أحمد فضل شبلول يستعد لطرح "كتاب الروائح" عن دار "آلان ناشرون وموزعون"
يصدر قريبا عن دار الآن ناشرون وموزعون بعمَّان، عمل أدبي جديدة بعنوان "كتاب الروائح" للشاعر والروائي أحمد فضل شبلول.
يتجول هذا الكتاب في عالم الرائحة، ويتساءل: ما الذي يحدث للإنسان أو الحيوان عندما يشم رائحةً ما، ما الذي يحدث في المخ من عمليات معينة عندما تصل إلى أحد مراكزه أو خلاياه العصبية هذه الرائحة أو تلك، وكيف يستطيع المخ تمييز الروائح، ما بين الزكية والخبيثة، أو بين الطيبة والكريهة، وكيف تدلنا رائحة ما على أن هذه النبتة هي الياسمين، أو القرنفل، أو الثوم أو البصل، قبل أن نراها؟ أو أن هذا الطبق الموجود على مائدة الطعام به أسماك أو برتقال أو تفاح، دون أن نكشف عنه؟
ويوضح شبلول في تصريح لـ"الدستور"، أن هناك روائح نعرفها على الفور رغم أننا قد لا نكون رأينا المسبِّبَ لها، مثل "النفتالين"، الذي يعد واحدا من أقوى الروائح، له جسم أبيض لامع متبلر ذو رائحة قوية ونفّاذة، ويستخدم في صنع المواد الملوَّنة، وفي مكافحة العت.
ويؤكد أن الشمَّ من أبسط وسائل تمييز الأشياء دون رؤيتها. وكل ما حولنا من أشياء له رائحته المميزة التي يمكن التعرف عليه عن طريقها، لكن حاسة الشم الآدمية لا تستطيع تمييز كل هذا الكم من الروائح؛ فمعظم الفقاريات ذات حاسة شم أقوى من الإنسان، وهي تستخدمها في البحث عن طعامها والتعرف على أعدائها ووليفها؛ لذلك كان على الإنسان الاستعانة ببعض هذه الحيوانات في بعض الأحيان؛ لرصد الروائح التي يعجز عن رصدها (الكلاب مثلا).
ويشير الكاتب إلى أن العلماء يعتقدون أن هناك سبع روائح أساسية فقط يتركب منها كل الروائح الأخرى مثلما الحال في عالم الألوان الرئيسية الثلاثة، لكنهم لم ينجحوا بعد في تحديدها، وتتوالى التجارب العلمية في هذا الشأن، في محاولة للوصول إلى ما يعرف بـ "الشم المرئي"، وتعتمد تلك التقنية على فكرة التغير اللوني الذي يحدث في مجموعة من الصبغات عند تعرضها لبخار المواد الكيميائية المختلفة أي للروائح.
ويعتقد العلماء أن هذه الأنف الجديدة أكثر حساسية من 10 إلى 100 مرة عن أنف الإنسان في استشعار العديد من المركبات؛ ويمكن استخدامها في مصانع الأطعمة والمشروبات للكشف عن تواجد النكهات والإضافات المختلفة بالمقادير الصحيحة في تلك المنتجات أو تحديد التالف منها، وفي مصانع الروائح لكشف المنتجات المزيفة وفي أماكن تفتيش الأفراد وأمتعتهم للكشف عن وجود النباتات المحظورة أو المخدرات وذلك بمجرد تمرير الجهاز على الأمتعة.
ويوضح الكتاب أن الروائح تتميز فيما بينها باختلاف صفاتها وتراكيبها ومصادرها وهي: الروائح العطرة: كالعطور والمسك والعنبر والبخور. الروائح المنعشة: كالأكسجين والكحول والبصل. الروائح المخدرة: روائح المشتقات النفطية (الغاز، البنزين، الكيروسين، المازوت). الروائح الواخزة: روائح الخردل والفلفل. الروائح الكريهة: كالمواد المتعفنة أو المصنعة الفاقدة الصلاحية أو نواتج التفاعلات. الروائح السامة: كالفوسجين وغيره.
ويتوقف الكتاب عند استخدامات الروائح، ويبحث في شيزوفرنيا الشم، ويتحدث عن بصمة الرائحة، وذاكرة الشم، وطِبُّ الروائح، ويتناول بإسهاب الروائح عند العرب حيث عرف العرب عالم الروائح واستنشاقها وميزوا بين أنواعها، وإن لم يجروا تجارب علمية أو عملية على ما يحدث في المخ عند استنشاق رائحة ما، إلا أنهم عرفوا الفروق الدقيقة جدا بين رائحة ورائحة، وكيف تتحول الرائحة الطيبة إلى رائحة كريهة، وما الذي يحدث للبن أو اللحم أو الشراب – على سبيل المثال – إذا تُرك عددا من الأيام، كما توقفوا طويلا عند رائحة الجسم، وعلى الأخص جسم المرأة، وما ينبعث منه من روائح قد تكون زكية، وقد تكون غير ذلك. كما عرفوا روائح النباتات والحيوانات والحشرات وغيرها، وتحدثوا عن رائحة الموت، ورائحة الموتى، وذكرت الروائح بمسمياتها المختلفة في الكثير من أشعارهم ومعاجمهم اللغوية. وقد تميّز عصر الحضارة العربية الإسلامية بتطوير صناعة العطور التي ظلت لمئات السنين فنًا شرقيًا خالصًا.
ويضمِّن كتاب الرائحة فقرات من رواية "الماء العاشق" لأحمد فضل شبلول التي اعتمدت على عالم الروائح في المقام الأول، ولعلها كانت إحدى ثمار بحث الكاتب الموسوعي في عالم الروائح، فقد رجع الكاتب إلى أكثر من عشرين مرجعًا من أمهات الكتب، والكتب المتخصصة، والموسوعات العلمية، ليصنِّف لنا "كتاب الروائح".