رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد المطالبة بحجبه.. هل يهدد "التيك توك" الهوية المصرية؟

التيك توك
التيك توك

تحذير جاء على لسان كثير من الإعلاميين والمشاهير مؤخرًا أثار الحديث مجددًا عن تطبيق التيك توك الذي وصفوه بأنه خطرًا على الشباب والأطفال المصريين، وكذا على الهوية المصرية لما يتضمنه من محتوى فاسد وغير لائق بالمجتمع المصري، محذرين من أخطاره ومطالبين بحجبه عن مصر.

داخل غرف النوم وعلى الأسّرة، وبالملابس الخليعة، وعلى أنغام الأغاني الهابطة تتميز أغلب فيديوهات الأشخاص على تطبيق التيك توك، وخاصة تلك التي يقدمها المراهقين والأطفال، وذلك بهدف جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، لجمع أموال وأرباح أكثر، وكذا بهدف تحقيق شهرة مزيفة من خلال عرض المزيد من الفيديوهات على هذه المنصة.

وتطبيق التيك توك يعتمد على تصوير ونشر مقاطع فيديو لا تتعدى 15 ثانية، إذ يقوم فيها الأشخاص بتصوير مقاطع موسيقية قصيرة مُرفقة بفيديو للمستخدم متفاعلًا مع المقطع، وتعد الفئة العمرية من 19 - 29 سنة الأكثر استخداماً عالمياً، تليها 18 عاماً أو أقل، وتتصدر الفتيات استخدامه، بنسبة 60%، مقابل 40% من الفتيان.

ملهى ليلي إليكتروني

تجربة الدخول إلى عالم هذا التطبيق قامت بها "الدستور" من خلال تحميل تطبيق "التيك توك"، والقيام بعمل حساب عليه لاكتشاف هذا العالم وخطورته.

بمجرد التجول داخل هذا التطبيق، تجد نفسك وكأنك قد دخلت إلى ملهى ليلي مصغر، وكل أحداثه منقوله إليك مباشرة ولكن على الهواء مباشرة، وذلك عبر شاشة الهاتف، حيث تجد الرقص والعري والبذاءة في الإيحاءات.

فضلًا عن ذلك تجد كثيرًا من المشاركين في هذا الملهى يطلبون منك تفاعلك مع أداؤهم، ومشاركتك إياهم، لتصبح وكأنك عاملًا شريكًا في ذلك الملهى.

تتنقل في حسابات لأشخاص أخرين على التطبيق ذاته، تجد الأمر لم يختلف كثيرًا فتلك مراهقة فضّلت أن تتفوه بأحاديث بذيئة، بجسد عاري، وأثناء ذلك يتخلل صمت لا ينقصه حركات غير لائقة في انتظار أن "يكبس" أحدهم، ويمنح الهدية التي تترجم بعد ذلك إلى أموال، فكلما زادت الإيحاءات والكلمات البذيئة والعري كلما زادت "التكبيسات" زادت الهدايا.

بين الحسابات الموجودة على تطبيق "التيك توك" أيضًا يمكنك أن تجد الفيديوهات الأجنبية المليئة بالعري والأغاني ذات المعاني التي لا تتوافق وثقافة المجتمع المصري والإسلامي بل والعربي برمته.

مراهقة قررت حذفه بعد مفاجأتها مما شاهدته

وتجربة الدخول إلى عالم "التيك توك" والانخراط فيه كانت قد خاضتها إحدى المراهقات التي تحدثت إلى "الدستور" رافضة ذكر اسمها.

"ماشوفتش في التطبيق ده إلا كل شئ وحش"، تقولها المراهقة موضحة أنها تعتبر أسوأ فترة مرت في عمرها القصير هذا هي تلك التي أدمنت فيه الجلوس أمام تطبيق "التيك توك"، وعمل فيديوهات عليه.

وتتابع: "كنت لا أرى إلا فيديوهات رقص وعري، ولم أجد عليه شئ واحد استفيد منه"، موضحة أنها وجدت نفسها غريبة بهذا العالم ولا يتفق مع ما تربت عليها، فقد شعرت أنه يبعدها شيئًا فشيئًا عن الأخلاقيات التي زرعتها فيها أسرتها، وكذلك القيم الدينية التي تربت عليها.

وتضيف: "ضياع للوقت، وضياع للفكر، وضياع للأخلاق" بهذه الكلمات تصف الفتاة المراهقة هذا التطبيق خاتمة حديثها عنه.

ووجهت الفتاة المراهقة حديثها إلى كل الأطفال والمراهقين ناصحة إياهم بعدم استخدام هذا التطبيق على الإطلاق، بل وحذفه تمامًا من الهواتف في حال كان قائمًا، وذلك كما فعلت هي بدافع من نفسها دون أن يوجهها والديها أو أحد إلى ذلك، موضحة أنها قد تأكدت من خطورة هذا التطبيق فحذفته على الفور دون تردد، لذا فهي لن تعود إليه مجددًا على الإطلاق،  بل أنها عمدت إلى استخدام الإنترنت حاليًا في الأوجه المفيدة فقط. 

وصل مستخدمو تطبيق "التيك توك" إلى 150 مليون مستخدم نشط يوميا "500 مليون مستخدم نشط شهريا" في يونيو 2018، وكان التطبيق الأكثر تثبيتاً في الربع الأول من عام 2018 بـ 45.8 مليون تثبيت.

التيك توك في الدول العربية 

أما في الدول العربية فقد استطاع "التيك توك" تحقيق انتشارًا كبيرًا خاصة في دول المغرب والجزائر ومصر، كما تظهر الإحصاءات أن ثلاث دول عربية هي السعودية ومصر والعراق تحتل المراكز 12، 13، و14 على التوالي بين أكثر 20 دولة استخداماً للمنصة. 

وفي مصر وحسب التقرير السنوى المنشور على  DataReportal  وصل عدد مستخدمى التطبيق فى بداية 2024، إلى ما يقرب من 32.9 مليون مستخدم، بينما كان العدد فى بداية 2023 حوالى 23.7 مليون، وتلك هى الأرقام المتاحة للشريحة العمرية فوق 18 سنة، بينما يصل تيك توك لفئات عمرية أقل، ولكن لا يتوافر عنها أية بيانات.

أما عن إعلانات "تيك توك" فقد وصلت لما يقرب من 40.2%، من قاعدة مستخدمى الإنترنت فى مصر، مع بداية العام، فيما كانت النسبة فى بداية 2023، حوالى 29.4%.

وتتجدد في مصر بين الحين والآخر المطالبات لحجب تطبيق التيك توك نظرًا لما يمثله من خطورة جمة على جيلًا كاملًا، بتغييره ثقافته إلى الأسوأ حيث لم يعتاد مجتمعنا المصري والعربي على تلك الثقافة.

واقعة حنين حسام

ويذكر أنه كان بين الكوارث الناتجة عن استخدام تطبيق "التيك توك" هذه الواقعة الشهيرة المعروفة بقضية حنين حسام، تلك الفتاة التي استخدمت تلك المنصة في الترويج للدعارة، وجذب الفتيات الباحثات عن الربح السريع، من خلال إقناعهن بآداء حركات مثيرة بعد فتح التطبيق لجذب أكبر عدد من اللايكات، والهدايا من خلاله، وبالتالي تحقيق أموالًا طائلة تحصل هي على جزء منها وهم على الأخر، وهو الأمر الذي انتهى بوقوف حنين حسام خلف القضبان وضياع على مستقبلها.

 خبير تربوي: يؤثر على جيل كامل ويجب تغليظ العقوبة على المتحايلين

وتعليقًا على  أثار تطبيق "التيك توك" على المراهقين والأطفال المصريين، قال الخبير التربوي الدكتور محمد عبد العزيز أن الأفضل حجب ذلك التطبيق بالفعل في مصر، مشيرًا إلى أن المنع بشكل كامل أمر صعب تحقيقه، وذلك لأن هناك طرق كثيرة للتحايل إليكترونيًا على هذا الأمر، ولكنه أوضح أن ذلك لا يمنع الحجب وتشديد الرقابة بل وتغليظ العقوبة على المتحايل من أجل تحميل هذا التطبيق الضار.

وأوضح عبدالعزيز أن خطورة تطبيق التيك توك تتمثل في أنه عبارة عن فيديوهات قصيرة، وبالتالي فأغلبها يعتمد على المحتوى الهزلي التافه وليس التعليمي أو المفيد.

وتابع أن قصر حجم هذه الفيديوهات كذلك يجعلها مادة جاذبة للأشخاص لمشاهدتها، وبالتالي التأثر بها، موضحًا أن فيديوهات التيك توك وما تبثه من حركات غريبة، وألفاظ بذيئة، وارتداء الأشخاص فيها ملابس غير لائقة، جعلت المتفاعلون يتأثرون بها ويفعلون في الواقع ما يشاهدونه على منصة التيك توك، ولا يعدونه أمرًا مستغربًا مشيرًا إلى أن ذلك ما يجعلنا نسمع ألفاظًا ونشاهد سلوكيات غريبة على مجتمعنا لافتًا إلى أن ذلك ما سيدمر جيلًا بأكمله إن لم يتم إنقاذ الموقف سريعًا.

 

دولًا حجبت التطبيق بالفعل

 ونظرًا لإدراكها خطورة تطبيق التيك توك فرضت السلطات الصينية مجموعة من التوجيهات التي تُحمِّل مطوري التطبيقات مسؤولية المحتوى الذي ينشره مستخدموها على تلك المنصة، كما فرضت عليهم مراجعة كل محتوى يُنشر، بما في ذلك حظر مئة شكل من أشكال المحتوى. 

وزارة التربية الوطنية في الجزائر أيضا تدخلت ومنعت رسميا تطبيق "تيك توك"، وذلك نظرا للمخاطر التي وجدتها فيه والتي يحملها لفئة القاصرين إذ أنه قد استخدم في نشر مواد غير أخلاقية تعرض القصّر والشباب للابتزاز والاستغلال من المنحرفين.