رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من فرنسا إلى مصر.. قصة حب خالدة وثقتها زوجة عميد الأدب العربي طه حسين؟

طه حسين مع سوزان
طه حسين مع سوزان

سوزان طه حسين، زوجة العميد، والتي وصفها بأنها كانت نور عينيه التي أبصر من خلالها الحياة بموجوداتها. 

فرنسية مسيحية ارتبطت بمصري مسلم، كتبت في مذكراتها “معك”.. من فرنسا إلي مصر.. قصة خب خارقة"، بترجمة بدر الدين العردوكي، رصدت فيها قصة الحب والزواج الخالدة التي جمعتها بعميد الأدب العربي طه حسين، والذي يتزامن هذا العام مع مرور نصف قرن علي رحيله، لكنه مازال باق الأثر والتأثير.

عندما هتف الجنود لسوزان: تحيا العروس  

تروي سوزان طه حسين، حفل زواجها بالعميد وكيف أنه كان بسيطا بدون بهرج: تزوجنا يوم 9 أغسطس 1917، ببساطة مطلقة، إلا أن الجميع أصروا علي أن ألبس ثوب الزفاف الأبيض وأن نركب العربة المقفلة، وكان في الشوارع جنود يقضون إجازاتهم القصيرة آنذاك بعيدا عن المعارك، ولم يكن منظر الزيجات آنذاك مألوفا، فكيف يسعني أن أنسي نظرة المودة التي كان يتطلع بها إلي هؤلاء الجنود، كانوا يحيوننا ويهتفون: “تحيا العروس”، وكنت أقول لهم شكرا، وكانت تلك الكلمة هزيلة للغاية بالنسبة إلي أولئك الذين كانوا يعودون للجحيم وإلي الموت للكثير منهم، أولئك الذين بلغ بهم الكرم   إلي حد أنهم كتنوا يبتسمون لنا.

 

سر سعادة طه حسين بهذا الكتاب

وعن اللحظات التي كان يصير فيها طه حسين كطفل حصل علي هدية غالية، إذ ما حصل علي كتاب نفيس أو مفقود، تقول سوزان: “كان الجو حار في مونبلييه، كنا ننزه طفلتنا في ظل أشجار الزان الضخمة، وكان طه حسين يحملها ب ين ذراعيه حيث كنا نستمتع بقضاء النهار علي العشب”. 

 

وتابعت: في أحد الأيام شعر بسعادة غامرة، لأنه تلقي كتابا عربيا، كان قد غرق في أثناء قصف سفينة “الجماح”  ثم انتشل من الماء، إلا أننا عندما علمنا يوم 26 أغسطس بقصف سفينة الجماح فقدنا صوابنا، فقد كان “ضيف” وهو زميل طه في باريس ويكبره بكثير علي ظهر السفينة الجماح العائدة إلي مصر.

وأخذ طه الذي طار لبه يبكي ويهمس: “وا أسفاه، فخسائر بلدنا ستبقي بلا تعويض، هل سيأتي اليوم الذي تدافع فيه مصر عن نفسها بنفسها؟”. لقد جاء هذا اليوم بعد 55 عام، فتبارك الله الذي أحياه حتي يتلقي خبر انتصار أكتوبر. بعد ذلك علمنا من عثمان باشا غالب أن سفينة إنجليزية قد انتشلت “ضيف” وتم من ثم إنقاذه.

 

سوزان طه حسين تبرئ المصريين من تهمة التعصب   

ومن بين ما ذكرته سوزان طه حسين في مذكراتها “معك”، لقاءها الأول بأهل زوجها دكتور طه حسين: 

"تعرفت علي حموي، وكان يعيشان في كوم أمبو قريبا من أسوان. وقد استقبلاني بحرارة، وبعد تبادل التحيات التقليدية مع الزائرين المجاملين الفضوليين، قال عمي لابنه: “سأخرج مع زوجتك فلا تنشغل بنا”. تناول ذراعي، وقمنا معا بجولة في البلدة. 

وتستدرك سوزان طه حسين: لن يبدو أمرا خارقا لشباب اليوم أن يتنزه شيخ وقور معمم مع امرأة شابة سافرة، أجنبية مسيحية، تعتمر القبعة، لكنه كان كذلك في تلك الحقبة، ولم أنس هذه اللفتة علي الإطلاق.

وتشدد “سوزان” علي أنه: عندما يتحدثون عن التعصب الإسلامي لا أملك نفسي عن الابتسام أو الغضب. 

هذا الرجل، الذي كان ذا مهنة بسيطة ولا شك، لكنها تتيح للأسرة حياة كريمة، والذي كان يحب القراءة والحوار مع الوجهاء، وكان يتميز بميزة طبيعية أدهشتني، فقد كانت عيناه الزرقاوان تتألقان بدهاء محبب. ولم أدهش للاحترام الذي كان يلقاه في القرية. أما حماتي. فقد انصرفت بكليتها لتأمين راحتي وراحة طفلتي الصغيرة.