رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما بعد الانسحاب من «اتفاقية الحبوب».. مصر تتوسع فى خيارات الاستيراد من الأسواق البديلة

الحبوب
الحبوب

- «غرفة صناعة الحبوب»: القرار يسمح بالاستيراد من الأسواق المختلفة دون دفع أى رسوم إضافية

- باحث: الدولة ظلت لعقود أسيرة الاتفاقية التى تلزمها بتلبية احتياجاتها من الحبوب بطرق محددة وموردين محددين

ثمّن خبراء قرار مصر بالانسحاب من معاهدة الحبوب التابعة للأمم المتحدة، التى تلزم البلاد باستيراد احتياجاتها من الحبوب والمحاصيل من بلدان معينة وبمقابل رسوم سنوية، معتبرين أن القرار يخفف من أعباء الموازنة العامة، ويسمح لمصر بتنويع اختياراتها ومصادر استيراد الحبوب، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية الثنائية مع دول رائدة فى مجال إنتاج وتصدير الحبوب مثل روسيا. 

وقال عبدالغفار السلامونى، نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إن قرار مصر صائب وجاء فى التوقيت المناسب؛ إذ يتيح لمصر خيارات متعددة لاستيراد الحبوب دون قيود من أى دولة، ويعود بالنفع على الموازنة العامة للدولة.

وأضاف، لـ«الدستور»، أن هناك أسواقًا بديلة ومتاحة لاستيراد الأقماح، على رأسها روسيا التى تورد لمصر نحو ٥٠٪ من احتياجاتها من القمح سنويًا، مشيرًا إلى أن الاتفاق المصرى الروسى بالتعامل بالجنيه والروبل سيؤدى إلى خفض الطلب على الدولار؛ باعتباره العملة الرئيسية لإتمام صفقات الاستيراد خلال الفترة الماضية.

وذكر أن استهلاك مصر من القمح يتراوح بين ٢٠ و٢٣ مليون طن سنويًا، يجرى استيراد نصفها من الخارج، مشددًا على أن القرار يسهم فى خفض الفاتورة الاستيرادية من الحبوب ويؤمّن غذاء المصريين، ويسمح للقطاعين العام والخاص بالاستيراد دون أى رسوم إضافية، إذ إن مصر كانت تدفع رسومًا إضافية على الاستيراد بسبب معاهدة الحبوب.

وأشار إلى أن احتياجات وزارة التموين من القمح لدعم رغيف الخبز تصل إلى ٩ ملايين طن سنويًا، فى حين أن احتياجات القطاع الخاص والمطاحن نحو ٧ ملايين طن، والكمية المتبقية يستخدمها الفلاحون والمزارعون فى عدة أغراض، منها إنتاج الأعلاف للماشية والاستهلاك الخاص.

ولفت إلى أن موسم القمح المحلى هذا العام مبشر جدًا، ويبدأ التوريد من شهر أبريل حتى يونيو، ومن المتوقع إنتاج نحو ١٠ ملايين طن هذا العام، وتوريد كمية تتراوح بين ٤ و٥ ملايين طن لصالح هيئة السلع التموينية، فيما يستفيد القطاع الخاص والتجار والمزارعون بباقى الكمية.

وأضاف أن استهلاك مصر من الذرة يصل إلى مليون طن شهريًا، يجرى استيراد ٥٠٪ منها من الخارج، ومن ثم فإن خروج مصر من معاهدة الحبوب سيتيح استيراد جميع الحبوب والمحاصيل بأسعار تنافسية.

وأشار إلى طرح الذرة فى البورصة السلعية بإشراف وزارة التموين، يليه إدراج أسعار فول الصويا وباقى الحبوب، وهى خطوة ستؤدى إلى ضبط الأسعار وتحقيق التوازن والحد من جشع التجار والسماسرة.

من جانبه، قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن تحرر مصر من القواعد المنظمة لهذه الاتفاقية يتيح لها شراء القمح والحبوب من أى دولة دون قيود، مشيرًا إلى أن الحرب فى أوكرانيا أثرت على مشتريات مصر من القمح العام الماضى.

وأضاف أن الدولة اتخذت العديد من الإجراءات وأجرت الاتصالات والزيارات المهمة مع العديد من الدول، من بينها الهند، فى مسعى لإيجاد مصادر أخرى للحبوب بخلاف إمداداتها من البحر الأسود، إلا أنه ورغم تلك الجهود، اعتمدت مصر على الواردات الروسية التنافسية لتعزيز احتياطياتها من خلال مناقصات تقليدية، بعضها ممول من البنك الدولى، فضلًا عن العروض المباشرة غير التقليدية، وذلك لسد الاحتياج من القمح والغلال لتعزيز المخزون الاستراتيجى الذى يكفى ٦ أشهر. 

وواصل: «أثار انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب قلق الموقّعين الآخرين من الدول الأعضاء، ومن بين الموقّعين على الاتفاقية مستوردو ومصدرو حبوب رئيسيون، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى».

من جهته، أكد الدكتور رامى جالى، الباحث باقتصاديات التمويل، أن العالم شهد تفاقم أزمة الحبوب خلال الفترة الماضية، خاصة منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وتعد مصر أكبر مستوردى الحبوب بالعالم، خاصة القمح.

وقال: «كانت مصر تتطلع لأن تلعب اتفاقية تجارة الحبوب الأممية دورًا فى تخفيف حدة الأزمة العالمية بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية، وهو الأمر الذى لم يحدث»، مشددًا على أن قرار مصر بخروجها من اتفاقية معاهدة الحبوب له العديد من الآثار والنتائج الإيجابية التى تعود على الدولة المصرية جراء هذا القرار.

وأشار إلى أن الدولة المصرية ظلت لعقود أسيرة تلك الاتفاقية التى تُلزمها بتلبية احتياجاتها من الحبوب بطرق محددة وموردين محددين، وهو ما يعد تحجيمًا للإرادة السياسية التى تسعى بكل جهد لتوسيع دائرة مورديها لتجنب المشكلات التى تحدث بسبب خلل سلاسل الإمداد والتوريد كما حدث نتيجة الحرب الروسية.

ولفت إلى أن انسحاب مصر من هذه الاتفاقية لن يؤثر عليها على الإطلاق، لأن مصر استطاعت من خلال علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع معظم دول العالم أن تؤمّن احتياجاتها فى الفترة الماضية.

وأفاد بأن الدولة المصرية تمكنت من استيراد القمح من بلدان جديدة، مثل الهند على سبيل المثال، مشيرًا إلى أنه بموجب الاتفاقية فإن مصر ملزمة بدفع رسوم نظير عضويتها بالاتفاقية، وبالتالى فإن خروج مصر يعنى تجنب دفع مثل هذه الرسوم التى لا فائدة منها وتعد تكاليف غير مستغلة وبلا أى هدف. 

ورأى «جالى» أن الاتفاقية ستخسر بالتأكيد عضوية مصر باعتبارها أكبر دولة فى العالم مستوردة للقمح، لكنها لم تتمكن من تنظيم الاتفاقات والأمور الدولية الخاصة بالأسعار وعمليات التبادل التجارى فى الحبوب بشكل عام، والقمح على وجه التحديد.

وقالت وزارة الخارجية إن قرار انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب المبرمة من قبل الأمم المتحدة جاء عقب تقييم من وزارتى التموين والتجارة، انتهى إلى أن عضوية مصر فى المجلس ليس لها قيمة مضافة.

وأوضحت أن مصر كانت قد وقّعت على اتفاقية التجارة العالمية، وهى المعاهدة الدولية الوحيدة التى تغطى تجارة الحبوب، منذ بدايتها فى عام ١٩٩٥، وكانت عضوًا فى المجلس الذى يحكمها منذ عام ١٩٤٩، وفى فبراير قدمت طلبًا بالانسحاب اعتبارًا من ٣٠ يونيو ٢٠٢٣.