قاض: "الدستورية" أعدمت 5 مواد من قانون تنظيم القطن قيدت حرية المعاملات
يواجه صناعة القطن المصري تحديات عديدة ليستعيد مكانته كأجود أنواع الأقطان في العالم في القرن الماضي، بعد أن تراجع كثيرًا فى ظل العصور السابقة نتيجة تكبله بالقيود القانونية التي عطلت من تقدمه فى الانتاج والتسويق، وتولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بمحصول القطن في العصر الحالي كمًّا ونوعًا، ليستعيد مكانته في الأسواق العالمية دعمًا للاقتصاد القومي.
ونعرض للدراسة الوطنية للقاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان "كيف يستعيد القطن المصرى سيادته على عرش العالم؟ القيود القانونية نالت من هيبته".
ونعرض في الجزء الثالث لدراسة الفقيه، أهمها أن المحكمة الدستورية أعدمت 5 مواد من قانون تنظيم القطن قيدت حرية المعاملات القطنية، وأن الرئيس اهتم بالبحوث الزراعية القطنية لتحديث واستنباط سلالات القطن المصرى للمحافظة على نقاوتها الوراثية.
المحكمة الدستورية تعدم 5 مواد من قانون تنظيم القطن
يقول الدكتور محمد خفاجى "المحكمة الدستورية حكمت بعدم دستورية خمس مواد من قانون تنظيم القطن قيدت من المعاملات القطنية، فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا عام 2019 حكمًا بعدم دستورية نصوص المواد (28، 29، 30، 31، 32) من قانون تنظيم تجارة القطن فى الداخل الصادر بالقانون رقم 210 لسنة 1994، ونص الفقرة الأخيرة من المادة (4)، ونص المادة (10) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 389 لسنة 1994. وهذا الحكم صدر فى الدعوى الدستورية رقم 68 لسنة 40 ق دستورية بجلسة 4 مايو 2019 برئاسة المستشار الدكتورحنفى على جبالى رئيس المحكمة فى ذلك الوقت".
كما قضت المحكمة بسقوط نصى المادتين (33، 34)، ونص الفقرة الأخيرة من المادة (35) من قانون تنظيم تجارة القطن فى الداخل، وعبارة "ولجنة التحكيم" الواردة بنص المادة (44) من هذا القانون، وعبارة "بالتعويض الذى تقدره لجان التصالح والتحكيم المختصة" الواردة بنص المادة (15) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 389 لسنة 1994.
ويضيف "شيدت المحكمة قضاءها على أن الأصل فى التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على مُحكم من الأغيار يُعيَّن باختيارهما أو بتفويض منها أو على ضوء شروط يحددانها، ليفصل هذا المحكم فى ذلك النزاع بقرار يكون نائيًا شبهة الممالأة، مجردًا من التحامل، وقاطعًا لدابر الخصومة فى جوانبها التى أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلًا من خلال ضمانات التقاضى الرئيسية، ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم إجباريًّا لأحد الطرفين، إنفاذًا لقاعدة قانونية آمرة، لا يجوز الاتفاق على خلافها".
كما شيدت قضاءها على أن البيّن من استقراء نص المادة (29) من قانون تنظيم تجارة القطن فى الداخل، أنه قد أسند للجنة التصالح دون غيرها، الاختصاص الحصرى بالفصل فى المنازعات التى تنشأ بين الأعضاء بشأن معاملاتهم القطنية، كما أن نص المادة (28) جعل تشكيل هذه اللجنة سنويًا بكل محافظة منتجة للقطن، وذلك بقرار من رئيس اللجنة العامة، ويتولى رئاسة تلك اللجنة مدير مكتب اللجنة العامة بالمحافظة، وعضوية ممثل واحد عن كل التجار المقيدين والمنتجين، واثنين عن هيئة تحكيم واختبارات القطن، تختارهم اللجنة العامة، وتتصل هذه اللجنة بتلك بطلب يقدم إلى مكتب اللجنة العامة بالمحافظة، يتضمن بيانًا مفصلًا لموضوع النزاع، ولو تقدم به أحد طرفى النزاع بمفرده، وعلى مكتب اللجنة العامة بالمحافظة أن يحيل النزاع إلى لجنة التصالح، ويدعوها للاجتماع فى موعد غايته أسبوع، من تاريخ تقديم الطلب إليه، وتصدر قراراتها بأغلبية الأصوات، فإذا لم يعترض الطرفان أو أحدهما عليها أصبحت نهائية، كما أسند نص المادة 31 من هذا القانون إلى لجنة تحكيم بالإسكندرية، الاختصاص الحصرى بنظر النزاع، فى حالة الاعتراض على قرارات لجنة التصالح.
ويشير استخلصت المحكمة "أن النصوص المُحالة، تكون قد فرضت التحكيم قهرًا على أصحاب الشأن، وخلعت قوة تنفيذية على القرارات التى تصدرها لجان التحكيم فى حقهم عند وقوع النزاع بشأن معاملاتهم القطنية، وبهذه المثابة، فإن هذا النوع من التحكيم – الذى يبسط مظلته على كل المنازعات بين المشتغلين فى تجارة القطن فى الداخل بشأن معاملاتهم القطنية ويحظر على أى شخص طبيعى أو اعتبارى مزاولتها ما لم يكن اسمه مُقيدًا فى السجل الذى يعد لهذا الغرض - يكون منافيًا للأصل فيه، باعتبار أن التحكيم لا يتولد إلا عن الإرادة الحرة، ولا يجوز إجراؤه تسلطًا وكرهًا، بما مؤداه أن اختصاص جهة التحكيم بدرجتيها، التى أنشأتها النصوص المحالة لنظر المنازعات التى أدخلها جبرًا، فى ولايتها يكون منتحلًا، ومنطويًا بالضرورة على إخلال بحق التقاضى، وحرمانًا للمتداعين من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى، بالمخالفة لنص المادة (97) من الدستور، ومنعدمًا بالتالى من زاوية دستورية".
ويضيف انتهت المحكمة إلى أن "هذه النصوص أهدرت حق التقاضى، إذ فرضت على المتعاملين فى بيع وتجارة القطن فى الداخل، نظامًا لتسوية ما ينشب بينهم من نزاع أو اختلاف بشأن معاملاتهم القطنية عن طريق التحكيم الإجبارى، دون أن يُلتفت إلى إرادتهم، ولا يُعول على رضائهم، ثم يخضعهم لأحكامه جبرًا، مما يتنافى مع الأصل فى التحكيم، باعتباره يتولدعن الإرادة الحرة، ولا يجوز إجراؤه تسلطًا وكرهًا، مما ترتب عليه حرمان المتداعين من اللجوء إلى محاكم القانون العام، بوصفها قاضيهم الطبيعى، بالمخالفة للمادة (97) من الدستور",
ويؤكد الدكتور محمد خفاجي "لا ريب لدينا أن حكم المحكمة الدستورية كشف عن القيود القانونية التى كبلت بها الدولة حرية المعاملات القطنية فى فترة التسعينيات لأنها فرضت التحكيم قهرًا على أصحاب الشأن، وخلعت قوة تنفيذية على القرارات التى تصدرها لجان التحكيم فى حقهم عند وقوع النزاع بشأن معاملاتهم القطنية، وبهذه المثابة يكون منافيًا للأصل فيه، باعتبار أن التحكيم لا يتولد إلا عن الإرادة الحرة، ولا يجوز إجراؤه تسلطًا وكرهًا، مما ترتب عليه حرمان المتداعين من اللجوء إلى قاضى القانون العام وهو مجلس الدولة بوصفه قاضيهم الطبيعي".
يذكر الدكتور محمد خفاجي أن "الرئيس اهتم بالبحوث الزراعية القطنية لتحديث واستنباط سلالات القطن المصرى للمحافظة على نقاوتها الوراثية، فقد أصدر قرار بقانون رقم 17 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1973 في شأن بعض الأحكام الخاصة بالقطن وبإلغاء القانون رقم 212 لسنة 1959 بشأن إنشاء صندوق تحسين الأقطان المصرية في إقليم مصر.حيث تضمنت المادة الأولى إضافة مادة جديدة برقم (21) إلى القانون رقم 106 لسنة 1973 في شأن بعض الأحكام الخاصة بالقطن، تنص علي أن يُفرض رسم بواقع عشرين جنيها عن كل خمسين كيلو جرامًا من القطن الشعر يتم حلجه من جميع الأصناف، بما فيها "الإسكارتو".
ويضيف "وتؤول نسبة 25 % من حصيلة هذا الرسم للخزانة العامة وتؤول باقى الحصيلة إلى مركز البحوث الزراعية على أن تخصص لمعهد بحوث القطن للصرف منه على تحديث واستنباط سلالات وأصناف القطن المصرى والمحافظة على نقاوتها الوراثية. ويتم تحصيل هذا الرسم وفقًا لأحكام قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي الصادر بالقانون رقم (18) لسنة 2019. ونصت المادة الثانية على أن يلغي القانون رقم 212 لسنة 1959 بشأن إنشاء صندوق تحسين الأقطان المصرية في إقليم مصر، على أن تؤول جميع حقوقه وموجوداته، وأمواله الثابتة والمنقولة، وحساباته المصرفية إلى مركز البحوث الزراعية ويتحمل المركز بالتزاماته. ويُنقل العاملون بصندوق تحسين الأقطان المصرية الموجودون بالخدمة فى تاريخ العمل بهذا القانون إلى مركز البحوث الزراعية، ويسرى فى شأن تنظيم شئونهم الوظيفية ما يسرى على العاملين بمركز البحوث الزراعية".