رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروائية جمال حسان: صناعة النشر فى المجتمعات الناضجة قائمة بذاتها (حوار)

الكاتبة جمال حسان
الكاتبة جمال حسان

ما بين أول الكتب المنشورة وصولا لأحدثها، هناك حكايات عن رحلات الكتاب والمبدعين مع دور النشر، هناك صعوبان ومعوقات مع نشر العمل الأول، وهناك أيضا المشكلات المتكررة والمتشابهة بين المبدعين ودور النشر، سواء فيما يخص تكلفة الكتاب، أو توزيعه، والعقود المبرمة بين الطرفين، أو حتى حقوق الملكية الفكرية وغيرها. في سلسلة حوارات تقدمها الــ “الدستور” يحكي الكتاب تجاربهم مع عالم النشر.
 

وحول هذه القضية تحدثنا الكاتبة الروائية جمال حسان صاحبة مؤلفات: للحقيقة ألف وجه، بنات.. بنات، في أعماق الرجل البهي، وديعة، شهريار ينتظر، عصف اليقين، سندس والملك، ولي بين الضلوع لحم ودم، ظمأ العيون وغيرها.

 

ــ ما الصعوبات التي صادفتك في طريق نشر كتابك الأول؟

لم يكن الأمر سهلا فى إنجاز نشر أى كتاب صدر لى والصعوبات كثيرة وقد تعودت أن أشاور الأصدقاء المقربين من الكتاب عن رأيهم وتجاربهم الشخصية مع دورالنشر المعروفة والنشطة فى مصر وخارجها. 

مع الوقت أدركت أن النشر إحتراف ومهنية وصناعة قائمة بذاتها فى المجتمعات الناضجة وأحد روافد الثقافة والقوى الناعمة، طرف فيها أفق الكتابة الرحب وفى قلبها الكاتب أى كان مجاله وقدراته ورصيده فى عالم الإبداع والعطاء الإنسانى المتنوع والطرف الآخر هو دور النشر بما لديها من تواجد حقيقى فى سوق النشر وتأثير وإنتشار لتميز وتراكم ما تتيح  من أعمال تلقى رواجا على كافة المستويات على مرالسنوات.

 

ــ كيف تواجهين هذه المشكلات مع الناشر؟ 

لو إفترضنا أن للكاتب كل الحرية فيما يكتب من حيث الرؤية والأفكار واللغة كما تدفقت فى وجدانه فإن لدار النشرالحرية أيضا فى قبول النص أورفضه أو الإقتراح بإبداء تعديلات ما لمراعاة سوق النشر فى فترة ما. كثيرا مايحدث ذلك طبقا لمتطلبات السوق وأيضا لحسابات آخرى سواء سياسية أو دينية أو أى موائمات لزوم الفترة الزمنية.

 

أذكر أن أحد الناشرين إشترط قبل توقيع عقد نشر رواية لى أن أراعى ثوابت المجتمع وأتجنب التابوهات المعروفة كى يتم التعاون بيننا. فى فترة مابعد ثورة يناير 2011 رفض عدد من دور النشر قبول أى نصوص جديدة بحجة أن الموقف ضبابى وأليات العمل متوقفة والأفق السياسى غيرمضمون. 

 

ــ ما أصعب موقف تعرضت له؟

من أصعب المواقف التى تعرضت لها هو عدم اللياقة فى المعاملات الإنسانية ففى مرة رحب الناشر بالفعل وأتفق معى على نشر رواية ثم توقف عن التواصل والرد عن أى إستفسارات لفترة طويلة وقد أصابنى ذلك بإحباط  ولم أفهم حينها إن كان قد غير رأيه أو يمر بظروف صعبة وليس من المعقول أن أسافرخصيصا فى إجازة من عملى إلى القاهرة لمقابلته شخصيا وأدبياً لا أريد أن أعطى النص لناشر آخر دون إنهاء التعاقد الأولي.

فى صناعة النشر فى بريطانيا يوجد دور هام لما يعرف بالوكيل الذى يتلقى الأعمال التى تقدم لدور النشر ويفرزها ويتبنى الجيد منها حتى تصل لمرحلة الإتفاق ويكون بمثابة المحرر الادبى الأولى فى خطوات التحرير وفى ذلك يقترح ويوجه الكاتب نحو دور نشر بعينها تطلب ذلك النوع من الكتابة.

 

ــ ما الذي حلمت به لكتاب من كتبك ولم يتحقق وتأمل أن تتداركه مع مؤلف جديد؟  

من أحلامى إنجاز عدد من النصوص التى بدأت فيها منذ فترة وتركتها تنضج براحتها للوقت المناسب  وأيضا أتمنى بأن تكون لإحدى رواياتى أو القصص القصيرة نصيب ما فى الدراما السينمائية أو التلفزيونية.

 

ــ هل سبق وتعرضت لمشكلات بسبب حقوق الملكية الفكرية؟ 

بالنسبة لحق الملكية الفكرية، حدث أنى قرأت فى ديسمبر2020 عن فوز فيلم ليمبو- التيه بجائزة مهرجان القاهرة السينمائى (جائزة الهرم الذهبى) وفكرته تدورحول شاب سورى لاجئ يطلب حق البقاء فى بريطانيا ويعزف أشجانه على العود ويتجول متشردا بين الشوارع والميادين. تلك بالضبط هى قصة قصيرة لى بعنوان (ناى وسيقان) فى مجموعتى القصصية ظمأ العيون التى صدرت فى 2017 فى القاهرة. أثرت الموضوع وقتها بين أفراد أسرتى وعدد من الأصدقاء وأغلب النصائح كانت أن أرفع دعوى على صناع الفيلم ولا يضيع حقى. لم أقم بذلك فقد كنت مشغولة فى كتابة عمل جديد ووددت أن أحتفظ بصفاء ذهنى لأطول وقت ممكن.

 

الكتابة جزء مهم فى حياتى وفيه أتعلم الكثيرفى إدراك متجدد مع الأيام لواقع متسارع ملغم بالأحداث وتجارب الحياة ومافيها من محن وعطايا وعفوية ومزايا وجزع ووجع وشوق وولع وخلل وخداع ويقين نبحث عنه  دون كلل فى كل لحظة. 

 

ــ في رأيك صناعة النشر في تقدم أم تراجع؟

بالنسبة لصناعة النشر حاليا فأنا أراها فى تقدم ورواج من حيث الكم والتنوع وإتساع المجال بين الكتاب الورقى والإلكترونى والكتابة لكافة الأعمار مما يسهم فى بزوغ المواهب لدى الصغار ويبقى الأمل مرهونا بالكيف وجودة المنتج وقيمته فى عالم المعرفة  ووصوله إلى كل الفئات والمستويات خارج أوساط المثقفين.