تجارب تاريخية.. سر دعم جو بايدن عدوان إسرائيل على غزة
أكد تقرير بريطاني أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يصر على استمرار دعم الاحتلال الإسرائيلي في العدوان على قطاع غزة رغم الانتقادات الحادة التي يتعرض لها سواء داخل الولايات المتحدة أو في الخارج.
قصة دعم بايدن عدوان إسرائيل على لبنان عام 1982
وأوضحت صحيفة "الجارديان" البريطانية، في تقرير لها، أنه لفهم سبب إصرار جو بايدن على دعم حق إسرائيل في مهاجمة غزة علينا العودة أربعة عقود إلى الوراء، حينما التقى بايدن وقت أن كان عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اليميني في ذلك الوقت، مناحيم بيجن.
وكان ذلك اللقاء في عام 1982، حينما أجرى بيجن زيارة رسمية إلى واشنطن بعد أيام من غزو إسرائيل للبنان بعد هجمات عبر الحدود شنتها منظمة التحرير الفلسطينية، وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية وقتها أنه عندما خاطب بيجن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لم يكن أحد أكثر حماسًا من بايدن لدعم الهجوم الإسرائيلي.
وقال بايدن، خلال هذا الاجتماع، وفقًا لاقتباس كشف عنه: "لو تم شن هجمات من كندا على الولايات المتحدة لكان الجميع في أمريكا سيقولون هاجموا جميع مدن كندا، ولا يهمنا إذا قُتل جميع المدنيين".
وأعرب بيجن في وقت لاحق عن دهشته من الدعم الشديد لبايدن، خاصة محاولات بايدن وقتها لتبرير قتل النساء والأطفال.
وقال بيجن للصحافيين الإسرائيليين: "لقد أبعدت نفسي عن هذه التصريحات، فقلت له لا يا سيدي، يجب الانتباه، فوفقًا لقيمنا يحظر إيذاء النساء والأطفال حتى في الحرب".
سر دعم بايدن العدوان الإسرائيلي على غزة
وأوضحت الجارديان، في تقرير، أن جو بايدن وهو الآن الرئيس الأمريكي لم يكن أقل إصرارًا في دعمه للهجوم الأخير على غزة في أعقاب عملية حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، وحتى مع ارتفاع عدد المدنيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في هجومها الانتقامي على غزة إلى الآلاف، برر بايدن التكلفة البشرية.
وقال بايدن بعد أسبوعين من القصف الإسرائيلي على غزة: "أنا متأكد من أن أبرياء قتلوا، لكن هذا هو ثمن شن الحرب".
وأضاف بايدن أن إسرائيل "يجب أن تكون حذرة للغاية" في استهداف الجماعات المسلحة المسئولة عن هجوم 7 أكتوبر، لكنه شكك أيضًا عما إذا كان عدد المدنيين الذين يموتون بنفس العدد الذي أعلنت عنه وزارة الصحة الفلسطينية.
وفي زيارة إلى إسرائيل قبل أيام قليلة، حذر بايدن إسرائيل من "الإفراط" في الغضب في ردها على هجوم حماس وتجنب "الأخطاء" التي ارتكبتها الولايات المتحدة في هجومها بعد أحداث 11 سبتمبر، لكن الرئيس بايدن أيد أيضًا حق إسرائيل في الرد عسكريًا عندما أعلن نفسه "صهيونيًا"، وحضر اجتماعًا لحكومة بنيامين نتنياهو الحربية.
وكشفت "الجارديان" أن أحد التفسيرات لتصرفات بايدن هو أنه يعتقد أن احتضان إسرائيل علنًا ودعم نتنياهو يمنحه نفوذًا أكبر على رئيس الوزراء الإسرائيلي في السر.
وفي خطابه عن حالة الاتحاد يوم الخميس، كرر بايدن أن "لإسرائيل الحق في ملاحقة حماس لكن عليها مسئولية أساسية لحماية المدنيين الأبرياء في غزة"، ومع هذا أدى الهجوم الإسرائيلي إلى استشهاد أكثر من 30 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأعلن بايدن بعد ذلك أن الولايات المتحدة ستبني رصيفًا مؤقتًا في غزة لتوصيل المساعدات عن طريق البحر، وحذر قادة إسرائيل من أن "المساعدة الإنسانية لا يمكن أن تكون اعتبارًا ثانويًا أو ورقة مساومة".
لكن بناء الرصيف وتدفق المساعدات من المرجح أن يستغرق أسابيع في أحسن الأحوال، وبالنسبة للبعض، أكدت الخطة فقط على عدم رغبة بايدن في استخدام سلطته للضغط على إسرائيل، بما في ذلك السماح على الفور بدخول الغذاء وغيره من الضروريات إلى غزة على النطاق المطلوب ومكافحة اتساع نطاق سوء التغذية والمجاعة.
وأكد أكثر من نصف الأمريكيين أن واشنطن يجب أن توقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل حتى توقف الهجوم على غزة، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة يوجوف هذا الأسبوع، كما يريد الكثيرون في الحزب الديمقراطي أن يستخدم بايدن بعضًا من المساعدات العسكرية الأمريكية الكبيرة لإسرائيل كوسيلة لفرض عقوبات على إسرائيل.
وتابعت الجارديان: "سيكون هذا أمرًا غير طبيعي بالنسبة لرئيس يظل متمسكًا بوجهة نظر شكلتها زيارته الأولى لإسرائيل في عام 1973، قبل أن يهاجمها جيرانها العرب في حرب 6 أكتوبر 1973، بأن دولة صغيرة شجاعة محاطة بالأعداء وتقاتل من أجل بقائها".
بعد فترة وجيزة من فوز بايدن في انتخابات عام 2020، قال السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، مايكل أورين، لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن فوز بايدن مكسب لإسرائيل قائلًا "إن بايدن ينتمي إلى جيل يتذكر حربي عام 1967 و1973، فإسرائيل محفورة في قلبه".
لكن العالم تغير في نصف القرن الماضي، ولا تشاطره الأجيال الشابة هذا المنظور، الذين يرون إسرائيل القوية والقمعية تفرض احتلالًا وحشيًا في الضفة الغربية تتخلله حروب دورية على غزة يشارك فيها آلاف الفلسطينيين.
وقالت "الجارديان" إنه بعد أربع سنوات من حرب إسرائيل على لبنان عام 1982 أخبر بايدن مجلس الشيوخ بأن الوقت قد حان لكي يتوقف مؤيدو إسرائيل عن الاعتذار عن إرسال مليارات الدولارات سنويًا إلى الدولة اليهودية، قائلًا: "ليس هناك اعتذار يجب تقديمه، فأفضل استثمار نقوم به بقيمة 3 مليارات دولار عبر منحها لإسرائيل سنويًا، ولو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تخترع إسرائيل لحماية مصالحها في المنطقة".
وأكدت "الجارديان" أنه بعد مرور أربعة عقود، لم يتغير اعتقاد بايدن الأساسي، فقد قال لمجلة "نيويوركر"، هذا الأسبوع، إنه لا يريد أن يرى المزيد من المدنيين الفلسطينيين يقتلون، لأن "هذا يتعارض مع ما نعتقده كأمريكيين"، لكن عاد إلى تشبيهه القديم عندما قال إن الأمريكيين العرب والناخبين الديمقراطيين الشباب الغاضبين من عدم رغبته في استخدام القوة الأمريكية لكبح جماح نتنياهو يجب أن يسألوا أنفسهم عما سيفعلونه إذا تعرضت مجتمعاتهم لهجوم مماثل.