يرجع تاريخه لـ23 قرنًا.. شارع النبي دنيال الأقدم بالإسكندرية يستعيد رونقه
على ساحل البحر المتوسط، شهد الإسكندر الأكبر بقعة من اليابسة وجد فيها موقع متميز يجعلها نواة لعصر جديد، ليأمر المهندس الاغريقي دينوقراطيس ببناء مدينة الإسكندرية في عام 331 قبل الميلاد، لتكون عاصمة جديدة لأمبراطوريته، وينطلق التخطيط الأساسي للمدينة بشارعين رئيسيين شارع كانوب (فؤاد حاليا) وشارع النبي دنيال أقدم وأعرق الشوارع في عروس البحر الأبيض، وهو نفس الشارع الموجود منذ تخطيط مدينة الإسكندرية لتكون عاصمة الاسكندر الأكبر لامبراطوريته الشاسعة منذ ما يزيد عن الثلاثة وعشرون قرنا من الزمان.
وأصبح شارع النبي دانيال اقدم شوارع المدينة بمثابة مجمع للأديان السماوية الثلاثة، حيث يضم الكنيسة المرقسية وهي أقدم كنيسة في إفريقيا، ومعبد إلياهو هانبي وهو أقدم المعابد اليهودية التي شيدت في الإسكندرية، ومسجد النبي دانيال، مما يخلق حالة فريدة من تجمع الأديان في أنحاء العالم.
ومع اهتمام الدولة بمشروعات الحفاظ على التراث وإعادة إحيائه تم إطلاق مشروع تطوير شارع النبي دنيال ورفع كفائته منذ مارس الماضى واستمرار أعمال التطوير التي تجرى على قدم وساق وتسابق الزمن للإنتهاء من استكمال المشروع قريبًا.
والمشروع هو أحد مراحل الخطة الطموحة للارتقاء بمنطقة وسط مدينة الإسكندرية القديم الغنى بالعمارة والتخطيط المميز والذى يعكس تعددية وكوزموبوليتانية المدينة في عصرها الذهبى في منتصف القرن العشرين، ويجرى تنفيذ المشروع وفقا للمقترح المقدم من الجهاز القومى للتنسيق الحضارى وبالتنسيق مع الجهاز في كافة الأعمال المنفذة وتحت اشراف المركز الهندسى لجامعة الإسكندرية ممثلا للمحافظة وبالتعاون مع إدارة الحفاظ على التراث بالمحافظة.
وقال اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، إن مشروع تطوير ورفع كفاءة شارع النبي باعتباره من أقدم شوارع المحافظة والذي يعود تأسيسه لعام 331ق.م، وهو من أهم المشروعات إعادة إحياء التراث والحفاظ على طبيعته الحضارية، مشيرًا إلى أن الشارع بطول 730 مترا، وتكلفة المشروع تقدر بـ103 ملايين جنيه، حيث أن الغرض من أعمال التطوير هو ترميم ودهان جميع المباني الموجودة في الشارع مع الالتزام بكود اللون الأصلي للمباني التراثية وترميم ما هو بحاجة إلى ترميم للحفاظ عليها.
وأوضح الشريف لـ"الدستور" أنه من المقرر افتتاح أعمال تطوير الشارع النبي دانيال قريبًا، حيث تم إزالة طبقة الأسفلت القديمة ووضع طبقة انترلوك تتناسب مع طبيعة الشارع لجعله أسهل للمشاة حيث تم توفير ممرات آمنة ومريحة تسهل عليهم التحرك في الشارع، كما تم إضافة إضاءات تتناسب مع الشارع مماثلة للاضاءات المتواجدة بمحيط المتحف اليوناني الروماني، وقد تم القضاء على العشوائية الموجودة في الشارع من خلال توحيد شكل محال بيع الكتب في الشارع وإزالة التشوهات التي تسود الصورة البصرية للشارع، ودهان واجهات المباني والعقارات التراثية الموجودة بالشارع.
وأكد محافظ الإسكندرية أنه تم الحرص خلال عملية تطوير الشارع على تنمية الخصائص الفنية العمرانية للشارع، مع توفير الخدمات والانشطة لمستخدمي الشارع، والتأكيد على فكرة أن هذا الشارع يعد محور ثقافي وحضاري هام لمدينة الإسكندرية.
تفاصيل مشروع تطوير شارع النبى دانيال
رصد "الدستور" تفاصيل مشروع تطوير ورفع كفاءة شارع النبي دنيال، حيث يعد شارع النبي دنيال في الوضع الحالي هو شارع تجارى حيوى بطبيعته وله طبيعة خاصة في جزء منه حيث يوجد به سوق للكتب المستعملة في صورة أكشاك غير منتظمة على الأسوار، ومن السمات المميزة للشارع هي كون أغلب العقارات الموجودة به مسجلة تراثيا ويزيد عمر أغلبها عن مائة عام، ومن أهم المعالم الموجودة بالشارع مسجد النبى دانيال بالإضافة إلى موقع أثرى به مدخل للصهاريج الأثرية التي كانت تقوم بتخزين مياه الأمطار وتوصيلها للمنازل في الماضى.
خطة التطوير الجارية
تهدف خطة التطوير الجارى العمل بها إلى الارتقاء بالكامل بواجهات العقارات التراثية مع تنميط واجهات المحلات التجارية بحيث يتم تنظيم بروزاتها وعشوائية لافتاتها لتكون بشكل متناغم في قطاعات الشارع المختلفة، كما يجرى رفع كفاءة الشوارع من أرصفة ونظام صرف وإضاءة شوارع وخلافه مع تنفيذ كافة مخططات رفع كفاءة المرافق أسفل الأرض فيه.، ومن ضمن أنشطة المشروع عمل أكشاك موحدة حضارية لبيع الكتب للحفاظ على الهوية المميزة للقطاع الجنوبى من الشارع.
ينقسم المشروع إلى ثلاثة قطاعات:
القطاع الأول: هو القطاع الجنوبى ويبدأ من شارع الأمير عبد المنعم بجوار محطة مصر وينتهى عند شارع فؤاد ويتم تحويله إلى شارع مشاة بالكامل مع السماح فقط لسيارات الطوارئ والخدمات بالدخول فيه مع إعادة توزيع الأكشاك الخاصة ببيع الكتب وقد شارفت هذه المرحلة على الانتهاء.
القطاع الثانى: هو القطاع الأوسط ويبدأ من شارع فؤاد وحتى شارع السلطان حسين وقد تم البدء فيه.
القطاع الثالث: هو القطاع الشمالى وهو الذى يبدأ من شارع السلطان حسين وينتهى عند شارع سعد زغلول، والقطاع الثانى والثالث سيتم رفع كفاءة الأرصفة وتحويلهم إلى شوارع مشاة فقط في غير أوقات الذروة المرورية مع رفع كفاءة الواجهات للمبانى التراثية وإضاءة واجهات بعض المباني المميزة.