مؤلف أمريكي يروي قصة فلسطينية من خلف الجدار بكتاب جديد
إذا كان من الصعب جعل الناس يهتمون بشخص لم يلتقوا به من قبل، يصبح الأمر أكثر صعوبة عندما يكون هذا الشخص خلف الجدار. لكن في كتاب "يوم من حياة عابد سلامة"، استطاع الصحفي والمؤلف الأمريكي ناثان ثرال تحقيق ذلك.
يروي الكتاب قصة أب يبحث عن ابنه البالغ من العمر خمس سنوات في مكان حادث اصطدام حافلة مدرسية، ومما يزيد من صعوبة الأمر وقوع الحادث على الجانب الفلسطيني من جدار الفصل الإسرائيلي.
يوم من حياة عابد سلامة
يوضح ثرال من منزله في القدس: هناك الكثير من النقاش حول الإحصائيات المجردة والدولتين والدولة الواحدة، وأشعر أن كل هذا يمثل إلهاءً كبيرًا عن الواقع الحالي للناس في هذا المكان؛ المنطقة المعروفة منذ قرون باسم فلسطين، ولكن على مدى السنوات الخمس والسبعين الماضية استعصى وصفها ببساطة.
في عام 1948، أنشأ جيش يهودي دولة إسرائيل على جزء منها، ثم استولى على الباقي بعد 19 عامًا. لقد بنى المنتصرون دولة غير عادية بينما قاموا بإخضاع السكان العرب الذين يطالبون بنفس الأرض.
لذا، في حين أن حادث الحافلة المدرسية عام 2012 هو الحدث الذي يدفع بكتاب "يوم في حياة عابد سلامة"، فإن موضوع الكتاب هو سيطرة الإسرائيليين على الفلسطينيين. وتتناول صفحاته البالغ عددها 272 صفحة قصص حياة سلامة وأسرته.
الحياة خلف الجدار
في حواره عن الكتاب مع صحيفة "تايم"، قال ناثان ثرال: قررت الكتابة عن هذا الحادث قبل أن أقابل عابد. فالآباء والمعلمون الذين شهدوا الحادث يعيشون على بعد ميلين مني، ولكن على الجانب الآخر من جدار خرساني يبلغ ارتفاعه 26 قدمًا، وأنا أقود سيارتي بجوار الحي المسوّر طوال الوقت.
وتابع: بعد وقوع هذا الحادث، لم أستطع التوقف عن التفكير في حياة الآباء والأطفال الذين كانوا يشاركونني في المدينة ويعيشون حياة مختلفة جذريًا عن حياتي. وهكذا حدث أن صديقة مقربة جدًا من العائلة أخبرتني أن لديها قريب بعيد كان أبًا لأحد الأطفال الذين وافتهم المنية. وجئت إلى منزله والتقيت به وبدأت في طرح الأسئلة عليه حول حادث مضى عليه ما يقرب من عقد من الزمان، وبدأ يخبرني عن حياته بأكملها.
اللغة الوحيدة التي يفهمونها
في كتاب سابق له بعنوان "اللغة الوحيدة التي يفهمونها"، تحدث ثرال عن اللغة التي حركت الصراع وهي القوة. فالقوة كلها في جانب واحد الآن، وبسؤاله: هل أصبح الفلسطينيون في وضع سيئ كما لم يكونوا في أي وقت مضى؟
أجاب ثرال: أود أن أقول إن الفلسطينيين في أسوأ وضع يعيشونه منذ النكبة، منذ عام 1948. الكتاب يحمل عنوان "يوم في حياة عابد سلامة"، لكنه ليس مجرد يوم. إنها الحياة الكاملة والتاريخ العائلي للعديد من الشخصيات، اليهودية والفلسطينية. وتشمل تلك التجارب اليومية الموصوفة في الكتاب أمًا يرمي ابنها المراهق الحجارة على جنود الاحتلال، وهي عاجزة تمامًا عن فعل أي شيء لحماية ابنها عندما يأتي الجيش في الساعة 1:30 صباحًا ويأخذه بعيدًا ويرفض إخبارها. أين يأخذونه وماذا فعل. وقضت أكثر من أسبوع في محاولة العثور على مكان ابنها بعد حدوث ذلك. هذا الشعور بالعجز التام الذي تشعر به كل عائلة فلسطينية؛ تلك هي التجارب الموجودة في هذا الكتاب. وهذه التجارب منتشرة على نطاق واسع.