رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التفاصيل الكاملة لاجتماع «إنقاذ مسرح قصور الثقافة»

مسرح قصور الثقافة
مسرح قصور الثقافة

- اقتراح بإنشاء فرقة لكل إقليم من العناصر والمواهب المميزة

- مطالب بتعيين مسئولين لديهم رؤية ويستطيعون التخطيط للمستقبل

نشرت «الدستور» فى هذه الصفحة، خلال الأسبوع الماضى، تحقيقًا عن مطالب المسرحيين فى الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتحديات الكبيرة التى يواجهونها، وعلى رأسها العقبات الإدارية والمالية.

وفى استجابة سريعة من عمرو بسيونى، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، لحراك المسرحيين ومطالبهم، وعلى ضوء ما نشرته «الدستور»، دعا إلى عقد اجتماع مع وفد من ممثلى فنانى مسرح الثقافة الجماهيرية، وهو ما جرى بالفعل يوم الثلاثاء الماضى.

وضم الوفد عددًا من كبار المخرجين والكتاب الذين لهم باع طويل مع المسرح فى أقاليم مصر، على رأسهم المخرج والممثل القدير عزت زين، الذى يطلق عليه فنانو الثقافة الجماهيرية لقب «شيخ المخرجين»، والمخرج أحمد البنهاوى، والناقد والكاتب المسرحى يسرى حسان، بجانب الفنان تامر عبدالمنعم، رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وسمر الوزير، مدير عام إدارة المسرح.

وللتعرف على ما أسفر عنه الاجتماع، ورأى المسرحيين فى نتائجه، حاورت «الدستور» عددًا من فنانى المسرح، سواء ممن حضروا هذا اللقاء، أو تابع وانتظر نتائجه.

تنسيق مع عروض السينما.. ومناقشة أزمة المستحقات المتأخرة

قال الناقد والشاعر يسرى حسان إن الاجتماع جرى فى أجواء ودية للغاية، بهدف الوصول إلى صيغ متوازنة، يمكن من خلالها التنسيق بين عروض «سينما الشعب» والعروض المسرحية، لما فيه صالح المسرح الإقليمى. 

وأضاف «حسان»: «ربما ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، لكن على الأقل هناك جزء كبير من المطالب تم تحقيقه، وكانت هناك مرونة فى استقبال الطلبات والمقترحات التى قدمها المخرجان الكبيران عزت زين وأحمد البنهاوى، باعتبارهما الأعلم بمشاكل المسرح الإقليمى، والأكثر قدرة على التعبير عنه، ونقل هذه المشاكل إلى المسئولين».

وواصل: «كانت هناك استجابة طيبة، ووضعت بعض الضوابط التى سيتم تنفيذها، وجرى بالفعل إخبار رؤساء الأقاليم والفروع الثقافية بها لتنفيذها فورًا، وهى فى ظنى مكاسب طيبة للمسرحيين. هناك من اعترض بالتأكيد وهذا حقه، لكن ممثل المسرحيين بذل كل ما فى وسعه لإقرار هذه المكاسب، وعلى رأسها التنسيق مع مشروع (سينما الشعب)».

وأكمل: «يحسب للمجموعة نجاحها فى التنسيق بين العروض المسرحية، وعروض (سينما الشعب)، بشكل يمنح هذه العروض فرصة لتقديمها فى الأيام المقررة، فإذا كان لدينا عرض مسرحى لمدة أسبوع، تُلغى حفلة التاسعة من (سينما الشعب) ويُقدم المسرح، ولا يتوقف إلى أن يستكمل نصابه القانونى، علاوة على وجود مساحة للبروفات والديكور وغيرهما».

وتابع: «كما أن هناك مشكلات أخرى ناقشناها، ولم يتطرق إليها البيان الذى نشرناه حول الاجتماع، مثل الفاتورة الإلكترونية، وتأخر صرف المستحقات المالية، وهى أمور جرى الاتفاق على وضع حلول لها، وهذا أمر فى يد وزارة المالية وليس وزارة الثقافة، وسنسعى لتحقيقه فى الفترة المقبلة». ورأى أن ما جرى الاتفاق عليه يعد مكاسب جيدة للمسرحيين يجب البناء عليها، دون التوقف عند بند ما زال قيد البحث والدراسة، أو بند لم يتحقق، معتبرًا أن الاجتماع يعكس رغبة الهيئة العامة لقصور الثقافة فى استمرار النشاط المسرحى، وإزالة أى معوقات أمامه، بشهادة مخرجين كبيرين من شيوخ مخرجى الثقافة الجماهيرية.

واختتم الناقد والشاعر بقوله: «مشاكل المسرح الإقليمى لا تنتهى، والمدافعون عنه لن يتوفقوا عن الدفاع عنه بكل أدب واحترام وموضوعية، بعيدًا عن المهاترات والشتائم التى لن تقدم أو تؤخر».

إعادة هيكلة عمليات الإدارة برؤية ونظام عمل مؤسسى

اعتبر المخرج وليد شحاتة أن أداء مسئولى مسرح الثقافة الجماهيرية به كثير من المشكلات سواء من ناحية النظام أو العمل المؤسسى، لافتًا إلى أن معظم المسئولين عن جميع القطاعات ليست لديهم رؤية للتطوير، فمعظمهم موظفون، فضلًا عن وجود مشاكل مادية، وكل إقليم يعمل بمزاجه دون نظام سواء فى الصرف المالى، أو تحديد مواعيد العروض وأماكنها التى تكون أغلبها سيئة جدًا، حسب تعبيره.

وقال: «هناك فشل فى الإدارة وضعف فى الإنفاق على الأجور، ولا بد من تغيير العديد وتعيين مسئولين لديهم رؤية ويستطيعون التخطيط للمستقبل».

وتابع: «المشكلة ليست فى القرارات، لأنه يمكن أن يتم اتخاذ إجراءات ولا تنفذ، لذلك لا بد من حل جذرى لمشكلة الثقافة الجماهيرية، وأن يكون هناك نظام عمل مؤسسى واضح، إداريًا وماليًا، وأعتقد أنه كان لا بد أن يتطرق رئيس هيئة قصور الثقافة، فى بيانه، لأمر الفاتورة الإلكترونية، فقد ركز على إتاحة المسرح فقط، ووضع حلولًا واضحة للأزمة، خاصة أن كل إقليم يفعل ما يحلو له بشأن هذه الفاتورة».

مقترح بإنشاء 6 فرق مركزية تمثل الأقاليم

أشاد المخرج الكبير عزت زين بفكرة الاجتماع، الذى يعنى عقده وجود استعداد للحوار، وبدأ برغبة مؤكدة فى الوصول إلى نتائج مرضية، ليس للأطراف الحاضرة فحسب، بل لكل المسرحيين فى الثقافة الجماهيرية، مضيفًا: «أظن أن غالبيتهم لديهم قدر من الرضا، والآخر لديه تحفظات على ما وصلنا إليه، وهذا أمر طبيعى».

ورأى «زين» أن أهم ما نتج عن الاجتماع هو تفعيل المكتب الفنى بإدارة المسرح التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، وبه ممثلون عن الأقاليم، مشيرًا إلى ضرورة الاعتماد عليه كآلية دائمة لحل أى مشكلات تعترض مسار هذا المسرح.

وأضاف المخرج الكبير: «أما ما أنتظر حدوثه فهو العمل على إنشاء ٦ فرق مركزية تمثل الأقاليم الستة، على أن تختار كل فرقة منها أفضل العناصر فى كل إقليم، وهو ما يمكن أن يحدث طفرة على مستوى الأداء».

عودة المكتب الفنى.. ووعد بحل الأزمات المالية

اعتبر المخرج أحمد البنهاوى أن اجتماع الثلاثاء الودى كان مُحققًا لبعض مطالب المسرحيين، وعلى رأسها التنسيق بين عروض المسرح و«سينما الشعب» طوال الموسم، بشكل يمنح المسرحيين حق تقديم عروضهم ٤ ساعات يوميًا، عدا الخميس والجمعة والمواسم الرسمية.

وأضاف «البنهاوى»: «بالنسبة للأمور والمشاكل المالية، هناك وعود من المسئولين بدراستها مع وزاره المالية، إلى جانب اتخاذ قرار بعودة المكتب الفنى لبحث مشاكل الأقاليم، وطرح فكرة إنشاء فرق مركزية فى الأقاليم، من خلال تشكيل فرقة لكل إقليم، من العناصر والمواهب المميزة هناك، وتقديم عمل مسرحى مميز». وواصل: «رغم صعوبة تنفيذ هذه الفكرة واقعيًا، لكن تحقيقها مكسب حقيقى، ويضمن جودة المنتج المسرحى المقدم، وهذا المقترح للأمانة طُرح عن طريق الفنان تامر عبدالمنعم، رئيس الإداره المركزية للشئون الفنية، الذى وعد بدراسته تمهيدًا لتنفيذه». وأتم بقوله: «كما وعد عمرو البسيونى، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، بمناقشة اللوائح المالية، وتوصيات المائدة المستديرة، لذا فإن انطباعى الشخصى عن هذا الاجتماع هو أنه كان تحريكًا- ولو قليلًا- للماء الساكن، أملًا فى أمطار غزيرة مقبلة»، وفق تعبيره.

مطالبات بمواجهة الفاتورة الإلكترونية والأجور المتدنية وضعف الميزانيات

أكد المخرج المسرحى أشرف النوبى أن مسرح الثقافة الجماهيرية حائط الصد الحقيقى ضد أى غزو ثقافى، وهو المحافظ على الهوية المصرية الأصيلة، والمرآة العاكسة لواقعنا والكيان الجامع لكل مبدعى الأقاليم فى شتى الفنون.

وقال: «لفتنا الانتباه مرارًا وتكرارًا إلى أن هذا المسرح يكاد يكون المتنفس الوحيد لممارسة المبدعين فنونهم وإبداعاتهم، ووصول رسالتهم السامية التى تهدف فى الأساس إلى التثقيف والتنوير والارتقاء بالذائقة الفنية وأداء دورهم وواجبهم تجاه الوطن». وواصل: «مسرح الثقافة الجماهيرية فى أزمة حقيقية، ومنذ زمن تراكمت وتفاقمت عليه المشكلات، حتى أصبح وضعه كارثيًا وهذا يصعب على الفنانين مهمتهم».

وأوضح أن المعوقات تتلخص من وجهة نظره فى الآتى: «العمل بالفاتورة الإلكترونية، وظهور فكرة المورد التى أثبتت بالفعل فشلها وصعوبة تطبيقها، واستغلال خشبة المسرح لأنشطة أخرى دون الالتفات لما سببه ذلك من ضرر بالغ للمسرحيين الذين أصبحوا يتسولون المسرح لتقديم عروضهم، والأجور المتدنية لكل المشتغلين بالمسرح فى ظل واقع اقتصادى صعب».

ونوه إلى الميزانيات الضعيفة للعروض المسرحية التى لا تتناسب أيضًا مع ارتفاع أسعار السوق وفى ظل غلاء فاحش، فضلًا عن ضعف أعمال الصيانة، وعدم وجود دور عرض مجهزة فنيًا وأمنيًا لممارسة النشاط. وتابع: «اجتماع رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة خطوة على الطريق الصحيح، وبداية لمعالجة مشكلات كثيرة اقتصرت فى الوقت الراهن على توفيق الأوضاع بين عروض السينما والمسرح، ونأمل فى القريب النظر إلى جميع مشاكل المسرح والمسرحيين، وتوجيه دعم حقيقى لمسرح الثقافة الجماهيرية».

اعتراف بأهمية «أبوالفنون» كقوة ناعمة وفاعلة

عن رأى المسرحيين الذين لم يشاركوا فى الاجتماع، قال الناقد والمخرج محمد النجار إنه من الجيد أن يفتح المسئول باب مكتبه، لمقابلة وفد من المسرحيين لهم مطالب موضوعية، وهو أمر فى حد ذاته يمثل بادرة طيبة واعترافًا بأهمية المسرح كقوة ناعمة وفاعلة فى الهيئة العامة لقصور الثقافة.

وأضاف أنه من المعروف أن مسرح الثقافة الجماهيرية، كما يطيب لفنانى مسرح الأقاليم أن يسموه، لم يسع أبدًا إلى الربح المادى، وبالتالى كانت وما زالت عروضه مجانية للجمهور، إلا أن إتاحة العروض السينمائية فى دور المسارح بتذاكر مخفضة للمواطنين، عطلت البروفات والعروض.

وأكمل: «لذلك اتحد المسرحيون للمطالبة بحقهم فى استغلال المسرح لبروفاتهم وعروضهم، ولم يكن التحرك رفضًا للسينما بالمعنى المطلق، ولكن رفضًا للاقصاء الذى يطبق بشكل عشوائى من وجهة نظرهم».

وتابع: «اعترف المسئولون بذلك الحق، وبدأ طرح وجهات النظر هنا وهناك، وتلك خطوة فارقة فى العلاقة بين مطبقى القرار وصانعيه، وتوحى بانفراجة مهمة فى الأزمة الراهنة»، مكملًا: «يعد اللقاء خطوة مبدئية مهمة، لا بد أن تتبعها خطوات أهم تؤكد أن المسرح لم ولن يُقصى السينما وحق فنانى الأقاليم فى تحقيق وجودهم وكينونتهم وهو حق تكفله الدولة، فتكامل فنون الأداء والابتعاد عن الإقصاء يحقق المردود الثقافى الأنسب ويحقق تنمية ثقافية وإنسانية مستدامة».

وأردف: «مشكلات المسرحيين فى أقاليم مصر عديدة، وتلزمها حلول عاجلة، حفاظًا على المسرح فى الأقاليم، ونأمل أن يستمر الحوار بين أصحاب القرار ومنفذيه لتحقيق الصالح العام».