رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستقبل إدارة غزة بعد الحرب يحدد مصير السلطة الفلسطينية

السلطة الفلسطينية
السلطة الفلسطينية

أكد تقرير بريطاني أن الدبلوماسيين الغربيين بدأو اللجوء الآن إلى السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، والتي كانت مهملة في السابق لملء الفراغ السياسي الذي من المحتمل أن ينشأ عن في قطاع  غزة بسبب رفض استمرار حكم حركة حماس للقطاع.

وبحسب تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، تعاني السلطة الفلسطينية من عدة أزمات وحاجاتها إلى جيل جديد من القادة، كما رفض رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وضع الغرب للسلطة الفلسطينية في قضية ما بعد الصراع في غزة، مما تسبب في ذعر في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وقالت "الجارديان" إن إسرائيل معادية للسلطة الفلسطينية إلى حد أنها منعت وزير خارجية السلطة الفلسطينية من السفر هذا الشهر إلى البحرين، للتحدث أمام مؤتمر حضره زعماء أمريكيون وعرب حول خططها لمرحلة ما بعد الحرب.

وقالت السلطة الفلسطينية إنها مستعدة للعب دور في غزة، ولكن فقط إذا كان ذلك جزءًا من خطة سلام واضحة وشاملة مع إسرائيل تشمل أيضًا الضفة الغربية، رغم أن هناك كثيرين يشككون في قدرة السلطة الفلسطينية على القيام بذلك الدور.

المواقف الدولية من إدارة السلطة الفلسطينية قطاع غزة بعد الحرب

وأضافت الجارديان: "تعني هذه العقبات أن صنّاع السياسة الغربيين يواجهون تحديًا كبيرًا في تحويل السلطة الفلسطينية إلى هيئة مقبولة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وكذلك لرئيس وزراء إسرائيلي قضى 15 عامًا في الحد من نفوذ السلطة الفلسطينية، كما يتطلب الأمر فهمًا أوضح مما هو عليه الآن حول كيفية التعامل مع الأمن والسياسة في مرحلة ما بعد الحرب".

وفي الوقت الحاضر، يتحدث بعض الدبلوماسيين، مثل مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك، عن سلطة فلسطينية تم إصلاحها أو تنشيطها لإدارة غزة والضفة الغربية، فيما قال جوزيب بوريل، مسئول الشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبي: "من سيسيطر على غزة؟ أعتقد أن شخصًا واحدًا فقط يمكنه فعل ذلك وهي السلطة الفلسطينية".

وبشكل أكثر غموضًا، يتحدث البعض عن الحاجة إلى دعم "الفلسطينيين المحبين للسلام"، وهي العبارة التي استخدمها مؤخرًا وزير الخارجية البريطاني السابق، جيمس كليفرلي.

وهذا يعني ضمنًا إخراج حماس من غزة، بما في ذلك منع أنصارها من الترشح في أي انتخابات مستقبلية، ومع ذلك، يقول وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن حماس هي فكرة، ويقول إنها رسخت نفسها بعمق في غزة منذ فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في عام 2006.

وبحسب "الجارديان" لا أحد يعرف المزاج السياسي الذي سينشأ من غزة في نهاية الصراع، لكن إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، والعديد من القادة العرب يشعرون بأنه من الافتراض البطولي الاعتقاد بأن "الفلسطينيين المحبين للسلام" سيذهبون نحو غزة ونحو الحل. 

معوقات تواجه السلطة الفلسطينية في حكم غزة

وأكدت الصحيفة أن أسبابًا عديدة لضعف السلطة الفلسطينية، بعضها ذاتي، والبعض الآخر خارجي، مثل الفساد المنتشر على الرغم من أن الدبلوماسيين الفلسطينيين يقولون إنه ليس وباءً متوطنًا بالسلطة لكنها أصيبت بالشلل المالي، بسبب إضراب المانحين بقيادة الولايات المتحدة، والذي كان يحظى بدعم الاتحاد الأوروبي في بعض الأحيان.

 وفي عام 2013، شكلت المنح الخارجية، التي بلغت حوالي 1.4 مليار دولار (880 مليون جنيه استرليني)، ثلث إجمالي نفقات السلطة الفلسطينية، وبحلول عام 2022، انخفض هذا المبلغ إلى أقل من 350 مليون دولار (305 ملايين جنيه إسترليني) أو أقل بقليل من 3% من إجمالي إنفاق السلطة الفلسطينية، وفقًا لتقرير صدر هذا العام عن مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط. 

وكان من المقرر أن تقوم إسرائيل في عام 2023 بحجب ضرائب الاستيراد الفلسطينية بقيمة 800 مليون دولار.

كما حاول توني بلير، خلال السنوات الثماني التي قضاها كمبعوث خاص للجنة الرباعية التي تضم القوى الدولية الساعية إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين اعتبارًا من عام 2007، جاهدًا بناء سلطة فلسطينية فاعلة، مبنية على اقتصاد متنام، لكنه فشل في تحقيق ذلك. 

ومن ضمن الأسباب التي أدت أيضًا لضعف السلطة الفلسطينية الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني، كذلك حجبت الولايات المتحدة، التي تدعم السلطة الفلسطينية الآن، أي مدفوعات لها منذ عام 2017 احتجاجًا على دفع مخصصات لأسر الأسرى الفلسطينيين.

لكن نقطة الضعف الأكبر التي تعاني منها السلطة الفلسطينية هي أنها اضطرت إلى العمل بناء على افتراض ضعيف عندما تم إنشاء السلطة الفلسطينية نفسها عام 1994، روج لها القادة الفلسطينيون كهيئة انتقالية في عملية دبلوماسية بعد اتفاقيات أوسلو من شأنها أن تؤدي إلى إقامة الدولة، لكن بسبب تعثر حل الدولتين حرمت السلطة الفلسطينية من سبب وجودها الأساسي.

ومع توقف الدبلوماسية الثنائية منذ عام 2001، عندما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب حديثًا، أرييل شارون، مقابلة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، وفي خضم الانتفاضة الثانية التي قادتها الجماعات الفلسطينية المسلحة، ركزت السلطة الفلسطينية على طرق أخرى لإثبات أهميتها، وإظهار استراتيجية اللاعنف يمكن أن يؤدي إلى نتائج، وقبل كل شيء سعت إلى الحصول على مكانة وهدف من خلال الأمم المتحدة.

وأضاف التقرير: بدأ محمود عباس، خلفًا لياسر عرفات، حملة للمطالبة بالاعتراف الكامل بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وقد حكمت عليها المعارضة الأمريكية بالفشل، ولم تترك لها إلا صفة مراقب في الأمم المتحدة، وتمكنت من الحصول على عضوية اليونسكو، ولكن حتى المحاولة المتواضعة للانضمام إلى هيئة السياحة التابعة للأمم المتحدة تم التخلي عنها بسبب الضغوط الأمريكية.

وفي عام 2015 طلبت السلطة الفلسطينية الإذن للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم الحرب، التي ارتكبتها إسرائيل في الضفة الغربية، وبعد خمس سنوات من المداولات، وافقت المحكمة الجنائية الدولية في عام 2021 على أنها تتمتع بالولاية القضائية، لكن هذا أدى إلى هجوم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على السلطة الفلسطينية.

وكان المسار القانوني اللاعنفي الآخر الذي اتبعته السلطة الفلسطينية هو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وهي المحكمة العليا للتعامل مع النزاعات بين الدول. 

وفي ديسمبر 2022، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 87 صوتًا مقابل 26 صوتًا على طلب حكم استشاري بشأن وضع الاحتلال من المحكمة في لاهاي، ولكن الحكومتين الأمريكية والبريطانية اعتبرتا أن هذا الطريق القانوني غير مناسب والذي يمكن للفلسطينيين اتباعه ومن المقرر أن تبدأ الإجراءات الشفهية في فبراير 2024، وتطلب الولايات المتحدة الآن من السلطة الفلسطينية الانسحاب من المحكمة إذا كانت تريد موافقة إسرائيل على السماح للسلطة الفلسطينية بالدخول إلى غزة.

وأكدت "الجارديان" أن الدبلوماسيين الغربيين في غزة ليسوا جاهلين تمامًا بشأن المسار الذي ينتظرهم، لكن المهمة قد تبدو أقل صعوبة لو لم يكتفوا بمراقبة الضمور البطيء للسلطة الفلسطينية.