ابن مصر: محمد صلاح.. العالمى الموهوب عنوان التحدى
«اللعب لمنتخب مصر يعنى الكثير بالنسبة لى، تمثيل مصر يعنى الكثير بالنسبة لى، سأغادر ليفربول للمشاركة مع المنتخب، وأود تحقيق كأس أمم إفريقيا معه».. هكذا تحدث محمد صلاح بعد مباراته الأخيرة مع ليفربول قبل الانضمام لمعسكر «الفراعنة»، مؤكدًا من جديد أهمية الفوز بلقب قارى له مع منتخب بلاده، وحماسه لارتداء قميصه والدفاع عنه فى المحفل الإفريقى المهم.
تعرض «صلاح» لحملة انتقادات شرسة، عقب خروجه مصابًا فى مباراة المنتخب المصرى ضد نظيره الغانى، ضمن الجولة الثانية من دور المجموعات ببطولة أمم إفريقيا، وصلت إلى حد التشكيك فى الإصابة، ليخرج التقرير الطبى للمنتخب ويبرئ ساحته.
لم تكن هذه المرة الأولى التى يتعرض فيها «صلاح» لمثل هذه الحملات، فسبق أن اُتهم بأنه لا يقدم مع «الفراعنة» نفس الأداء الذى يقدمه رفقة ليفربول، فحمل المنتخب على عاتقه وتأهل به إلى مونديال ٢٠١٨، لينهى بذلك غيابًا استمر قرابة الـ٢٨ عامًا عن المشاركة فى المحفل العالمى.
ربما غفل من انتقد محمد صلاح وأداءه عما قدمه لاعب ليفربول مع «الفراعنة» منذ انضمامه الأول، فقد كان منذ بدايته أحد العناصر المهمة فى تشكيل منتخب مصر، ومع ارتفاع نجمه وتألقه فى الملاعب الأوروبية، سخّر كل قدراته وإمكاناته لخدمة منتخب بلاده.
رأيناه يصارع ٣ مدافعين سنغاليين فى نهائى أمم إفريقيا ٢٠٢١، ثم ظهر ليطوى استاد القاهرة ركضًا لينقذ منتخب مصر من هدف محقق للسنغال فى تصفيات المونديال، دقائق معدودة فصلته عن معانقة الكأس الغالية والتأهل للمونديال للمرة الثانية تواليًا، فقط لأن القدر أراد ذلك، لكن دون أن يبخل «صلاح» على منتخب مصر بأى جهد.
كأس العالم ٢٠٢٢ منح ليونيل ميسى كرة ذهبية وجائزة أفضل لاعب فى العالم، وكذلك محمد صلاح يدرك جيدًا أن البطولة القارية مع «الفراعنة» هى طريقه لحصد جائزة أفضل لاعب فى العالم، ووضع اسمه ضمن أصحاب «الكرة الذهبية»، إضافة إلى رغبته فى تحقيق المجد للمنتخب المصرى.
قد نتفهم بعض الانتقادات الموجهة لـ«صلاح» باعتباره النجم الأول لمنتخب مصر، وحامل آمال شعبها لاستعادة إنجازات «الفراعنة» فى الملاعب الإفريقية، لكنه فى النهاية لاعب ضمن منظومة من ١١ لاعبًا، وكرة القدم لعبة جماعية يتشارك بها عدد من العوامل لتحقيق الانتصار، فلن تجد لاعبًا يقود منتخبًا وحده إلى الانتصارات.
ليونيل ميسى على سبيل المثال فشل فى تحقيق لقب قارى أو عالمى مع الأرجنتين طوال ١٧ عامًا، لأنه كان يحارب وحده دون منظومة قوية قادرة على الفوز.. إذن القصور ليس فى «صلاح»، بل فى منظومة تكتيكية وفنية افتقرت العديد من عوامل النجاح خلال السنوات الماضية.
الحملة التى تعرض لها «صلاح» وصلت إلى ليفربول، ليخرج يورجن كلوب، المدير الفنى لفريق ليفربول، مدافعًا عن لاعبه، مؤكدًا أنه لا يخرج من الملعب إلا إذا كان يشعر بآلام حقيقية. كما من المؤكد أن خروج «مو» من الملعب كان القرار الأفضل له وللمنتخب، فافتقاده مباراتين أفضل من افتقاده فترات طويلة، حال استمرار مشوار «الفراعنة» فى البطولة.
الحقيقة أن هذه الانتقادات التى تطول محمد صلاح ما هى إلا محاولة أخرى فاشلة للنيل من قوى مصر الناعمة، وإسقاط رمز الشباب الذى استطاع رفع طموحاتهم، ودفع العديد من الشباب للالتحاق بمشروع «كابيتانو مصر»، واضعين نصب أعينهم مسيرة «مو»، وراغبين فى تكرار تألقه داخل الملاعب الأوروبية.
اعتلت صور «صلاح» كل حوائط المحروسة، وتغنت الجماهير وعاشقو الساحرة المستديرة فى أنحاء مصر به وبأدائه مع ليفربول، متفاخرين بما يقدمه «ابن مصر» وسفيرها فى بلاد أوروبا، وتأثيره على الثقافات الغربية والشعوب الأوروبية، وكيف أنه حقًا «فخر العرب»، فهل ننسى ذلك كله مع أول تعثر؟!