مصر والقضاء على فيروس سي.. "الإعجاز المصري" في عيون العالم
استطاعت مصر أن تحقق إنجازًا عظيمًا في ملف فيروس سي من خلال نجاحها في القضاء عليه، وإعلانها خلوها التام من المرض، وذلك بعد أن كان أكثر الأمراض انتشارًا في مصر، وهذا ما جعل صدى ذلك النجاح يصل إلى دول العالم التي أشادت بجهود مصر، وما حققته على أرض الواقع من إنجاز في هذا الصدد.
ومؤخرًا، أشادت مجلة فوربس الأمريكية بتجربة مصر في القضاء على مرض التهاب الكبد الوبائي، فيروس سى، مشيرة في تقرير لها إلى أن الدولة المصرية استطاعت على التفوق على الولايات المتحدة في هذا المجال.
كما قالت "فوربس" في تقريرها أنه وقبل 3 سنوات كان لدى مصر والولايات المتحدة نفس العدد تقريبًا من الأشخاص المصابين التهاب الكبد الوبائي سي وكان المرض في مصر أعلى بثلاث إلى أربع مرات للفرد منه في الولايات المتحدة، بينما أصبح الوضع اليوم مختلف.
وذكر التقرير أنه تم اعتماد مصر من قبل منظمة الصحة العالمية لتكون خالية فعليًا من المرض، ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تتحمل نفس العبء على الرغم من امتلاكها الموارد اللازمة للقضاء على التهاب الكبد الوبائي سي.
كذلك أشاد التقرير ببرنامج 100 مليون صحة الذي أطلقته الدولة المصرية للقضاء على فيروس سي في جميع أنحاء البلاد، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الولايات المتحدة "ربما" تفتقد تلك المبادئ، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية الحالية إلى وضع خطة بقيمة 11 مليار دولار للقضاء علي فيروس سي في غضون 5 سنوات.
ووفقًا لفوربس، فقد قدم نجاح حملة 100 مليون حياة صحية في مصر نموذجًا ممتاز لوضع خطة للقضاء على التهاب الكبد، بينما في مارس من هذا كشفت الإدارة الأمريكية عن برنامجها الوطني للقضاء على التهاب الكبد، وتم تحديدها في الميزانية الحكومية للسنة المالية 2024، هذه الخطة الخمسية وخطة 11.3 مليار دولار هي إعلان عن رغبة الولايات المتحدة في القضاء على التهاب الكبد سي.
وعلى عكس مصر، لا يوجد في الولايات المتحدة خدمة صحية وطنية ونتيجة لذلك، كما لا يوجد بروتوكول موحد لمراقبة وتحديد وعلاج التهاب الكبد سي، كما أن السكان غير مدركين لحالة العدوى لديهم حتى يحدث تلف كبدي حاد لا رجعة فيه في كثير من الأحيان، ويعود ذلك جزئياً إلى عدم التنسيق بين الولايات.
في السياق ذاته، أكد التقرير الصادر عن دار نشر السيفير حول أداء البحث العلمي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا حصول مصر على المرتبة الأولى إفريقيًّا في مجال النشر العلمي الخاص بأمراض الكبد والجهاز الهضمي للفترة بين عامي 2019 و2023 وفقًا لتقرير سايفال الصادر عن قاعدة بيانات سكوبس.
كذلك رصد التقرير أن الدكتور جمال شيحه مؤسس ورئيس مستشفى ومعهد بحوث الكبد بالدقهلية قد حاز على أعلى معدل استشهاد علمي للأبحاث العلمية الدولية المنشورة خلال تلك الفترة.
كما أشار التقرير إلى أن شيحة قد حاز على أعلى نسبة استشهاد علمي بنسبة 2432 استشهاد لعام 2022 فقط، وذلك كأعلى معامل إتش إندكس بفارق ترتيب عن المرتبة الثانية للاستشهاد في القائمة المعلنة لتقرير سايفال بلغ نحو 415 استشهاد الأمر الذي يعكس قيمة الأبحاث العلمية المنشورة لشيحه والتي يتم الاستشهاد بها من كبار علماء العالم في مجال أمراض الكبد وبكبرى الدوريات العلمية المرموقة.
في الوقت نفسه أشادت منظمة الصحة العالمية بجهود مصر في القضاء على فيروس سي، وقالت أن الدولة قامت باختبار الملايين، كما وفرت العلاج مجانا لجميع الحالات المصابة.
كما أعرب مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن تقديره لجهود مصر في دعم النظم الصحية والسيطرة على الأوبئة والجوائح حال ظهورها.
وأشاد مدير عام منظمة الصحة العالمية بالجهود التي تبذلها مصر في إعداد وتقديم ملف تجربتها في القضاء على "فيروس سي"، كأول دولة في العالم تتقدم للمنظمة للحصول على الإشهاد الدولي لخلوها من فيروس سي، بعد أن كانت من أكثر الدول في معدلات الإصابة.
وقال مدير منظمة الصحة العالمية: "إنني شاهدت ذلك الإنجاز بنفسي خلال زيارتي للقاهرة في شهر أغسطس عام 2019".
يذكر أنه في تصريحات تليفزيونية له قال الدكتور محمد القصاص، عضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي للكبد، أن التجربة المصرية لمواجهة فيروس سي يحتذى بها، والاتحاد العالمي للكبد يدعى في كل دول العالم للحديث عما جرى إنجازه في مصر حول ملف علاج فيروس سي.
وأضاف القصاص أن مصر كانت منذ سنوات موصمومة بأنها الدولة الأعلى في معدلات انتشار فيروس سي على مستوى العالم، فالإحصائيات كانت مخيفة، ووصلت بعض هذه الإحصائيات بأن حوالي 20% من المصريين كانوا يحملون الأجسام المضادة ضد فيروس سي.
ولفت إلى أنه كان يوجد ما يقرب من 15% من المصريين يحملون الأجسام المضادة ضد فيروس سي في عام 2008 وفقا للإحصاء الرسمي للدولة، وانخفضت النسبة في 2015 لتصل إلى 9.8% أي ما يقرب من 10% من السكان، وهذا المعدل الأعلى في العالم، علما بأن عدد المصابين بفيروس سي على مستوى الدول حوالي 200 مليون مصاب.
وكانت قد بدأت خطة مصر في القضاء على فيروس سي مبكرًا للغاية وبأسلوب غير تقليدي، إذ كانت الدولة الأولى في العالم التي تبدأ تطبيق العلاج بـ"الإنترفيرون" بمراكز العلاج التابعة للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية في 2006، كما جرى إنشاء مراكز متخصصة لعلاج فيروس سي، بداية من التشخيص وتلقي العلاج بالمجان والمتابعة أثناء وبعد العلاج.
وفي عام 2015 ظهرت أدوية المضادات الفيروسية المباشرة، وهي علامة فارقة في علاج فيروس سي، فكانت فعالة لكن تكلفتها مرتفعة.
وقد أصبحت التجربة المصرية هي الأعظم لكونها تتمثل في إنتاج الأدوية محليًا بأقل من 1 لـ 1000 من سعر التكلفة، فسعر القرص الواحد في هذا التوقيت 1000 دولار، علما بأن المريض يحتاج لـ 84 قرصًا، بينما وصل سعر قرص العلاج بأكمله بعد إنتاج الدواء محليا لـ 50 دولارًا فقط.
وكان قد أظهر مسح لعينة عشوائية أجري سنة 2008 أن نسبة انتشار المرض في مصر تقدر بنحو 9.8% من إجمالي عدد السكان لكن مسحا مماثلا أظهر انخفاض المعدل في 2015 إلى نحو 4.4% أو ما يعادل حوالي أربعة ملايين شخص.