غربل يا غربال.. عم "عربي" 73 عاما في حب مهنة الغرابيل
على كرسي خشبي صغير وملامح مجعدة ونظرة رضا وحب، لاحظنا رجل سبعيني يعمل بصبر وقوة وضحكة لا تخلو من وجهه ويردد دائمًا «الحمدلله» وبيده مدق وغربال خشبي، عندما اقتربنا منه أفصح لنا أنه أقدم صانع غرابيل منذ الزمن الجميل، المهنة اليدوية الأصيلة التي شارفت على الاندثار.
نجح عم «عربي» صاحب لـ73 عاما في الحفاظ عليها وإحيائها بحبه لعمله وكفاحه منذ سنوات كبيرة بعد أن ورثها أبًا عن جد، من مواليد عام 1952 وقت خروج الملك فاروق من مصر.
صناعة الغربال من المهن التي تقاوم التلاشي والاندثار بشوارع القاهرة حتى أصبح صانعيها يعدون على أصابع الأيد الواحدة من الحرفيين في هذه المهنة وتوارثوها عبر الأجيال منذ القدم، وقد كان لازدهار حرفة الغرابلي صدى كبير، تمثل بالأساس في رواج بضاعتهم التي اعتادوا علي صنعها منذ سنوات طويلة ومازالوا محتفظين بها علي رغم التطورات الكبيرة التي حصلت في العالم.
قال عم «عربي» أحد العاملين بمهنة صناعة الغربال بمنطقة السيدة زينب، لـ«الدستور»: «أنا في المهنة من ٦١عاما، بدأت المهنة في ورشة والدي وعمري 12 عاما، لافتًا إلى أن ورشة كانت من أشهر الورش في حي السيدة وأنه ورثها أبًا عن جد وتعلم من والده القناعة وحي المهنة ونقل تلك النصائح لأولاده.
عم عربي: القناعة سر من أسرار ربنا معايا
وأوضح عم عربي صانع «الغربال»: "ورثت المهنة من أبي وجدي فاتح بيتي منها ومعايا بنت في الجامعة وأولادي بيساعدوني وأنه شغال رزق يوم بيومه ويعتمد علي الأسواق الأسبوعية خاصة بعد المواسم لأن أكتر أبواب رزقه في رمضان ويليها العيد الكبير للخبيز وغيرها من المعجنات ومعظم زبائنة الفلاحين في استخدام المنخل في الخبز قائلا:«القناعة سر من أسرار ربنا» وعملت عيالي الرضا والاعتماد على النفس.
لما أموت الشغلانة هتموت معايا
أهم حاجة عندي التعليم مقبلش أمرمطهم، هكذا تحدث عم عربي عن أولاده الذي قام بتربيتهم من تلك المهنة الشريفة التي يحبها مثل ما يحب عائلتة التي تعلمت منه الصبر والكفاح قائلًا:« مقبلش أمرمط ولادي معايا في الشغل بس لما أموت خلاص الشغلانة دي هتموت معايا، وبيساعدوني لكن بعد التعليم علمتهم وربيتهم واشتغلوا وإلي اتعلمته من أبويا علمته لهم».
الأذان يأذن بقفل وأقوم صلي برجع ألاقي الرزق مستني
وأكمل حديثة عن والده بعيون مليئة بالحب والعطاء: «أتعلمت من والدي الصلاة والرضا ودائما كان يقولي الرزق بتاع ربنا لما تسمع الأذان والصلاة أقفل وقوم صلي هتلاقي الرزق مستنيك، والقناعة كنز لا يفني وأهم حاجة الصلاة، وحب المهنة والرضا بالقليل هيزيد».
أما عن أدوات تصنيع الغربال
تابع عم «عربي» أدوات صناعة الغربال بسيطة، هي عبارة عن إبرة كبيرة وخيط ومبرد ومنشار ومقص ومبرد مسامير صغيرة، ومدق حديدي صغير لدق المسامير، وبعدها يقوم بتحضير الأقواس الخشبية الحاضنة للشبك المعدني أو قماش الحرير أو الشاش، وتثبيت وشد الأسلاك عليها أو قماش الحرير بالخيوط والمسامير، وقص الأطراف الزائدة وتغطيتها بشريط لغلقها بشكل تام.
أنواع المناخل
تابع عن «عربي»: المنخل أنواع كتير منها ما يقرب من خمسون إلي ستون نوع مثل: الفحم، الدقيق، واللب، العلافة، الفول، الأرز، القمح، العدس، القش، القش، الذرة قائلاً:"طول ما في حب وعلافة الشغلانة مش هتموت وهتفضل مكلمة ودي أهم حاجة".
الأسواق الشعبية باب رزق والمواسم
أوضح صانع «الغرابيل» أنه ينتظر الأسواق الشعبية لعرض بضاعته حتي يأتون أهالي القرى لشراء منتجاته بداية من غربال الحرير، ومرورا بغربال جلد الإبل، ونهاية بغربال السلك الذي يطلق عليه "غربال السبيب" لتنقية أعشاب العطارة، والذي يستخدم بشكل أوسع فى الزراعات العطرية والتوابل وقت الحصاد، والغربال الناعم الذي يستخدم في الدقيق.
وحول أسعار الغربال وأنواعه، أفاد عم عربي، بأنه حسب الحجم ولكل منهم أستخدام مختلف، وأنواع من السلك وأخر من الحرير وهذا خاص بالدقيق ويتراوح سعر ١٥ جنيًها للجملة والقطاعي يزداد خمسة جميعًا أو حسب، ولكن اعتمادة الأكبر علي بيع الجملة بإعداد كبيرة لأن مكسبة يتراوح الأثنين جنيهًا.