أوقِفوا ازدواجية المعايير.. قدِّموا نتنياهو للمحكمة الجنائية الدولية
لا شك أن هناك دُروسًا عديدة يستخلصها العامة والساسة من العدوان الإسرائيلى الغاشم على الأبرياء فى الأراضى المحتلة فور أن ينتهى هذا العدوان. ولكن، ربما يكون الدرس الأهم والشاهد الأهم حتى قبل أن تنتهى هذه الحرب الهمجية على الشعب الفلسطينى هو أن ما تدعو إليه الدول الغربية من قيم وحقوق وحريات ما هو إلا وَهم، وذريعة يستخدمونها لابتزاز دول العالم لتحقيق أغراضهم.
انهارت المنظومة الغربية للقيم والحريات، وأصبح واضحًا للجميع ازدواجية الغرب وتناقضه عند الحديث عن الحقوق والحريات والقيم الإنسانية التى كانت تتباهى بها الدول الغربية مثل العدل والمساواة والحرية وحرية التظاهر وكل تلك الحقوق والحريات السياسية والمدنية المنصوص عليها فى الشرعية الدولية لحقوق الإنسان. بات واضحًا الآن أن هناك ازدواجية حقيقية عند الحديث عنها.
المعايير المزدوجة أو الكيل بمكيالين هو مفهوم سياسى صيغ بهيئته الحديثة عام 1912، يشير إلى أى مجموعة من المبادئ التى تتضمن أحكامًا مختلفة لمجموعة من الناس بالمقارنة مع مجموعة أخرى. والمثل القائل: «الحياة ليست عادلة» غالبًا ما يحتج به من أجل ازدواجية المعايير.
تشير المعايير المزدوجة إلى استخدام حجج مختلفة لتقييم سلوك دولة معينة بناءً على عوامل مثل الدين، الثقافة، أو السياسة. فى حالة الصراع بين دولة فلسطين و«الكيان المحتل»، يُظهر الاتحاد الأوروبى وبعض القوى الغربية تفضيلًا لإسرائيل على حساب فلسطين، الكيل بمكيالين أيضا يُعدّ انتهاكًا لمبدأ العدالة المعروفة باسم الحياد.
فى حين يتم تطبيق معايير صارمة على الفلسطينيين وتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان والقانون الدولي. هذا التحيز يظهر فى المواقف السياسية والدعم المالى والعسكري، حيث تتم معاملة إسرائيل بشكل مختلف عن باقى الدول، لكنها ليست المرة الأولى.
فى 25 أبريل 2022، نشر المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان تقريرًا وثق فيه ازدواجية معايير المجتمع الغربى بالسياسات التمييزية التى تمارسها الدنمارك ضد اللاجئين غير البيض مثل السوريين والأفغان حيث قامت الحكومة الدنماركية بافتتاح عيادات طبية جديدة مخصصة لعلاج اللاجئين الأوكرانيين فقط دون غيرهم.
وقبلها قامت الدنمارك بطرد اللاجئين السورين وألغت تصاريح الإقامة الخاصة بهم وأقرّت قانونًا لترحيل طالبى اللجوء إلى دول ثالثة غير معروفة فى إفريقيا إلا أن المعاملة التفضيلية للاجئين الأوكرانيين مقابل السياسات التمييزية تجاه اللاجئين غير البيض من أعراق أخرى.
هذه المعايير المزدوجة تثير انتقادات كبيرة من قبل جماعات وأفراد يرون فى ذلك تحاملًا غير عادل وغير موضوعى. فإذا كانت المبادئ وحقوق الإنسان هى قيم أساسية لدى هذه الجهات، فإن استخدام معايير مزدوجة يشكل انتهاكًا لتلك المبادئ.
من المهم أن تُطبق نفس المعايير على جميع الأطراف فى أى صراعات، بغض النظر عن ديانتهم أو ثقافتهم أو سياساتهم. ولا بد من التأكد من إحقاق العدالة وحقوق الإنسان لجميع الشعوب دون تفضيل أحدهم على حساب آخر.
تطورات هذا الموضوع قد تكون متغيرة باستمرار، ومتابعة هذه التطورات يمكن أن تكون ضرورية لفهم المشهد السياسى والإنسانى فى المنطقة «الشرق الاوسط». وإذا كانت قضايا «حقوق الإنسان» هى جزء من قيمهم، فإنه من الضرورى ألا يكون هناك تحامل غير عادل فى تصرفاتهم.
وتثير الأدلة التى تقدمها المنظمات غير الحكومية قلقًا كبيرًا بشأن حالة حقوق الإنسان فى دولة فلسطين وفى قطاع غزة على وجه التحديد، ومع ذلك؛ تجد تجاهلًا كبيرًا للجرائم التى ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، والتى تشمل قتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل. يجب أن يتحمل زعماء إسرائيل المسئولية عن أفعالهم وأن يحاسبوا أمام المحكمة الجنائية الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، تدين هذه المواد دعم أمريكا غير المحدود للتطهير العرقى للفلسطينيين وتبنيها ممارسات الهجرة غير العادلة من الوطن الفلسطينى. هذا الدعم يشجع إسرائيل على ارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية.
لا يمكن أن تمر هذه الجرائم ضد الانسانية، ولا بد أن تتضامن الدول العربية والدول المحبة للسلام فى تقديم زعماء إسرائيل وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو للمحكمة الجنائية الدولية لمُحاسبتهم على جرائم الحرب التى ارتكبوها.