رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحرير سيناء.. تاريخ كتبه المصريون في ميادين الحرب والدبلوماسية

ذكرى تحرير سيناء
ذكرى تحرير سيناء

في قلب الصحراء القاحلة، حيث تحتضن الرمال الحارقة ملاحم البطولة والتضحية، تمتد قصة تحرير سيناء كنسيج فريد من أروع الحكايات الإنسانية، تلك الملحمة العظيمة التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، لتصبح درسًا خالدًا في الصبر والإرادة والتصميم على استرداد الحقوق المغتصبة.

فمنذ اللحظة الأولى لهزيمة يونيو 1967، بدأت المعركة الطويلة لاسترداد الأرض المحتلة، وكانت حرب الاستنزاف بمثابة الشرارة الأولى في مسيرة طويلة من الكفاح، قبل أن تندلع معركة العبور التاريخية في أكتوبر 1973، حيث غامر الجنود المصريون بأرواحهم لتحرير التراب الغالي.

أيام واحتفالات مصرية

لكن القتال العسكري لم يكن سوى جزءً من هذه الملحمة الضخمة، فقد امتدت المعركة إلى الساحات الدبلوماسية والقانونية، حيث خاض المصريون حربًا أخرى من نوع مختلف، مستخدمين سلاح الحقائق والمنطق لإثبات حقهم التاريخي في أرض سيناء.

استمرت هذه المحنة الوطنية حتى جاء ذلك اليوم المجيد في 19 مارس 1989، عندما رفرف العلم المصري عاليًا في سماء طابا، آخر بقعة من بقاع سيناء، معلنًا للعالم أجمع عودة السيادة الكاملة لمصر على أراضيها، لتصبح ملحمة تحرير سيناء خالدة في ذاكرة الأجيال القادمة، فهي ليست مجرد حرب عسكرية، بل معركة شاملة استخدمت فيها كل الأسلحة المتاحة، من القوة العسكرية إلى الدبلوماسية الحكيمة، في سبيل استعادة الأرض المغتصبة.

وتحتفل مصر في 25 أبريل من كل عام بذكرى تحرير سيناء، والتي استعادتها في ذلك اليوم عام 1982، بمقتضى معاهدة كامب ديفيد، بعدما خاضت سنوات من الكفاح للوصول إلى هذا اليوم.

عيد تحرير سيناء».. القصة الكاملة لعودة جنة الفيروز إلى حضن مصر | مبتدا

هزيمة يونيو وضياع سيناء

حكاية التحرير بدأت بعدما تعرضت مصر لهزيمة يونيو 1967، والتي كانت ضربة مفاجئة للجيش المصري، وانتهت باحتلال إسرائيل قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء من مصر، الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) من الأردن، وهضبة الجولان من سوريا، لكن مصر لم تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك الهزيمة النكراء، كانت الخطوة الأولى على درب التحرير هي حرب الاستنزاف، التي اندلعت في سبتمبر 1968 واستمرت حتى السادس من أكتوبر 1973، فشهدت جبهات القتال معارك ضارية أرعبت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

انتصار أكتوبر 1973

في ذلك اليوم المفصلي، انطلقت القوات المصرية البطلة في حرب العبور التاريخية، مخترقة قناة السويس وخط بارليف المنيع، وكانت تلك المعركة الحاسمة بمثابة نقطة تحول في مسار الصراع، حيث نجحت مصر في استعادة السيادة الكاملة على قناة السويس واسترداد جزء من أراضي سيناء المحتلة، مستكملة انتصارها بالتحول للعمل السياسى والدبلوماسى المتمثل في المفاوضات للفصل بين القوات عام 1974 وعام 1975، ثم مباحثات كامب ديفيد عام 1978، التى أدت إلى السلام في الشرق الأوسط، تلاها توقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية عام 1979.

تحرير سيناء".. رحلة استرداد الأرض من 67 حتى 25 أبريل 88 | مصراوى

اختراق قرار وقف إطلاق النار

وبداية تلك المفاوضات كانت في 22 أكتوبر 1973، بإصدار مجلس الأمن القرار رقم 338، الذي يقضي بوقف إطلاق النار، وفقًا لاقتراح مشترك من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، على أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ خلال 12 ساعة من اتخاذ القرار، وقبلته مصر ونفذته مساء يوم صدور القرار، لكن لم يلتزم به الجانب الإسرائيلي وخرق قرار وقف إطلاق النار، ما اضطر مجلس الأمن إلى إصدار قرار آخر يوم 23 أكتوبر، وهو ما تم موافقة الطرفين عليه، ودخلت مصر بعدها في مرحلة المفاوضات.

وفي 11 نوفمبر 1973، تم توقيع اتفاق آخر باستمرار وقف إطلاق النار، ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس، وتولي قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق، ثم بدأ تبادل الأسرى والجرحى، وكان هذا الاتفاق بداية مرحلة السلام في منطقة الشرق الأوسط.

مباحثات الكيلو 101 - ويكيبيديا

بدايات مفاوضات استعادة سيناء

وفي يناير 1974، تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، وبمقتضاه، تنسحب القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كم شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات الموجود فيها قوات الطوارئ الدولية.

وفى سبتمبر 1975، تم توقيع الاتفاق الثانى الذى بموجبه استردت مصر حوالي 4500 كم من أرض سيناء، وأيضًا تضمن الاتفاق حل النزاعات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط بالحلول السلمية لا بالقوة العسكرية.

توقيع “كامب ديفيد”

وفي نوفمبر1977، أعلن الرئيس "السادات"، في بيان له أمام مجلس الشعب، اعتزامه الذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي، للتوقيع على معاهدة سلام بين الطرفين، وهو ما تم خلال مؤتمر كامب ديفيد 5 سبتمبر 1978.

وفي 18 سبتمبر 1978، تم توقيع وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض، والتي نصت على اتفاقين؛ الأول بحث سبل إطار السلام في الشرق الأوسط، والثاني كان إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، حيث وقّع الطرفان في 26 مارس 1979 معاهدة السلام، والتي ترتب عليها انسحاب كامل من شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية عليها.

عيد تحرير سيناء.. طرق مصر فى تحرير الأرض بالحرب والمفاوضات - اليوم السابع

العلم المصري يرفرف على سيناء كاملة

وفي 25 أبريل 1982، تم رفع العلم المصرى على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء، واستكمال الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد احتلال دام 15 عامًا، فيما عدا "طابا"، والتي تم استعادتها بعد 7 سنوات من المفاوضات الدبلوماسية، ففي 30 سبتمبر 1988 أعلنت هيئة التحكيم الدولية في الجلسة التي عُقدت في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا، بأنها أرض مصرية، وفي 19 مارس 1989 تم رفع علم مصر على طابا وعادت سيناء كاملة.

موعد إجازة عيد تحرير سيناء 2024.. تصل لـ3 أيام