عشرات الآلاف يتظاهرون فى جورجيا ضد مشروع قانون يستهدف الإعلام
تظاهر عشرات الآلاف في العاصمة الجورجية تبليسي الأربعاء احتجاجا على مشروع قانون مثير للجدل طرحته الحكومة ويستهدف وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، وفق ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس، بعد يوم على احتجاجات مماثلة شهدت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة.
وتجمع المتظاهرون وهم يلوحون بالأعلام الوطنية وأعلام الاتحاد الأوروبي في تبليسي أمام مقر البرلمان الذي أقر بشكل أولي مشروع قانون "العملاء الأجانب" الذي يذكر بتشريع روسي تستخدمه موسكو لإسكات المعارضين.
وتسود مخاوف من أن الجمهورية الصغيرة في القوقاز التي تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي تجنح نحو الاستبداد وتنحني أمام الضغوط السياسية التي يمارسها الحزب الحاكم.
وكانت اشتباكات قد وقعت الثلاثاء بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب بعد أن وافق نواب الحزب الحاكم على مشروع قانون "العملاء الأجانب" في قراءته الأولى.
وأفادت الشرطة الأربعاء أن أكثر من 60 متظاهرا اعتقلوا وأصيب 50 ضابطا.
وأغلق المتظاهرون بعد ظهر الأربعاء الطريق الرئيسي في تبليسي ورددوا هتافات "لا للقانون الروسي".
وحملت إحدى اللافتات شعار "نساء ضد السيطرة الكاملة" في إشارة إلى يوم المرأة العالمي.
وقالت تامونا كيرخفادزه الخبيرة الاقتصادية البالغة 37 عاما والتي شاركت في التظاهرة لوكالة فرانس برس "نريد أوروبا، نريد الغرب"، مضيفة "نريد مستقبلا مشرقا لنا ولأطفالنا".
وقال المحتجون إنهم يريدون من الحكومة إسقاط مشروع قانون "شفافية التمويل الأجنبي"، والذي يقول منتقدوه إنه يعكس القانون المستخدم في روسيا لإجبار مؤسسات المعارضة على الإغلاق.
وقال توم ديوال من مؤسسة كارنيغي أوروبا إن مشروع القانون وحملة القمع يمثلان تحديا خطيرا في هذه الدولة المضطربة سياسيا.
وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي "إنها لحظة كبيرة بالنسبة لجورجيا، البلاد لا تزال ديموقراطية، لكنها بالتأكيد ديموقراطية تكافح للبقاء".
وفي وقت متأخر الثلاثاء، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين طاولت بعض شعاراتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وخاضت روسيا وجورجيا حربا استمرت خمسة أيام عام 2008.
وتصنيف "العميل الاحنبي" في روسيا يذكّر بعبارة "عدو الشعب" العائدة للحقبة السوفياتية، واستخدمته السلطات الروسية بشكل مكثّف ضد معارضين وصحافيين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان اتهموا بممارسة أنشطة سياسية بتمويل أجنبي.
وواجهت السلطات الجورجية انتقادات دولية متزايدة بشأن ما يُعتقد أنه تراجع عن الديموقراطية، ما أضر بشكل خطير بعلاقات تبليسي مع بروكسل.
ودافع رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي غاريباشفيلي عن سياساته "المتوازنة" المتعلقة بروسيا، بوصفها تهدف إلى ضمان "السلام والاستقرار".
لكن الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي أعربت عن دعمها للمتظاهرين وتعهدت رفض التشريع.
وقالت السفارة الأمريكية في جورجيا بعد القراءة الأولى لمشروع القانون "اليوم هو يوم مظلم للديموقراطية الجورجية".
وأعلنت وزارة الداخلية الجورجية أن المتظاهرين "ألقوا مقذوفات مختلفة، حجارة وأشياء حادة وسريعة الاشتعال ... وهاجموا جسديا عناصر شرطة وقاوموهم".
وأضافت الوزارة "في وقت لاحق شن الناس هجوما منظما على مبنى البرلمان وألقوا ما يسمى بزجاجات مولوتوف وأسهما نارية".
وأضافت أن 66 شخصا أوقفوا على خلفية أعمال شغب بسيطة وعصيان تعليمات عناصر تطبيق الأمن.
وأصيب 50 شرطيا في الصدامات، بحسب الوزارة، لا يزال الكثير منهم في المستشفيات.
قدمت جورجيا طلبا للانضمام للاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا ومولدافيا بعد أيام على غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير العام الماضي.
في يونيو منح قادة الاتحاد رسميا وضع مرشح لكل من كييف وكيشيناو، لكنهم قالوا إن على تبيليسي تطبيق عدد من الإصلاحات أولا.
ومساعي الانضمام لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي مكرسة في الدستور الجورجي، ويؤيدها 80 بالمئة من الشعب على الأقل، وفق استطلاعات الرأي.
وأثارت طريقة معاملة جورجيا للرئيس السابق المسجون ميخائيل ساكاشفيلي إدانات دولية.
والشهر الماضي وجهت دول الاتحاد الأوروبي تحذيرا دبلوماسيا لقادة جورجيا على خلفية تدهور الحالة الصحية لساكاشفيلي.
وفي السنوات القليلة الماضية واجهت السلطات الجورجية انتقادات متزايدة بشأن ما يعتقد أنه تراجع عن الديموقراطية، ما أساء بشكل كبير للعلاقات بين تبيليسي وبروكسل.