رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فريد زهران: دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى أسهمت فى إحداث انفراجة بالعمل السياسى فى مصر

فريد زهران
فريد زهران

قال المرشح الرئاسى السابق فريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، إن عددًا كبيرًا من الناشرين طالبه بالترشح بانتخابات اتحاد الناشرين المصريين، مؤكدًا أنه خلال رحلته كناشر تقبل جميع الآراء، إلا الكتب الداعشية، وكتب الخرافات.

وأوضح «زهران»، خلال حوار خاص مع الإعلامى الدكتور محمد الباز، فى برنامج «الشاهد» عبر قناة «إكسترا نيوز»، أنه قبيل انتخابات الاتحاد تواصل معه عدد من الأشخاص حول إمكانية ترشحه للمنصب فى الدورات الماضية، لكنه كان يرى أن ذلك الوقت غير مناسب، حتى قرر خوض الانتخابات فى دورته الحالية. 

ورأى أن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى أثمرت حدوث حراك سياسى كبير فى مصر، مشددًا على تحقق نجاحات كبيرة، منها الإفراج عن المحبوسين.

وأشار إلى أنه دخل السياسة من باب الثقافة، مؤكدًا أن التوعية قضية رئيسية ومهمة لتحقيق التنمية.

■ بداية.. كيف ترى الاحتفال باليوم العالمى للكتاب؟

- العالم بأكمله يحتفل باليوم العالمى للكتاب، ومن المفترض أن نسهم فى هذا الاحتفال بقدر كبير يليق بالكتاب المصرى، الذى كان ولا يزال هو الكتاب الأكثر رواجًا وتأثيرًا فى اللغة العربية، فهو وزن كمى وكيفى لدى كل المتحدثين باللغة العربية، ويستحق منا أن نهتم به وأن نذلل أى عقبات تقف دون تحقيق أى تقدم ملموس لصناعة النشر فى مصر.

■ كرئيس لاتحاد الناشرين المصريين.. كيف أسهمت فى دعم الثقافة سياسيًا؟

- منذ بداية عملى، أتصرف كرجل فى السياسة ورجل فى الثقافة، ويمكن القول إننى دخلت المجال السياسى من مدخل ثقافى، على عكس من يبدأون بالتركيز على السياسة.. وأعتقد أن اختياراتى الثقافية والفكرية كانت سببًا فى دخولى عالم السياسة.

فى البداية قرأت عن الفن والمسرح والسينما، قبل أن أقرأ عن السياسة، وبالتالى دخلت السياسة من أرضية فكرية، وأرى أن السياسة فى مصر «تكلفتها عالية»، بمعنى أن العمل السياسى فى فترة السبعينيات كان يساوى دخول السجن أكثر من مرة، وارتباك الحياة الشخصية، وبالتالى الابتعاد عن المجال الثقافى.

وعلى الرغم من ذلك، لا أعتقد أننى ابتعدت، ففى ذروة الاهتمام بالسياسة والحركة الطلابية والنشاط الطلابى وانتفاضة ٧ يناير ١٩٧٧، كنت أعمل فى جمعية الفيلم، وكنت أكتب نشراتها فى منتصف السبعينيات، وكتبت عن النقد السينمائى.

بعد مرور سنوات، أصدرت مع صلاح عيسى- كان أكبر منى فى ذلك الوقت- مجلة «الثقافة الوطنية»، ودشنت دار نشر، وهى أول من رفضت اتفاقية «كامب ديفيد» والتطبيع ونشرت لمحسن يونس، وكنا نعتبر روادًا لنشر أعمال أبناء جيلنا، وقدمنا أفكارًا جديدة، وكان شعار المجلة «نحو عصر تنوير جديد»، وكانت سنى فى ذلك الوقت ٢٢ عامًا.

■ لماذا تعتبر الثقافة مدخلًا مهمًا للعمل السياسى؟

- الصعود للعمل السياسى يحتاج لإنجازات فكرية وثقافية عميقة، والثقافة هى الأبقى والأهم، فالسياسة مخرج من مخرجات الثقافة، ومن لديه انحيازات فكرية وثقافية عميقة هو من يصمد فى العمل السياسى، لكنّ هناك فارقًا كبيرًا بين من لديه انحياز سياسى ويمتلك ثقافة سياسية عميقة، وبين شخص آخر يدّعى انتماءه للسياسة دون فهم الأبعاد والأمور العميقة المتعلقة بالعمل السياسى.

هناك أشخاص دخلوا عالم السياسة فى مصر من باب الانحيازات العارضة والمؤقتة ضد موقف أو قرار معين، وبالتالى مجرد أن ينتهى هذا الموقف أو القرار، سرعان ما يختفى.

■ كيف كانت تجربة إنشاء دار نشر؟

- أعتبر نفسى مثقفًا ومنتجًا الثقافة، وفى نفس الوقت أحب صناعة مؤسسات ثقافية، فهناك الكثير جدًا من أبناء جيلى اشتغلوا فى الإنتاج الثقافى، بمعنى أنه كتب شعرًا أو كتب كتابًا سياسيًا أو اقتصاديًا.. أنا قدمت كل ذلك؛ فقد كتبت فى أمور فكرية وثقافية وكنت حريصًا على أن أكون من صنَّاع الثقافة، وأن تكون لدى دار نشر.

كنت أحلم أنا والراحل صلاح عيسى بأن نبنى مؤسسات ثقافية مستقلة، ولم نكن مع الفكرة القائلة إن الثقافة تكون مملوكة للدولة فقط. كنا نريد استقلال المؤسسات الثقافية، ورفعنا شعارًا فى المجلة بعنوان «يا نحلة لا تقرصينى ولا عايز عسلك»، فى أواخر السبعينيات، وكان هناك مثقفون «مش متخيلين إن فى ثقافة مستقلة عن الدولة».

دار النشر كانت محاولة للسعى والتحرر من فكرة السيطرة على المثقفين والثقافة المصرية لفترة طويلة، وهى فكرة أن الثقافة هى دور الدولة، وأن الدولة عليها أن تدعم الثقافة والمثقفين، وإن لم تقم بذلك الدور فهى مقصرة ونهاجمها.

لذلك قررنا أن نخرج بنظرية جديدة؛ وهى أن الثقافة ليست دور الدولة بل هى مستقلة، ونرحب إذا كانت الدولة تريد أن ترعى الثقافة، وهناك عشرات الطرق لدعم الثقافة والمثقفين، من بينها أن تكون المؤسسات الثقافية مملوكة للدولة.

وتجربة تأسيس دار النشر كانت التجربة الثانية لى، والتجربة الأولى كانت «الثقافة الوطنية» بإمكانات أكثر تواضعًا، والعنوان المتداول فيها كان عنوانًا منزليًا، ولم يكن هناك سجل تجارى، وطبعت من الثقافة الوطنية ألفى نسخة.

■ كيف نحسن أحوال الثقافة؟

- الثقافة تحتاج دائمًا إلى مناخ ديمقراطى لتزدهر، فى أجواء تتعدد فيها الرؤى والأفكار، ويكون القرار للقارئ والمتفرج، وفى النهاية لن يكون هناك جمهور واحد يهتم بأمر معين، بل هناك تنوع فى كل المجالات.

ولتوضيح قوة الثقافة هناك أمثلة متعددة؛ فهناك أفلام عندما أنتجت سقطت فى السينمات وبعد عشرين سنة لاقت رواجًا فى التليفزيون، وهناك عامل أمريكى بسيط قرر الغناء، وبحث عن منتج وأنتج شريطًا وزع ٦ نسخ فقط، ولكن اشترت نسخة شابة كانت مسافرة لجنوب إفريقيا وانتشر فى بلادها، وانتشرت عنه شائعة أنه مات منتحرًا، وبعد عشرين عامًا قرر صحفى إفريقى أن يبحث عنه وذلك عام ١٩٨٦، ووجده ما زال عاملًا بسيطًا، وأحضره فى جنوب إفريقيا، وتم استقباله استقبالًا كبيرًا.

■ كيف كانت تجربة تأسيس مركز المحروسة عام ١٩٨٦ ودوره فى نشر الثقافة؟

- مركز المحروسة كان تجربة ليست سهلة على الإطلاق، لأنه طوال الوقت كان هناك تقاطع كبير بين الثقافة والسياسة، وكنت أعمل طوال الوقت للفصل بينهما.

فى العمل السياسى يمكن أن «تتحزب» على عكس العمل الثقافى، فعلى سبيل المثال فى السياسة يمكنك الانضمام لحزب، ويكون هناك التزام حزبى، ولكن فى الثقافة هناك تحرر وانفتاح أكبر على الآخر، باستثناء أننى أرفض دائمًا نشر كتب الخرافة والداعشية، لأنها ضد قناعاتى.

نشرت كُتبًا ليبرالية ويسارية، وطوال الوقت لدى بوصلة، وهى أنى أنشر الثقافة الجادة التى تؤثر فى تاريخ الإنسانية.

■ ما رأيك فى دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى؟

- دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى أسهمت فى إحداث انفراجة بالعمل السياسى فى مصر، وجرى الإفراج فى الآونة الماضية عن العديد من الأشخاص الذين سجنوا على ذمة قضايا الرأى، وهذا أمر حسن يجب تسجيله.

■ لماذا أخذت قرار الترشح بانتخابات اتحاد الناشرين رغم أنك كنت تعلم المشاكل التى تواجه المنصب؟

- فكرة رئاسة اتحاد الناشرين كانت تراودنى أنا وعدد من الناشرين طوال السنوات الماضية، وعمرى ما كنت بعيدًا عن الاتحاد، ودائمًا كنت حريصًا على حضور الجمعية العمومية للاتحاد والانتخابات، فضلًا عن مواقفى فى الانتخابات السابقة لاتحاد الناشرين.

دائمًا قبيل انتخابات الاتحاد كان يتواصل معى عدد من الأشخاص ويطلبون منى الترشح للمنصب فى الدورات الماضية، ولكن كنت حريصًا على اختيار الوقت، لأن المنصب يجمع بين أشياء مختلفة، منها الحس النقابى ويعتبر اتحاد رجال أعمال.. له تركيبة معقدة ويصعب العمل فيه بدون التعاون مع الجهات الحكومية ومؤسسات الدولة.

هناك تغيرات حدثت فى السنوات الماضية؛ بعد ثورة ٢٥ يناير وما حدث بعد ثورة ٣٠ يونيو، ونرى خالد البلشى نقيبًا للصحفيين، وطارق النبراوى نقيبًا للمهندسين وغيرهما، وذلك يدل على أن هناك حراكًا سياسيًا يحدث ومعادلات تتشكل على أرض الواقع.

كان لدىّ تخوف من انحيازى السياسى داخل الاتحاد، لذلك خلال انتخابات اتحاد الناشرين أكدت الحرص على وصول الاتحاد لمكانة أفضل، ومواجهة الصعوبات فى التعامل مع السوق والجهات، وأنه كان فى حاجة لإدارة جديدة خلال الظروف الحالية، وأكدت أن الإدارات السابقة بذلت قصارى جهدها.

■ هل تجربة ترشحك للانتخابات الرئاسية ألهمتك للترشح بانتخابات اتحاد الناشرين؟

- دورى فى العمل السياسى زاد للغاية منذ ترشحى للانتخابات الرئاسية السابقة، وهذا كان أحد الأسباب التى جعلتنى مترددًا فى الترشح لمنصب رئيس اتحاد الناشرين، واعتبرت أن انحيازى السياسى مشكلة، وكان هناك بعض الأطراف خلال فترة الانتخابات ضد ترشحى لمنصب رئيس الاتحاد، وقال «هايبقى رجل سياسة وليس مهنيًا، وسوف يخلط السياسة بالمهنة»، ودورى الحالى فى اتحاد الناشرين مهم ومكمل لأدوارى السابقة، لأن صناعة النشر عظيمة للغاية، ولكنها تعانى من الظلم الكبير. والدور الذى يلعبه الكتاب المصرى كبير لأبعد الحدود.

وأنا أيضًا كانت لدىّ مخاوف؛ أخاف من أن أتصرف فى الاتحاد بشكل سيئ ويكون لدى انحياز فى مواقف معينة ولا تمثل أغلبية الموجودين بالاتحاد، وترشحى كان حسبة صعبة، وكان تحديًا أن أكون رئيس الاتحاد فقط، دون أى انحيازات سياسية، بكل ما يستدعى المسئولية المهنية المحايدة.

لذلك اتخذت قرار عدم الترشح لانتخابات الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى المقبلة، لأتفرغ، وحتى إذا استمر وجودى فى الحزب سيكون شرفيًا فقط، وليس تنفيذيًا. 

■ واجهت شائعات كثيرة.. كيف تعاملت معها؟

- سمعت الكثير من الأقاويل، وفى مصر دائمًا نتعامل مع المناصب كأنها ترقيات، وعقب انتهاء فترة انتخابات الرئاسة نزلت يومًا معرض القاهرة للكتاب، والمواطنون كانوا مستغربين وجودى، لدرجة أن البعض أجرى معى حديثًا، وكان سؤاله الأبرز: «هو عادى بعد الترشح للانتخابات الرئاسية تنزل المعرض وتوجد فى الجناح الخاص بك وتبيع كتابك؟».

الفكرة فى مصر أن هناك عدم تعود على أن يلعب الإنسان مختلف الأدوار، وتولى المنصب سواء رئيس أو نائب ليس ترقية، وأنا أستغرب ما يقوله البعض حول ربط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بالترشح لمنصب رئيس اتحاد الناشرين.

وبعيدًا عن الشائعات، أرى أن الاتحاد مكان مهم جدًا، وأن الناشر يتعامل معاملة ظالمة فى مصر، وسأعمل على أن ينال الناشر حقوقه، ونحتاج مجهودًا لتطوير الكتاب المصرى.

■ كيف يعود الكتاب للصدارة؟

- دورى فى الاتحاد أننى «ناشر أخدم الناشرين جميعًا»، أيًا كانت توجهاتهم، وأنا ما يخصنى مواجهة من يُزوّر الكتب، وستكون هناك معايير للمشاركة بالمعارض الخارجية.. دورى هو خدمة الناشرين.

■ لماذا طلب منك عدد كبير من الناشرين الترشح للمنصب؟

- عدد كبير طلب منى الترشح للمنصب، رأوا أن ترشحى مهمة إنقاذ، والهدف هو إنقاذ صناعة الكتاب بصفة عامة التى تحيط بها مخاطر متنوعة، من بينها وليس أهمها المنافسة الإقليمية.

نحتاج أيضًا لإدراك أن الإصلاح لا يكون بـ«الضربة القاضية»، بل يحتاج للوقت وتعاون كبير بين الناشرين الجادين والمؤسسات الحكومية المختلفة، لأننى لاحظت خلال الفترة السابقة تسلل البعض لاتحاد الناشرين، وليس من أهل المهنة، وغير ملتزمين.