أفكار صغيرة لمسئولة فاشلة.. لماذا لا تصمت وزيرة المخابرات فى حكومة إسرائيل؟
"صمتت دهرًا ونطقت كفرًا" هذا ما ينطبق على جيلا جملئيل، وزيرة المخابرات في الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، والتي اقترحت تنفيذ تهجير قسري للفلسطينيين الموجودين في قطاع غزة المحاصر تجاه أراضي سيناء المصرية.
لم تتمكن جمليئل طوال الـ18 يومًا الماضية- منذ اندلاع التصعيد الحالي- من أن تخلق لنفسها مكانًا يُشعر الإسرائيليين بوجودها داخل حكومتهم، فذهبت إلى إعداد وثيقة تنص على مقترح لإجلاء قسري لسكان غزة تجاه سيناء.
وكشف موقع "كلكاليست" الإسرائيلي، ملحق تابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن وثيقة صادرة عن مكتب الوزيرة، معلقًا عليها: "بعد عدم سماع صوتها طوال الحرب، أوصت جيلا جمليئل ومكتبها في وثيقة داخلية لإجراء متطرف للتهجير القسري تجاه سكان غزة".
أفكار متطرفة.. فضح مخططات الاحتلال للاستيلاء على غزة
وتتوهم هذه الوزيرة أنها تقدم أفكارًا جديدة تمكن حكومتها من السيطرة على غزة، ونقل مشكلة الفلسطينيين إلى مصر، وهو ما يظهر مدى اليأس الذي يسيطر على تفكيرها، فهي لم تقدم سوى مخطط قديم وغير قابل للتنفيذ تحاول إسرائيل إحياءه، وتتصدى له مصر بحزم وقوة على كل مستوياتها.
وبحسب الوثيقة، التي حصل عليها "كالكاليست"، فإن جملئيل توصي بنقل سكان غزة إلى سيناء في نهاية الحرب، أي أنها تدفع حكومتها لاستكمال الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين، بهدف تمهيد غزة لتصبح مستوطنة إسرائيلية.
تظن وزيرة المخابرات الإسرائيلية أنها بذلك تتخلص من مشكلة غزة بالنسبة إلى إسرائيل، وتحمّل مصر فقط تداعيات الأمر، حيث تقول في وثيقتها إنه بموجب القانون الدولي تكون مصر ملزمة بالسماح بنقل السكان.
عدم إدراك تلك الوزيرة لما تقترحه يعد خطيرًا حتى على حكومتها، فهي لا تدرك أن مثل تلك الخطوة ستتحول إلى كابوس آخر أكثر قوة لإسرائيل سواء على حدودها أو فيما يخص تخريب علاقاتها مع مصر، أو حتى على المستوى الدولي، فالأخطار الواقعة على تل أبيب على المديين القريب والبعيد أكبر حجمًا من "جلمئيل" كي تتخيله.
انتقادات دولية لمقترح "غير قابل للتنفيذ"
وتحمل وثيقة جملئيل شعار وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، وتستخدم في المناقشات الداخلية بين الوزارات الحكومية هناك، ويقول الموقع الإسرائيلي: "ليس من المفترض أن تصل تلك الوثيقة إلى الجمهور، لكنها وصلت إلى مجموعة تقوم حاليًا بتأسيس حركة تسمى (هيئة الاستيطان- قطاع غزة) وتسعى إلى إعادة الاستيطان هناك".
من المحتمل أن الوثيقة، التي ربما لن تؤثر على سياسة الحكومة بحسب "كالكيست"، كتبت لإعطاء حالة من الدعم لأهداف تلك الحركة فقط، وبالتالي وصلت إليها، وهو ما يمثل استمرارًا مباشرًا للسياسة المتطرفة التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية الحالية منذ تشكيلها.
وتظن جمليئل أن مقترحها ذا الثلاث مراحل يعد قابلًا لتنفيذه، بأن يتم إنشاء مدن من الخيام في سيناء جنوب غرب غزة، وإنشاء ممر إنساني لمساعدة السكان، وأخيرًا بناء مدن في شمال سيناء لهم، وفي المقابل يتم إنشاء منطقة عازلة بعرض عدة كيلومترات داخل مصر جنوب الحدود مع إسرائيل، حتى لا يتمكن السكان الذين تم إجلاؤهم من العودة، وعلى جانب آخر يتم خلق تعاون مع أكبر عدد من الدول على أساس أنهم ربما يستطيعوا استيعاب الفلسطينيين المهجرين من غزة، وذكرت دول مثل كندا واليونان وإسبانيا ودول شمال إفريقيا.
مقترح جلمئيل الوهمي أثار انتقادات دولية، وفق ما نشره "كالكيست"، فهي بذلك المقترح لا تخرب فقط أمن إسرائيل، بل تدعو دول أخرى تعاني من تدفق الهجرة غير الشرعية وتريد منعها، إلى استقبال هجرة أخرى بأمر إسرائيلي يفرض عليها مزيدًا من الأعباء، والمخاطر.
تخدم أجندة اليمين المتطرف.. ولا تأثير لها على الأجهزة الأمنية
تعليقًا على ذلك الاقتراح الساخر، قال إليعازر شتيرن، وزير الاستخبارات السابق: "الوزارة ليس لديها أى مسئولية وزارية على أجهزة الاستخبارات، يمكنهم أن يأخذوا التوصيات بعين الاعتبار ويمكنهم ألا يأخذونها"، بحسب ما نشره الموقع الإسرائيلي.
وأضاف شتيرن: "جملئيل لديها فريق صغير، لكنها تستطيع تقديم أعمال لمعهد أبحاث متطرف.. اليمين لديه كل أنواع الهيئات المستترة اجتماعيًا في كل مجال".
حديث شتيرن يؤكد أن جلمئيل لا تفهم مهامها جيدًا، وتعمل من أجل تنفيذ أجندة يمينية متطرفة وتمريرها، مستغلة أن القدر قادها إلى منصب كهذا في حكومة نتنياهو.
تتولى جلمئيل مسئولية مكتب صغير في حكومة نتنياهو، ليس له تأثير يذكر على سياسة الأجهزة السيادية، فهو لا يتبع له أي من أجهزة الاستخبارات أو الأمن، إذ قال "كالكيست" عن ذلك: "من ليس لديه خبرة بتركيبة الحكومة واطلع على الوثيقة قد يظن في البداية أنها تعكس خطة رسمية لإسرائيل، لكن هناك فجوة كبيرة بين شعار وزارة الاستخبارات، والتأثير الفعلي لهذا المكتب الصغير على سياسة الحكومة".
ميزانية مكتبها ضخمة دون أن تقدم شيئًا لحكومتها
مكتب جلمئيل الصغير من المفترض أنه يتعامل مع القضايا المتعلقة بمختلف أجهزة الاستخبارات التابعة لمكتب نتنياهو، ويخدم عمليات التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار التي تتم في الوزارات الحكومية مع ربط القطاعين الأمني والمدني، لكنه لم يقم بأي من مهامه، وهو ما ظهر في الفشل الاستخباراتي، الذي وصفته القناة الـ12 في التليفزيون الإسرائيلي بـ"الخطير"، وأنه جعل كارثة الهجوم الفلسطيني ضد إسرائيل في 7 أكتوبر ممكنة.
وتبلغ ميزانية مكتب جلمئيل 26 مليون شيكل لعام 2023، بالإضافة إلى 25 مليون شيكل لميزانية 2024، أي أنها في عامين يحصل مكتبها على 51 مليون شيكل دون أن يسفر عن شيء يفيد حكومتها، وتساءلت وسائل الإعلام في إسرائيل عن ذلك أيضًا: "ما تبرير الميزانية والمعايير العديدة التي تتضمنها لهذا المكتب"، قائلة إنه ضمن المكاتب غير الضرورية بالأساس في الحكومة.