دراسة المشاركة الشعبية (4).. نجوم الفن يلعبون دورًا وطنيًا في المشاركة الانتخابية ومصر صاحبة رسالة ثقافية وفنية منذ وعى التاريخ
تمر منطقة الشرق الأوسط بظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، حيث يشهد عالم اليوم مخاطر محتملة وتحولات سياسية وثقافية واستراتيجية كبيرة نتيجة احتكار النظام الأحادي وصراع الدول الكبرى لجعله متعدد الأقطاب، ويأتى الاستحقاق الدستورى المصرى بإجراء الانتخابات الرئاسية وسط زخم هذه الأحداث. وما يهم المواطن المصرى هو أن يأتي رئيس قوي قادر علي مواجهة التحديات للحفاظ علي قوة مصر فى ظل ملفات دولية وإقليمية غير طبيعية ومعقدة مما يستلزم استنهاض الوعى العام بالمشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية.
وقد أجرى القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المعروف بدراساته القومية والوطنية دراسة قيمة بعنوان: " ضمانة المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية الطريق الاَمن لاستقرار الوطن وتنميته.دراسة تحليلية فى ضوء العالم السياسى الجديد ودور قوى السيادة الاجتماعية فى حوار الجماهير ".
ونعرض فى الجزء الرابع عن رؤية المفكر الكبير فى علاقة الفن بالمشاركة الشعبية، النجوم يلعبون دورًا وطنيًا في المشاركة الانتخابية ومصر صاحبة رسالة ثقافية وفنية منذ وعى التاريخ، نجوم الفن قادرون على تحويل اللحظة التى يعيشها جمهورهم فى التصويت إلى حدث تاريخيّ، وعلى أهل الفن ألا ينسوا ما تعرضوا له من احتقار مهنتهم وإهانة الفنون من أصحاب التطرف الدينى ، والدولة ارتقت بالفنون وقدرت المبدعين لوعى المجتمع بالقيم الحضارية والجمالية التى يرعاها الصوت الانتخابى، وأهل الفن قدموا أعمالًا خالدة بفضل المناخ الاَمن وهم مدينون للوطن بالمشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية ، فيما يلى
أولًا: النجوم يلعبون دورًا وطنيًا في المشاركة الانتخابية ومصر صاحبة رسالة ثقافية وفنية منذ وعى التاريخ
يذكر الدكتور محمد خفاجى إن مصر صاحبة رسالة ثقافية وفنية منذ بداية وعى التاريخ، وهى أول دولة أكدت هويتها الثقافية شاخصة عليها الأثار الدالة على تلك الحضارة منذ فجر التاريخ، وقبل التاريخ حينما استأنست النيل وحولته إلى دولة ترتبط بتنظيم اجتماعى واقتصادى وسياسى ، وحقيقة الأمر لا يمكننا إغفال دور الفن المؤثر فى المشاركة الانتخابية، ذلك لأن الرأى عندى أن الفن روح الأمة وبدونه تكون الأمة جسد بلا روح، والفن لغة الوجدان ومنبع الضمير ومنبر التعبير، ومن الفنون توحدت الثقافات، وأرى أن النجوم يلعبون دورًا وطنيًا وليس سياسيًا في المشاركة الانتخابية ببيان عمق أفكارهم في ضرورة مشاركة جمهورهم في تلك المشاركة لأن الفن هو وقود الأمة والقدوة التى يراها النشء.
ويضيف كما فعلت الفنون في الماضى وأدت أدوارًا مؤثرة في كثير من المواقف الوطنية وعلى رأسها المسرح المصرى والسينما المصرية القديمة التى كانت تستقى مادتها وروحها من حياة الشعب – ولا يتسع المجال لسردها - فهم يقدمون أعمالهم للشعب وحياته ومشكلاته وأقاصيصه من أجل الناس وللناس ،فضلًا عن بيان قيمة الأوطان في أعمال خالدة وكان يربطهم بنظم دولتهم رباط متين من التقدير المتبادل حول المصالح العليا للوطن والتاريخ الذى يرصد ويسجل شاهد على ذلك ولا يتسع المقام لسرده، فعلى نجوم الفن أن يضربوا المثل في تحفيز الشعب على الإدلاء بصوته باعتبار صوت الناخب داعم للعطاء الفنى المتجدد من خلال ما توفره الدولة للاحتفاء بالفن وأهله.
والحق أنه لا يمكننا إغفال دور الفن المؤثر فى المشاركة الانتخابية، ذلك لأننا نرى أن الفن روح الأمة وبدونه تكون الأمة جسد بلا روح ،فلكل فنان جمهور يتأثر به وهنا نؤكد على أن الدور الحقيقى للفن هو تهذيب الذوق العام لدى الجمهور المتلقى وما الفن إلا الجمال الذى يسمو بالمواطن إلى القيم المجتمعية الإيجابية ومنها المشاركة فى صنع القرار الوطنى بالمشاركة فى الانتخابات الرئاسية التى يكون مردودها مفيدًا لاستقرار الوطن الذى يدعم الفن والإبداع.
ثانيًا: نجوم الفن قادرون على تحويل اللحظة التى يعيشها جمهورهم فى التصويت إلى حدث تاريخيّ
ويقول الدكتور محمد خفاجى يثور التساؤل: كيف يكون الفنان وطنيًا في الشأن العام ؟ بمعنى كيف له أن يبدع فنًّا يكون موضوعه الوطنية دون أن ينخرط في لعبة السياسة وبالتبعية كيف يحفز جمهوره على المشاركة الايجابية في الصوت الانتخابى ؟ وهل ينبغي على الفنان أن يكون مهمومًا بقضايا وطنه ؟
ويشير إن نجوم الفن يستطيعون التعبير عن صدق صورة المشاركة الانتخابية وقدرتهم على تحويل اللحظة التى يعيشها جمهورهم إلى حدث تاريخيّ، فالفنان إذا كان ثائرًا من أجل السياسة فإنّ الفن فيه قد مات، ومن كان ثائرًا للحرية فإنّ الفن فيه لا يموت. والفنان باعتباره عاملا من عوامل التأثير على الجماهير التى تعتبره قدوتها، فهو وإن كان يناضل بصدق من أجل قضيّة وطنية سيكون مشاركته الانتخابية بالضرورة مؤثرًا لجمهوره نحو مصلحة بلاده ليبقى فنه في رحاب الحرية دون قيود تنال من إبداعاته.
ثالثًا: على أهل الفن ألا ينسوا ما كانوا يتعرضون له من احتقار مهنتهم وإهانة الفنون من أصحاب التطرف الدينى
ويؤكد الدكتور محمد خفاجى أنه يجب على أهل الفن ألا ينسوا أو يتناسوا ما كانوا يتعرضون له من محاربتهم وعدم الاعتراف بمهنتهم خاصة وأنهم قد عانوا من النظرة المتشددة من أهل الشر عام الجماعة الإرهابية التى ترى وأتباعها فى الفن والإبداع والجمال ما يخالف تعاليم الدين، والدين منهم براء .
والرأى عندى أن الفن والنقد والعقل والجمال وما تحدثه من التلاقح الحضارى بين الشعوب هى التى تحمى المجتمع من التوحش والتعصب والتطرف، وكل تعليم يخلو من تربية فنية وعقلية يصبح خطرًا على المجتمع وقنابل موقوتة تهدد وجوده، كما أن الرأى عندى أيضًا أن العلاقة بين الفكر المتطرف والثقافة والفنون علاقة متقطعة الأوصال حيث يراها المتطرفون عدوًا لهم لأن الفن يشيع روح الوئام الإنسانى فى المجتمع والتسامح ومن ثم أصبح الفن ذاته ترياقًا ضد التطرف والمتطرفين، لذا بات لأهل الفن دور كبير فى جعل جمهورهم يتشارك فى الانتخابات الرئاسية لأن تلك المشاركة هى وحدها التى تحمى أهل الفن والفن ذاته من الوجود.
رابعًا: الدولة ارتقت بالفنون وقدرت المبدعين ليكون المجتمع أكثر وعيًا بالقيم الحضارية والجمالية التى يرعاها الصوت الانتخابى
ويذكر الرأى عندى أنه مما لا ريب فيه فإن علاقة الفن بالشأن العام وما يتفرع عنه من المشاركة الانتخابية يتوقف إلى حد بعيد على نظرة الدولة للفن وللمبدعين، فالعلاقة بينهما طردية وليست عكسية فكلما تمتع الفن بالاستقلال والحرية دون قيود في إطار النظام العام والاَداب العامة وارتقى بالذوق العام كلما كانت مشاركته واجبة للتعبير عن القيم الحضارية والجمالية التى يرعاها الصوت الانتخابى ، ذلك أن الإبداع أيًا كان سواء كان في صورة أدبية أو فنية أو ثقافية ليس إلا موقفًا حرًا واعيًا يتناول ألوانًا من الفنون والعلوم تتعدد أشكالها، وتتباين طرائق التعبير عنها، فلا يكون نقلًا كاملًا عن آخرين، ولا ترديدًا لآراء وأفكار يتداولها الناس فيما بينهم - دون ترتيبها أو تصنيفها، أو ربطها ببعض وتحليلها - بل يتعين أن يكون الإبداع بعيدًا عن التقليد والمحاكاة، وأن ينحلّ عملًا ذهنيًا وجهدًا خلاّقًا، ولو لم يكـن ابتكارًا كاملًا جديدًا كل الجدة، وأن يتخـذ كذلك ثوبًا ماديًا فلا ينغلق على المبدع استئثارًا، بل يتعداه إلى آخرين انتشارًا، ليكون مؤثرًا فيهم ، كل لدى جمهوره.
وسواء تعلق الأمر بالتمثيل أو السينما أو المسرح أو الموسيقى والغناء فالواجب كفالة مواهبهم وملكاتهم الذهنية التى تتدفق عطاءً عن طريق قنواتها، وتتمخض فى عديد من صورها عن قيم وآراء ومعان يؤمن المبدعون بها ويدعون إليها، ليكون مجتمعهم أكثر وعيًا، وبصر أفراده نفاذًا إلى الحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها .
خامسًا: أهل الفن الذين قدموا أعمالًا خالدة نتيجة قيام الدولة بتوفير المناخ الاَمن للفن مدينون للوطن بالمشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية
ويضيف أهل الفن الذين قدموا أعمالًا خالدة نتيجة قيام الدولة بتوفير المناخ الاَمن للفن مدينون للوطن بالمشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية ولا يغيبن عن البال، أن أنه كلما ارتقت الدولة بالفن وحالت دون وضع قيود عليه كان الفن خلقًا إيجابيًا، حاملًا لرسالة محددة، أو ناقلًا لمفهـوم معين، مجاوزًا حدود الدائرة التى يعمل الفنان فيها، كافلًا الاتصال بالآخرين تأثيرًا فيهم، وإحداثًا لتغيير قد لا يكون مقبولًا من بعض فئاتهم .
فلا يجوز التسلط على الفن لأن قهر الفن عدوان مباشر عليه، فالفن لصيق بحرية الإبداع، التى تمثل جوهر النفس البشرية وأعمق معطياتها وصقل عناصر الخلق فيها، وإذكاؤها كافل لحيويتها، فلا تكون هامدة بل يقظة، إن التقدم فى عديد من مظاهره يرتبط بها، مما يتوجب تشجيعه وعدم تنحيته أو فرض قيود عليه ،ولكل فنان مجالًا حرًا لتطوير ملكاته وقدراته، فلا يجوز تنحيتها أو فرض قيود جائرة تحد منها، وهو ما تدركه المجتمعات المتحضرة التى تعمل على ايجاد صلة بين الدولة وأهل الفن قوامها تقدير قيمة العمل الفنى فتصل فنانيها بالمشاركة فى الشأن العام وعلى قمتها الإدلاء بالصوت الانتخابى المنصف.