رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"صرخة سواق الأتوبيس"!

انتهى عام 2023 غير مأسوف عليه، بما حمل لنا من ضغوط غير مسبوقة فى نسب ارتفاع أسعار كل السلع تقريبًا بما فيها السلع الأساسية من غذاء وأدوية.


ارتفاع الأسعار كان نتيجة لعوامل كثيرة، منها الخارجية لارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية عالميًا، وعوامل داخلية منها انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتحجيم الاستيراد مما أسهم فى ارتفاع معدلات التضخم لتصل إلى درجات غير مسبوقة تراوحت بين 50 و68%، وزيادة فى بعض السلع بلغ 100 و200% لسلع أساسية أخرى كالأرز والسكر.
الحكومة من جانبها لم تكف – طوال العام - عن البحث عن إيجاد حلول للمشكلة، ولكن حلول الحكومة كانت مرهونة بألا تمس النظام الاقتصادى القائم حاليًا والمعتمد كليًا على نظام السوق الحر الذى يعتمد هو أيضًا على المنافسة.
فكانت حلول الحكومة طوال عام 2023 هى محاولات توفير السلع بكثرة لخلق أجواء المنافسة حتى تؤدى إلى خفض أسعار السلع بما يصب فى صالح المستهلك.


نجحت خطة الحكومة مع بعض السلع وفشلت فى الكثير منها ولم تنخفض الأسعار، بل استمرت فى الزيادة حتى أصبح سعر السلع متغيرًا يومًا بيوم وأسبوع بأسبوع وليس حتى شهرًا بشهر.
ومؤخرًا ومع اقتراب نهاية 2023 تحركت الحكومة واستغلت صلاحياتها، وأصدرت قرارًا باعتبار 7 سلع أساسية سلعًا استراتيجية وإخضاعها لأحكام قانون حماية المستهلك وحظر حبسها أو احتكارها، وهى: السكر والأرز واللبن والزيت الخليط والجبن الأبيض والفول والمكرونة.
لم يتضمن هذا القرار أى تسعير جبرى لتلك السلع، ولكن اقتصر على تطبيق المادة الثامنة من قانون حماية المستهلك بوضع حد أقصى للسلع.


قرار الحكومة يستند فى الأساس إلى نص دستورى صريح يقول «إن الاقتصاد المصرى حر منضبط»، وبموجبه أعطى هذا النص صلاحيات وضعت فى قانون حماية المنافسة التى أعطت وزير التموين حق وضع السعر على سلعة معينة ولمدة محددة، وسبق للحكومة أن استخدمت هذا النص فى تحديد سعر للسكر فى عام 2017، ويمكن القول، حتى الآن، إن حالة جنون الأسعار قد هدأت قليلًا.


لكن هناك عشرات ومئات السلع وآلاف المحتكرين ما زالوا خارج منظومة قرار السلع السبع ولم يشملهم قرار الحكومة من المتلاعبين بالأسواق كمحتكرى السجائر والبصل والأدوية والمُدخلات المغذية للصناعة مما يستدعى دعم الحكومة بصلاحيات أخرى يمتلك البرلمان حق منحها للحكومة، كتغليظ عقوبات حبس السلع أو إخفائها أو بوضع ضوابط التسعير بنسب تتماشى مع تكلفة إنتاجها أو بتعديل قوانين حماية المستهلك والاحتكار، وهو أمر محمود لإحكام السيطرة على الأسواق والتقليل من عيوب الاقتصاد الحر وهذا حق المواطن على بلده.


لكن فى الوقت نفسه عندنا بعض النوعيات من محتكرى السلع وتجار الأزمات ممن أضروا بسمعة التاجر المصرى وظلموا المواطن، هؤلاء لا يوجد وصف لهم إلا باللصوص وسارقى أموال الشعب أياديهم وأموالهم ملوثة بالمال الحرام، لا نجد وصفا لهم إلا كما وصفهم صناع فيلم سواق الأتوبيس فى مشهد النهاية حين صرخ حسن - سواق الأتوبيس – وهو يكيل لهم الضرب ويصفهم بـ«ولاد الكلب».