رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل منحت «حماس» نتنياهو الضوء الأخضر لاجتياح رفح؟

رفح
رفح

كثفت مصر اتصالاتها لاحتواء التصعيد الحالى بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، خاصة بعد قصف الحركة منطقة «كرم أبوسالم»، وتوجيه إسرائيل دعوات لسكان شرق مدينة رفح بـ«الإخلاء الفورى»، فى خطوة رأى البعض أنها تمهيد لاجتياح المدينة الواقعة جنوب غزة.

وقال مصدر مصرى رفيع المستوى إن قصف «حماس» منطقة «كرم أبوسالم» تسبب فى تعثر مفاوضات الهدنة، مشيرًا إلى أن مصر تحذر الأطراف من خطورة التصعيد الحالى، وتؤكد ضرورة العودة إلى المفاوضات وما تحقق من تقدم كبير بها، ومؤكدًا فى الوقت ذاته أن معبر رفح البرى يعمل بشكل طبيعى، وحركة دخول الأفراد والمساعدات به لا تزال مستمرة.

وأعلنت «حماس» مسئوليتها عن هجوم منطقة «كرم أبوسالم»، السبت الماضى، وقالت إنها استهدفت قاعدة للجيش الإسرائيلى، قبل أن تعلن إسرائيل عن إغلاق المعبر، ومنع مرور المساعدات الإنسانية والإغاثية عبره إلى داخل غزة.

واستمرت الجهود والحراك المصرى بكثافة، على مدار الـ٨ أشهر الماضية، من أجل التوصل إلى صيغة تقضى بوقف الحرب فى غزة، وإحلال حالة الهدوء فى أقرب فرصة ممكنة، رغم تعنت الأطراف ومحاولات التنصل من الالتزامات، أو خلق جدال حول البنود التى يتضمنها أى اتفاق.

وعملت مصر على تقريب وجهات النظر وحل النقاط الخلافية بين إسرائيل و«حماس»، بل وخلق صيغ لاتفاقات من شأنها وقف الحرب، وزيادة حجم المساعدات الإنسانية التى تدخل إلى الفلسطينيين فى غزة، سواء عبر معبر رفح، أو معبر «كرم أبوسالم»، الذى يقع على الحدود بين مصر وغزة وإسرائيل.

وبدأ دخول المساعدات إلى غزة عبر «كرم أبوسالم» منذ ديسمبر الماضى، بجهود مصرية قوية، نجحت فى جعل إسرائيل تعيد فتح المعبر لإدخال عدد أكبر من شاحنات المساعدات الإغاثية إلى غزة، خاصةً أن العدد الذى يدخل من معبر رفح ليس بالكبير، لأنه مخصص ومصمم لعبور الأفراد فقط، على عكس «كرم أبوسالم» المعبر التجارى.

وتسبب قصف «حماس» منطقة «كرم أبوسالم» فى تعثر المفاوضات، بعد أن وصلت إلى مرحلة متقدمة للغاية، وتمكنت مصر من إحراز تقدم واضح فى حل النقاط الخلافية بين الجانبين، من أجل وقف إطلاق النار فى غزة، وإطلاق سراح المحتجزين داخل القطاع.

وفى المقام الأول، أدى قصف «حماس» إلى إغلاق معبر «كرم أبوسالم» من قبل إسرائيل، ما يعنى وقف تدفق شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية التى كانت تدخل يوميًا من خلاله، ووصل عددها إلى نحو ٢٧١ شاحنة، الجمعة الماضى، مقابل ٧٨ شاحنة عبرت من معبر رفح فى اليوم ذاته. من ثم، فإن تبعات القصف الذى استهدف «كرم أبوسالم» تعمق من المعاناة الإنسانية الطاحنة التى يعيشها الفلسطينيون داخل قطاع غزة منذ أكثر من ٢١٠ أيام، فى وقت يواجه فيه القطاع أزمة نقص الغذاء والدواء والمواد الإنسانية الأخرى.

وعرقل توقيت قصف «حماس» المفاوضات الجارية فى القاهرة، والتى كان أمامها ٤٨ ساعة فقط من أجل استكمالها والتوصل من خلالها إلى اتفاق، خاصة أنها اتسمت بالإيجابية خلال الأسبوعين الماضيين، وغادر وفد «حماس» القاهرة، السبت، متجهًا إلى الدوحة، من أجل الاجتماع بقياداته هناك، وسط تأكيد كل الأطراف بأن ما توصلت إليه مصر من صيغة توافقية لوقف الحرب بلغ مرحلة إيجابية وقريبة من التنفيذ للغاية.

وكان من المقرر أن يعود وفد «حماس» إلى القاهرة مرة أخرى، اليوم، من أجل استكمال المباحثات وصولًا لتنفيذها، وعلى الجانب الآخر، أعرب مجلس الحرب الإسرائيلى عن موافقته على المقترح المصرى الأخير، معتبرًا أنه فرصة مميزة وأفضل صيغة تم التوصل إليها من أجل استعادة المحتجزين من غزة.

لكن قصف «حماس» منح إسرائيل ذريعة إضافية لدفع مخططها لاجتياح مدينة رفح الفلسطينية، وتنفيذ عملية عسكرية واسعة هناك، وهى العملية التى من شأنها زيادة خطورة تصاعد حدة الحرب، وتوسيع رقعتها فى المنطقة لتشمل جبهات متعددة، وتجر أطرافًا أخرى إلى ذلك الصراع.

لذا لم يكن غريبًا أن تستقبل إسرائيل «هدية» قصف منطقة «كرم أبوسالم» بالإعلان عن تنفيذ عملية فى رفح الفلسطينية، وصفتها بـ«المحدودة والمؤقتة»، بينما ستكون تداعياتها خطيرة وكارثية، لأن قصف أكثر من ١.٥ مليون فلسطينى نازح داخل رفح ينذر بمجزرة جديدة ضد المدنيين، كما أنه يقرب إسرائيل من خطواتها لتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم للأبد.