لتحقيق الأهداف المشتركة، وتعزيز بيئة عمل إيجابية، ودفع النجاح في مكان العمل.

لقراءة باقى مقالات السلسلة: