إبراهيم الكوني وشاكر نوري في رسائل رثاء "نقشبندي": شركاء نحن في الفجيعة
رحل عن عالمنا، الأحد الماضي الروائي والكاتب الصحفي السعودي هاني نقشبندي، والذي كان صديقًا للعديد من الأدباء ومنهم إبراهيم الكوني وشاكر نوري.
وكتب إبراهيم الكوني في رثاء هاني نقشبندي:"عزيزي هاني.. ألا ترى أنك تخذلنا، عندما تخون العهد، المبرم بيننا، فتختار خروج الفجاءة، من مسرح المهزلة، كما يليق بالعظماء، أمثال يوليوس قيصر، الذي سُئل: أي الميتات أفضل؟ فأجاب: ميتة الفجاءة، فاستجابت له الأقدار؟!".
رسالة الكوني
ثم كتب الكوني رسالة أخرى لكل من شاكر نوري وعمر الانصاري، يقول فيها:"إلى العزيزين شاكر نوري وعمر الأنصاري.. شركاء نحن في الفجيعة، سيّما عندما تستعير صيغة الفجاءة، وعلّ أكثر ما يضاعف الحرقة هو وعينا الأخير كم كان هذا الإنسان غريباً، ووحيداً، وضائعاً، دون ان تفضح، لا السيماء فيه، ولا المسلك، ولا ماهية علاقته بالأغيار.
وواصل:"ما يمكن أن يُنبيء على الدراما الباطنية التي يحياها، في واقعٍ فاض عليه دوماً بنصيبٍ هائلٍ من حبٍّ وبشاشةٍ، ومرح، كي يحقق لنا السعادة بنقائه، وصدقه، وعفويّته، وروح الطفولة فيه، هذه الروح الطفولية التي كانت للأخيار دوماً شهادة براءة، لأن التجربة علّمتنا ألّا نثق في إنسانٍ لم نر في عينيه طفولة، فكيف إذا كان هاني معجونٌ كله من طينة طفولة؟".
واستطرد:"أعترف لكما بأنه أخذ منّي نصيباً من أنبل ما ظننته ذخيرة أستطيع أن أحاجج بها الأغيار، ولكنه استبقى فينا النصيب الأنبل في شخصه النبيل، لتكتمل بيننا وبينه بنود الصفقة، التي تقول: هو بغيابه موجودٌ فينا، ونحن بفقده، موجودون فيه. وهذا وحده لنا عزاء، فالبعض تختطفهم المنية لكي تقتصّ منهم، والبعض تختطفهم المنيّة لكي تنصفهم، أمثال فقيدنا هاني".
رد شاكر نوري
وجاء رد الروائي العراقي الكبير شاكر نوري في رثاء الروائي السعودي الكبير هاني نقشبندي:"تماما عزيزي الكبير ابراهيم الكوني.. ما زالت كلماتي متجمدة كالثلوج لا تطاوعني ولا تقبل الذوبان، أمّا دموعي فقد سالت لكي تجري في هاني الذي لا ينضب من المحبة والإنسانية".
وتابع:"رأيته طفلا ممددا على فراش العدم نائما او في غفوة وكان املي انه سوف يستيقظ بعد حين لذلك تركته في غفوته ولكني لم اصحو بين رجال الاسعاف والشرطة إلا بعد أن أدركت أن غفوته أبدية تلك هي لحظة خلوده لكنه ابتسم لي قاذئلا ليّ عبارته الأثيرة: إلى اللقاء أيها الأصدقاء.. وهو أصدق ما سمعته لأننا سنلتقي فعلا بعد حين هناك في العالم الغامض، حيث سنتداول موضوعات رواياتنا ولا نبحث عن موضوعات جديدة؛ لأن عالم الموت بحد ذاته هو الرواية الأعظم".
واختتم:"نعم عزيزي إبراهيم إنه أخذ جزءًا منا معه.. جعلنا جزءًا من أسراره العظيمة.. نفتقدك يا هاني لأننا لن نجد نظيرًا لك إلّا عندما نلتقي هناك في الأعالي الخضراء في الجنان الموعودة، ويبدو أنك تحضر لنا مساكننا الأثيرة.. الفخمة والمبهرة التي لا نجد مثيلا لها على الأرض".