عقل الدولة الإلكترونى.. مركز الحوسبة السحابية: ممر رقمى لنقل وقيادة أسواق البيانات فى الشرق الأوسط
يعد مركز البيانات والحوسبة السحابية «P1»، الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى، أول مركز لتحليل ومعالجة البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى فى مصر وشمال إفريقيا، ويوفر الوقت والجهد والأموال، ويعزز فرص الاستثمار الجديدة.
ويعتمد المركز على الذكاء الاصطناعى فى تقديم الخدمات، ويقدم منظومة متكاملة للرعايات والحضانات، ويتضمن محاكم ذكية، تعتمد على البيانات والحوسبة للقضايا الاقتصادية والمدنية.
وتعد مـراكز البيانات والحوسبات السحابية هى جوهر التحول الرقمى، وأحد أهم الأعمدة التى يرتكز إليها الاقتصاد العالمى حاليًا، وتضيف آفاقًا جديدة لريادة الأعمال فى كل المجالات والصناعات، وتسهم فى خلق فرص جديدة، للجمع بين عدة مجالات فى بيئة عمل واحدة.
تتميز الحوسبات السحابية عن مـراكز البيانات التقليدية بقدرتها على مشاركة الموارد افتراضيًا، وتوفير التقنيات الحديثة لتقديم خدمات أكثر، وسعات تخزين مـرنة، وقد تم البدء فى إنشاء مراكز البيانات، لتعزيز الريادة المصـرية إقليميًا ودوليًا، ولـترسيخ مكانة مـصر كممر رقمى لنقل البيانات، وقيادة أسواق مـراكز البيانات فى الشـرق الأوسط وإفريقيا، ارتباطًا بموقع مصـر الذى يتوسط العالم.
وفى عام ٢٠٢٣، وجَّه الرئيس السيسى بالبدء فى إنشاء مـركـز البيانات والحوسبة السحابية «P1» كأول مـركز يقدم خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعى فى مصـر وشمال إفريقيا، طبقًا لأحدث التقنيات العالمية.
وتبلغ مساحة المـركز ٢٣٥٠٠م٢، وتم استغلال ١٠٠٠٠م٢ للإنشاءات الحالية، والباقى للتوسعات المستقبلية، باشتراك أكثر من ١٥ شركة محلية/ عالمية، وأكثر من ١٢٠٠ مهندس/ عامل، وأكثر من ٥٠٠٠ ساعة عمل.
ويتكون مركز «P1» من مبنى الإدارة والتشغيل والتأمين، ومعدات الحوسبة السحابية، وقاعة الحلول الفنية وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، ومـركز التحكم التبادلى للشبكة الوطنية للطوارئ.
ويهدف المركز إلى العمل على تقديم التطبيقات الحرجة، والمدفوعات والتطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعى، وتحليل البيانات الضخمة لصناعة القرار على جميع المستويات، بالإضافة إلى عمله كبديل نشط لمـركز البيانات الحكومى بالعاصمة الإدارية.
كما يستخدم تكنولوجيا الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة فى تحليل البيانات الحكومية، ويعمل كمـركز وطنى موحد لبيانات التعافى من الكوارث، ويستهدف توطين استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى القطاع الحكومى، وتوفير كل البيانات الدقيقة والموقوتة للجهات الحكومية، وتحليل البيانات الضخمة للجهات الحكومية.
كما يستهدف توفير الإدارة والتشغيل الذاتى، والحفاظ على الخصوصية المصرية، كمشروعات الموانئ الذكية التى تساعد على تسهيل حركة الاستيراد والتصدير.
ويقدم المركز خدماته طبقًا لـ٣ مناطق للبيانات، الأولى منطقة البيانات الخاصة وعالية الحساسية، والثانية منطقة البيانات الحكومية، والثالثة منطقة البيانات العامة، لتكون منصة لتفاعل المواطنين فى تقديم خدمات الجهات الحكومية.
وتتنوع خدمات المركز بين أكثر من ٤٠ خدمة سحابية حديثة، وتحليل الكم الهائل من البيانات، والذكاء الاصطناعى، ومنصة إنترنت الأشياء، وتبادل البيانات الحكومية.
ويتم التعاون مع الشركاء فى مجال التدريب والابتكار المشترك، عبر منصة تعليمية رقمية شاملة، لأكثر من ٣٠ مسارًا ومواد تعليمية، واعتماد أكثر من ١٥ تقنية مختلفة، وبرنامج تدريبى لأكثر من ١٣٠٠ ساعة لتقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى، والابتكار والتطوير المشترك لنموذج ASR المـصرى بتحويل الصوت إلى نص مكتوب باستخدام أكثر من ٤٠ لهجة مصرية، وأكثر من ٤ خوارزميات تحليلية ذكية للفيديو، ومنصة تبادل البيانات لدعم متخذ القرار.
ويقدم خدمات لبعض الجهات الحكومية، مثل القطاع الصحى، ونظام المعلومات الصحية، وإدارة المستشفيات مركزيًا، لتسهيل دورة المرضى داخل المستشفيات، وتنفيذ ملف طبى موحد للمرضى، وتحويل الإشاعات من ثنائية الأبعاد إلى ثلاثية الأبعاد، لتسهيل أعمال التشخيص ومساعدة الفرق الطبية، واستخدام منصة إنترنت الأشياء للسيطرة على أسرة الرعايات والحضانات.
كما يقدم التقارير المميكنة، ويوفر متلقى البلاغات المميكن cad، وميكنة سيارات الإسعاف لتحسين الخدمات الإسعافية المقدمة للمواطنين، من خلال متابعة أسلوب السائقين والمسعفين، باستخدام كاميرات التعرف على السلوك الخاطئ، وإرسالها فورًا وأتوماتيكيًا لغرفة العمليات المركزية.
كما يوفر خاصية حـصر واستدامة الأصول، ويسهل دورة عمل القوافل الطبية وربطها بالمستشفيات فى ذات نطاق العمل، كما يدعم منظومة العدل، وتسهيل إجراءات التقاضى، وتحويل المحاكم الاقتصادية والمدنية إلى محاكم ذكية، والرؤية المستقبيلة للاستفادة من المركز، فضلًا عن العدالة الذكية، وتسهيل إجراءات التقاضى.
كما يتداخل عمله مع المدن الذكية، ويسهم فى تحسين قدرات إدارة المدينة ومستويات خدمة المواطنين، وبناء شبكة فيديو وطنية، لتقليل معدل الجريمة والحوادث المرورية، وإدارة الأزمات والطوارئ، وتحسين القدرات الوطنية للاستجابة للطوارئ والحد من الخسائر، ويحدد العوائد الفنية/ المالية المتوقعة من إتاحة الجزء الاستثمارى.
كما يسهم فى تعزيز الدور المحورى للدولة المصريـة على المستوى الإقليمى، وتحفيز النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، وتعزيز الابتكار فى صناعة التكنولوجيا المحلية، وتوفير التكاليف المالية اللازمة لأعمال الصيانة والتشغيل.
وتسير مصر على خطى واعدة فى التحول الرقمى، وإرضاء المواطنين وتحسين الخدمات الحكومية المقدمة إليهم، عبر الدمج بين مركز البيانات والحوسبة السحابية «P1» بخدماته الحديثة، والشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، من الجيلين الرابع والخامس، التى تقدم الخدمات الحكومية على منصة واحدة، والتى تم إطلاق خدماتها خلال عام ٢٠٢٢.
ويوفر المركز صناعة نموذج أكثر نجاحًا واستكمالًا لنفس المحور التكنولوجى، باستحداث خدمات الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة، ومنصة إنترنت الأشياء، وتوصيلها بطريقة مؤمنة وسريعة إلى متخذى القرار لإرضاء المواطنين.
مسئولو المشروع: يمنح الحكومة بيانات تفصيلية عن الاحتياجات ويتحكم فى أدق التفاصيل
أشاد عدد من مسئولى ملف التحول الرقمى بافتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، مركز البيانات والحوسبة السحابية «P1»، ليكون على غرار مراكز البيانات والحوسبيات السحابية التى يعتمد عليها الاقتصاد العالمى حاليًا، بهدف تعزيز ريادة مصر إقليميًا ودوليًا.
وأوضح المسئولون، خلال حديثهم لـ«الدستور»، أن المركز الجديد يرسخ مكانة الدولة المصرية كممر رقمى لنقل البيانات وقيادة أسواق مراكز البيانات فى الشرق الأوسط وإفريقيا، كما يسمح بتبادل المعلومات بين جهات الدولة المختلفة وتحليلها، وتسهيل الحصول على الخدمات، والوصول إلى مؤشرات واضحة حول الاحتياجات الحالية والمستقبلية، فى مختلف القطاعات.
وقال المهندس أحمد الغريب، مدير المنصة الرقمية، إن مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية P1 يختلف بشكل تام عن مراكز البيانات التقليدية، التى يتمثل دورها فى الاحتفاظ بالبيانات فقط، موضحًا أن المركز السحابى يحتفظ ببيانات الجهات الحكومية المختلفة، ثم يحللها بشكل ذكى، كما يسمح بتبادلها بين القطاعات الحكومية المختلفة، ما يسهل على المواطن الحصول على خدمته فى أسرع وقت ممكن.
وأضاف: «يتيح هذا المركز للدولة التعرف على مواطن انتشار الأمراض، على سبيل المثال، أو مواطن نقص منتج معين، وبعد ذلك يأتى دور منصة الذكاء الاصطناعى، التى تسمح بالتعرف على المؤشرات والبيانات، مثل كاميرات المراقبة الموجودة فى كل مكان، فيقوم الذكاء الاصطناعى بتحليل تلك البيانات، لإعطاء مؤشر عن وجود تلاعب مثلًا فى عربات النقل التى تسير على الطرق، أو تلك التى تحمل منتجًا معينًا، أو الموجودة بمكان ما، أو غير ذلك».
واستطرد: «تلك المؤشرات قد تعطى احتمالًا عن وجود نقص فى سلعة استراتيجية معينة، أو وجود خطورة فى مخزون سلعة ما، أو توضح الحاجة للطرق والكبارى فى أماكن بعينها، أو تشير لتعديات على الطرق فى مكان ما، وكل هذا يتضح من خلال الصور التى نحصل عليها من القمر الصناعى».
وتابع: «بعد ذلك تأتى منصة إنترنت الأشياء، التى تسمح بالتحكم فى كل شىء إلكترونيًا، مثل التحكم فى السيارة إلكترونيًا، أو التوجه للمستشفى ومتابعة الخطوات المرضية إلكترونيًا وهكذا، وبعدها تأتى المنصة الرقمية لإدارة الأزمات والكوارث والطوارئ على مستوى الدولة بأنواعها، وهى المنصة التى تأخذ المؤشرات الكاملة التى خرجت من المنصات الثلاث السابقة، لمعرفة الأماكن المهمة والحيوية الخاصة بالدولة، إلى جانب معرفة الموارد المادية والبشرية التى تمتلكها الدولة، والمؤشرات التى تنذر بحدوث أزمة فى المستقبل، أى الإنذار المبكر، لمعالجة الأمر قبل حدوثه».
وأوضح المهندس أحمد المصرى، مسئول التنسيقات والعلاقات الحكومية بالشبكة الوطنية للسلامة، أن المركز السحابى أصبح ضرورة فى زمن يقوم بالأساس على البيانات والمعلومات، فى كل القطاعات.
وقال: «كل شىء فى حياة الناس أصبح عبارة عن بيانات، فأى حديث لأى إنسان عبر الهاتف أو الإنترنت يتحول إلى بيانات، يتم تحليلها لتظهر على هيئة مقترحات على مواقع البحث والتواصل الاجتماعى، سواء كانت تلك البيانات ترفيهية أو غير ترفيهية، أو تعليمية أو تتعلق بالمشتريات والتسوق أو غير ذلك، وكل تلك البيانات كان يتم التعامل معها فى الخارج، عبر تسجيلها وتحليلها من المنصات الكبرى، مثل «جوجل» و«واتس آب» وأمازون»، وغير ذلك، الأمر الذى يتحكم فى اتخاذ أى إجراء إلكترونى، مثل الشراء أو الاشتراك فى أى موقع».
وأضاف: «أصبحت لدى مصر حاليًا منظومة تحول رقمى، وفقًا لرؤيتها لعام ٢٠٣٠، وكى نستطيع التوفيق بين تسجيل بيانات المواطن فى الخارج من خلال المنصات الإلكترونية المختلفة ومنظومة التحول الرقمى المصرية كان من الضرورى أن تصمم الدولة بنية تحتية للاتصالات والمعلومات، من ضمنها شبكات الفايبر المتطورة، مع مراكز تخزين، تسمح للحكومة بتخزين بيانات الجهات الحكومية بالكامل فى أماكن موحدة».
واستطرد: «فى الماضى، كانت كل جهة حكومية، مثل وزارة الصحة أو الكهرباء، تخزن بياناتها الخاصة بشكل منفرد، ما يجعل الجهات الحكومية تعمل فى جزر منعزلة، لكن حاليًا أصبح من الممكن إطلاق مشروع مثل الشباك الواحد، ليسهل على المواطن الوصول إلى معلوماته وإنجاز طلبه فى أسرع وقت ممكن».
وتابع: «حاليًا نحن نرغب فى تحويل خدمة الشباك الواحد إلى خدمة رقمية، لهذا كان من الضرورى تصميم مراكز موحدة على مستوى الدولة لتسجيل بيانات جميع الجهات الحكومية فى مكان واحد، وبالتالى لا بد من تأمينها بشدة، وتصميمها بمساحة كبيرة تستوعب كم هذه البيانات، هو ما يتم حاليًا فى مركز البيانات والحوسبة السحابية (Cloud)».
وأوضح أنه بعد تخزين الجهات الحكومية بياناتها فى هذا المركز، يتم فيما بعد خطوة تبادل البيانات بين الجهات المختلفة «Data Exchange»، بهدف التنسيق فيما بينها لخدمة المواطن.
وأردف: «حالات الوفاة على سبيل المثال لا بد أن تعلم بها وزارة الصحة ووزارة التموين والجوازات وغيرها، حتى تتخذ كل منها الإجراء المناسب فى هذا الأمر، والتعامل مع كل تلك المعلومات سيمنح الحكومة بيانات تفصيلية عن احتياجات الدولة من غذاء ودواء وغيرهما، كما سيظهر نقاط القوة والضعف فى مقومات الدولة المختلفة، مثل زيادة النشاط أو إنتاج سلعة زراعية مثل البصل فى محافظة ما، أو تشير لوجود مشكلة بطريق ما فى محافظة ما وهكذا».
من جانبها، أوضحت الدكتور هبة فوزى، المسئول التنفيذى للشبكة الوطنية بوزارة الصحة، أن الوزارة تعمل مع الشبكة الوطنية منذ ٢٠٢٢، على إجراء ميكنة كاملة للمستشفيات، بدءًا من الطوارئ ووصولًا لجميع الأقسام، وذلك وفقًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووزير الصحة.
وأشارت إلى أنه تم بالفعل ميكنة أكثر من مستشفى، منها مستشفى المنيرة العام، ومستشفى الزيتون التخصصى، اللذان تمت بهما ميكنة الطوارئ، والرعايات والحضانات، وما تسمى بالمناطق الساخنة «Hot Areas»، للتعامل مع الحالات الحرجة، لافتة إلى أنه تم تدشين أول مستشفى حكومى ذكى وميكنته بالكامل، وهو مستشفى العاصمة الإدارية الجديدة.
وقالت: «تمت ميكنة الخدمات الطبية الثابتة، مثل المستشفيات والوحدات الصحية، إلى جانب الخدمات الطبية المتنقلة، مثل هيئة الإسعاف، الأمر الذى يمكن المريض من طلب عربة إسعاف من خلال «تِكت الإسعاف»، ليظهر الطلب الخاص بالمريض لدى الهيئة بمجرد استخدام هذا التِكت، ليتم نقله للمستشفى الأقرب والأنسب لحالته المرضية، لضمان وصول المريض إلى مستشفى يتوافر بها التخصص الذى يحتاج إليه».
وتابعت: «من مميزات هذه الميكنة أنها تسمح بتقليل نسب الحوادث، عن طريق وضع كاميرات متابعة بعربة الإسعاف نفسها، لمتابعة السائق والمسعف، وإرسال إشارة لحظية إلى غرفة العمليات المركزية برقم العربة حال وقوعهما فى أى خطأ، الأمر الذى يمكن وزارة الصحة من اتخاذ الإجراء اللازم، تبعًا لكل حالة».