قاضٍ مصرى: هل تنجح منظمة الكوكب فى منح العضوية الكاملة لفلسطين أم تسقط فى مستنقع حق الفيتو؟
بمناسبة ما يعقده مجلس الأمن فى اجتماع اليوم الإثنين، 8 أبريل، لبحث طلب فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والمقدم منذ 23 سبتمبر 2011 وجددته فى سبتمبر 2023 ثم 3 أبريل الحالي، وكانت فلسطين قد حصلت على صفة دولة غير عضو ذات صفة مراقب في الأمم المتحدة بقرار الجمعية العامة، بأغلبية كبيرة في 29 نوفمبر 2012، بتأييد 138 دولة وامتناع 41 عن التصويت ومعارضة 9 دول. وبعد حرب ضارية تقوم بها إسرائيل فى إبادة سكان غزة نلقى الضوء فى هذا التقرير على دراسة القاضى المصرى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، بعنوان "هل تنجح منظمة الكوكب فى منح العضوية الكاملة لفلسطين أم تسقط فى مستنقع حق الفيتو؟! نضال غزة الأبية يعيد الأراضي الفلسطينية إلى الساحة الدبلوماسية".
ونتناول فى التقرير التالى فى خمس نقاط أهم ما تضمنته دراسة الفقيه المصرى لتنوير العقل العربى فى قضية فلسطين التى تشغل بال شعوب العالم بأسره، أهمها الاعتراف بالعضوية الكاملة لفلسطين سيغير مسار الصراع مع إسرائيل، ونضال غزة الأبية يعيد الأراضي الفلسطينية إلى الساحة الدبلوماسية، وأن إسرائيل فقدت شرعيتها على الساحة الدولية بإبادة غزة، وتغير موقف الـ5 دول الدائمة العضوية تجاه فلسطين والعقبة الوحيدة أمريكا وحدها!
هل تنجح الأمم المتحدة (140) دولة (72% من العالم) فى الاعتراف الكامل بفلسطين؟ الاعتراف سيغير مسار الصراع مع إسرائيل للدولتين
يقول الدكتور محمد خفاجي: تتناول اليوم الإثنين 8 أبريل 2024 هيئة الأمم المتحدة، منظمة الكوكب، المسئولة عن الحفاظ على السلام والاستقرار الدولى، إمكانية انضمام الأراضي الفلسطينية رسميًا إلى مجتمع 193 دولة، وقرارها النهائى سوف يستغرق عدة أسابيع للنقاش والمداولات حسب رؤية كل دولة وفقًا لمقاصد الأمم المتحدة، وتطلب فلسطين أن تصبح الأراضي الفلسطينية، التي عينتها الأمم المتحدة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، دولة عضوا كاملة العضوية داخل المنظمة الدولية، مشيرا إلى أن 140 دولة في الأمم المتحدة، أي ما يعادل 72% من دول العالم، تعترف حاليًا بالدولة الفلسطينية.
ويضيف: من المقرر أن يبدأ الأعضاء الحاليون الخمسة عشر في مجلس الأمن- عشرة متناوبون وخمسة دائمون- محادثات لتشكيل اللجنة المتخصصة التي يتطلبها ميثاق الأمم المتحدة في التعامل مع أي طلب للعضوية. وهو ما سيعلنه أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للمنظمة الدولية، والرأي عندي أن حلم الدولة الفلسطينية فى الاعتراف لها بالعضوية الكاملة الذي تبلور منذ عقود من الزمن، سيغير من مسار الصراع مع إسرائيل لصالح الدولتين.
ما هى الإجراءات المعقدة لطلب الانضمام للعضوية الكاملة للأمم المتحدة؟
يذكر الدكتور محمد خفاجي أن الإجراءات التي أنشأتها الأمم المتحدة لقبول المتقدمين الجدد للانضمام رسميًا إلى المنظمة الدولية معقدة، حيث تبدأ بالخطوة الأولى، وهي الاستلام الرسمي لطلب الانتماء إلى المنظمة من قبل مقدم الطلب، ثم تبدأ مسئولية مجلس الأمن، بتشكيل لجنة متخصصة للتحليل الفنى والقانونى للقضية، وكتابة تقرير، وإعادته إلى مجلس الأمن للتصويت على القبول أو عدمه.
ويشير: وحتى ينجح التصويت يجب على 9 من أعضاء الهيئة التنفيذية الخمسة عشر إعطاء الضوء الأخضر للانضمام، أخذًا فى الاعتبار أن أيًا من الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس، وهى: الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، لها حق النقض ضد القرار، وإذا كانت نتيجة قرار مجلس الأمن إيجابية، فإن الاقتراح يحال مباشرة إلى الجمعية العامة داخل الأمم المتحدة، وحينئذ يجب على ثلثي الدول الأعضاء البالغ عددهم 193 دولة أن توافق وتؤيد الدولة طالبة العضوية، وبعد استيفاء الطلب يحال الطلب مرة أخرى إلى مجلس الأمن للتصويت النهائي الذي يجسد نهائية انضمام الدولة طالبة العضوية الكاملة.
التجارب الدولية منذ بداية الألفية الجديدة بقبول (4) دول ليكتمل عدد الدول الأعضاء 193 دولة
ويوضح الدكتور محمد خفاجى: "التجارب الدولية منذ بداية الألفية الجديدة بقبول (4) دول ليكتمل عدد الدول الأعضاء 193 دولة، فمنذ عام 2000 تم قبول أربع دول فقط كأعضاء نشطين جدد في الأمم المتحدة، لتكتمل القائمة الحالية التي تضم 193 دولة، ففي عام 2002 أكملت سويسرا انضمامها إلى المنظمة الدولية، بعد إنهاء وضع غير عادي من الحياد الدولي. وبالرغم من الاعتراف بسويسرا كدولة وكونها المقر الرئيسي للعديد من المنظمات العالمية، إلا أنها لم تنضم رسميًا إلى الأمم المتحدة. وفى ذات عام 2002 حصلت تيمور الشرقية على استقلالها عن إندونيسيا، ما عزز انضمامها إلى الأمم المتحدة بعد فترة وجيزة من عمر الزمن".
ويشير إلى أن جمهورية الجبل الأسود بعد إعلان استقلالها عن صربيا في عام 2006، تقدمت بطلب للانضمام إلى المنظمة الدولية في 3 يونيو 2006، ثم عززت جمهورية الجبل الأسود عضويتها فى الأمم المتحدة التي كانت جزءًا من يوغوسلافيا السابقة، وكانت آخر حالة انضمام سابقة هي دولة جنوب السودان في عام 2011، التي أكملت استقلالها عن السودان وأضحت الدولة رقم 193 في قائمة أعضاء الأمم المتحدة".
تاريخ فلسطين قديم منذ الأذل قبل نشأة المنظمة الدولية ونضال غزة الأبية يعيد الأراضي الفلسطينية إلى الساحة الدبلوماسية
يؤكد الدكتور محمد خفاجى: "إن تاريخ فلسطين قديم منذ الأذل قبل نشأة المنظمة الدولية ونضال غزة الأبية يعيد الأراضي الفلسطينية إلى الساحة الدبلوماسية، وأن تاريخ سعى الشعب الفلسطيني للحصول على الاعتراف الرسمي من الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية يعود إلى إنشاء دولة إسرائيل. منذ السنوات الأولى لتأسيسها عام 1945، وبعد فشل عصبة الأمم المنحلة، اقترحت منظمة الأمم المتحدة حل الدولتين حينذاك للوضع في فلسطين. وفي عام 1947، أصدرت الأمم المتحدة قرارها رقم 181 لسنة 1947 بنهاية الانتداب البريطاني في فلسطين واستكملت الاستقلال بإنشاء دولتين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، من أجل التعايش السلمي بين السكان. وفي عام 1948 منظمة الكوكب أكملت قيام دولة إسرائيل، لكنها فشلت حتى الاَن مع الدولة الفلسطينية، لم تستطع أن تعترف لها بالعضوية الكاملة فى صورة من أشد صور الظلم على شعب فلسطين".
ويضيف: "بعد نجاح مصر فى تحطيم خط بارليف وهزيمة إسرائيل، أصدرت الأمم المتحدة قرارها رقم 338 لسنة 1973، طالبت فيه ببدء محادثات السلام بين إسرائيل وفلسطين، مع التأكيد على الحقوق الأساسية للسكان الفلسطينيين في إنشاء دولة ذات سيادة. وفي عام 1974، سمحت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول أول تمثيل فلسطيني داخل المنظمة، ومنحت منظمة التحرير الفلسطينية صفة (مراقب) داخل الجمعية العامة".
ويشير: "فى عام 2011 تقدمت فلسطين بطلب رسمى إلى مجلس الأمن للتحول إلى عضوية كاملة لفلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة، لكن فشلت منظمة الكوكب فى الاعتراف بالعضوية الكاملة لفلسطين، حيث لم يحصل الطلب على الإجماع على الأصوات الـ9 اللازمة داخل المجلس بسبب رفض أمريكا الصريح وامتناع ست دول أخرى عن التصويت، ما حال دون التصويت على الاقتراح وباء بالفشل حلم الدولة الفلسطينية. وفى عام 2012 اعترفت الأمم المتحدة بتمكين فلسطين كدولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة".
إسرائيل فقدت شرعيتها على الساحة الدولية بإبادة غزة وتغير موقف الـ5 دول الدائمة العضوية تجاه فلسطين والعقبة الوحيدة أمريكا وحدها!
يقول الدكتور محمد خفاجى: "إسرائيل فقدت شرعيتها على الساحة الدولية بإبادة غزة وتغير موقف الـ5 دول الدائمة العضوية تجاه فلسطين والعقبة الوحيدة أمريكا وحدها! وتغيرت المواقف، حتى أمريكا حليفها الاستراتيجى المؤبد ضغطت على إسرائيل بقصد وقف المذبحة ضد المدنيين بقطاع غزة، حتى إن واشنطن أعلنت أنها تؤيد إنشاء دولة فلسطينية لكنها راوغت حينما أكد البيت الأبيض أن إنشاء دولة فلسطين يجب أن يتم بين الطرفين وليس في الأمم المتحدة، وهو موقف خبيث ينم عن النية الحقيقية الدفينة لأمريكا فى دعم إسرائيل ضد الفلسطينيين".
ويضيف: "على الجانب الآخر فإن روسيا والصين تؤيدان وتدعمان انضمام الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة كعضو كامل العضوية، في حين أنه يمكن لفرنسا والمملكة المتحدة الانضمام إلى الموافقة، لأنه على الرغم من أنهما حليفتان تقليديتان لإسرائيل إلا أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها حكومة بنيامين نتنياهو دعت باريس إلى القول بأنها ترحب بإنشاء دولة فلسطينية. ومن ثم فإن العقبة الرئيسية التي تحول دون أن تصبح فلسطين الدولة رقم 194 في الأمم المتحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها".
ويختتم الدكتور محمد خفاجى: :والرأى عندى أن الاعتراف بفلسطين كعضو كامل فى الأمم المتحدة، لتمكين الشعب الفلسطيني من السيادة الوطنية، سيؤدى إلى تسهيل دخول المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة إلى الأراضي الفلسطينية، خاصة داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية المحتلة. ما يؤدي أيضًا إلى وقف نهائي لإطلاق النار، وإنهاء إبادة شعب فلسطين بغزة، وهى القضية التى تنظرها محكمة العدل الدولية، قمة جهازها القضائى، وينتظر العالم بأسره القرار الأخير بأن تكون دولة فلسطين جزءًا من الأمم المتحدة، وهى العنصر الفاعل الآن على مستوى العالم، خاصة فى نظر الشعوب التى توحدت لصالح فلسطين الأبية".