ما تبعات إقالة "الحلبوسى" على الوضع السياسى الهش فى العراق؟
شغل قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق إقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من منصبه، عقب نزاع قضائي بدأه النائب السابق الذي أسقطت عضويته أيضا ليث الدليمي، الأوساط السياسية والقانونية، في بلد يقوم نظامه السياسي على نظام المحاصصة الطائفية، ما يؤدي لعزوف كثير من الكفاءات عن التصدي للعمل العام، حسبما يرى خبراء ومحللون تحدثوا لـ«الدستور».
وقال المحلل السياسي العراقي علي المهداوي، إن هناك الهديد من التساؤلات التي أثارها القرار حول قانونيته من عدمها، على المستوى السياسي والشعبي، وهل من صلاحيات المحكمة إصدار هذا القرار دون مخاطبة البرلمان، وما هي المادة القانونية التي استندت إليها.
وأضاف المهداوي لـ«الدستور» أن التساؤلات تتواصل حول دستورية القرار وهل هناك سابقة قضائية، لافتا إلى أن الأسباب التي استندت إليها المحكمة لم تنشر في الكتاب الرسمي الخاص بالقضية، ولم يصل مجلس النواب حتى هذه اللحظة.
فرصة الطامحين للمنصب
وأشار إلى أن المسألة تتعلق بتزوير الكتاب الرسمي الذي تقدم به النائب السابق ليث الدليمي في استقالته، وهي تهمة حسب قرار المحكمة كافية لإقصاء الحلبوسي من البرلمان.
وتابع بقوله، إن القرار ليس الأول من نوعه لإجبار سياسي سني على ترك منصبه، أيا كانت الدوافع، ففي 2008 قبل الانتخبابات البرلمانية بعام تقريبا، تم إجبار محمود المشهداني رئيس البرلمان السابق على تقديم استقالته، ودخلنا جولة مفاوضات طويلة لاختيار البديل.
وأوضح أن التوقيت ربما جاء مناسبا؛ لأن البرلمان على وشك الدخول في عطلة تشريعية، وشغور منصب الرئيس لن يؤثر كثيرا خلال الشهرين المقبلين، ثم ندخل الانتخابات المحلية المقررة الشهر المقبل، وأنها ربما تكون فرصة للعديد من الطامحين للمنصب في الجانب السني أن يبدأوا مشاوراتهم.
واختتم المهداوي بالقول: العراق لن يكسر حلقة المحاصصة الطائفية في ظل وجود النظام السياسي الحالي، والذي يعتمد على هذه الفكرة للحفاظ على المكاسب، وليس أمام الكفاءات والخبرات العراقية إلا الانضمام إلى أحد الكتل والائتلافات السياسية للوصول إلى المناصب، وهو ما يؤدي لعزوف الكثير من الكفاءات.
القرار بات ملزما
وأوضح الخبير القانوني العراقي الدكتور علي التميمي، أنه بموجب المادة 93 من الدستور الاتحادي، فإن من صلاحيات المحكمة الاتحادية المصادقة على نتائج الانتخابات وصحة موقف أعضاء البرلمان.
وقال التميمي لـ«الدستور»، إن من يمتلك المصادقة على عضوية النواب، يمتلك حق إقالة النائب من منصبه، إذا كان هناك إخلال بشروط العضوية التي منها العمر والإضرار بالمال العام، أو حسن السير والسلوك، وغيرها.
وأضاف أن المحكمة الاتحادية لها صلاحيات من حيث مراقبة تطبيق القوانين بشكل صحيح أو لا، وتفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين والقرارات، والمحكمة اكتشفت التزوير، والقرار بات ملزما، وغير قابل للاستئناف، وواجب التطبيق.
مشهد التحالفات السنية
من ناحيته، قال المحلل السياسي العراقي الدكتور محمد الفيصل، إن المحكمة الاتحادية العراقية استندت إلى جملة من المواد التي نص عليها الدستور في نظر المحكمة، في القضايا التي تتعلق بالفصل، والبت بالخلافات بين السلطات التشريعية والتنفيذية.
وأضاف الفيصل لـ«الدستور»، أن هناك الكثير من الشكاوى التي تصل المحكمة للطعن والنظر في آليات الخلاف، أو الشك في موضوع إقالة هذا العنوان التنفيذي أو التشريعي، وغيرهم بمختلف العناوين والمسميات، ومن هنا يأتي قرار إقالة الحلبوسي.
وأوضح أن القرار الذي صدر عن المحكمة آنفة الذكر، قرار دستوري وقانوني غير قابل للطعن أو التمييز، وملزم العمل به وتطبيقه.
وحول تأثير هذا القرار على المشهد السياسي السني، أكد الفيصل أنه ذا تأثير كبير على خارطة ومشهد التحالفات والتوافقات السنية، حتى على مستوى الأجندة الإقليمية بهذا الخصوص، داعيا لضرورة الإسراع في لملمة شتات هذا التشظي أو التصدع الذي نجم بسبب قرار الإقالة، وترشيح أحد أعضاء التحالف السني بديلا للحلبوسي.
واختتم تصريحاته بالقول: شخصيا أعتقد أن عاصفة قرار المحكمة بدأت بالانحسار، وهناك جهود تبذل لمحو آثار ما خلفه ذلك الإعصار بأسرع وقت ممكن، لبقاء هدوء واستقرار الوضع السياسي الحالي، حتى تنجز الحكومة التزاماتها الدستورية بخصوص انتخابات مجالس المحافظات القادمة.
وليس من المرجح أن يذهب المنصب إلى مرشح من خارج حزب الحلبوسي، وفقا لمصادر عراقية.