المنظمة العربية: حقوق الإنسان لا تزدهر بغير الاستقرار والنزاعات تقوضها
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ندوة جانبية على هامش فعاليات الدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تناولت حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وذلك بقصر الأمم المتحدة في جنيف.
وتحدث خلالها كل من علاء شلبي، رئيس المنظمة، وعصام شيحة، عضو مجلس أمناء المنظمة- رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والمهندس عمر المسالمة، أمين عام فرع المنظمة في شمال أوروبا، وشارك في أعمال الندوة 42 من الخبراء من ممثلي المنظمات الأممية والوفود الدائمة والمنظمات غير الحكومية.
وقال شلبي إن الندوة هي الخامسة التي تتناول حالة حقوق الإنسان في المنطقة على هامش دورات المجلس الأممي بنفس العنوان، مشيرا إلى أن الندوة الخامسة تركز على تداعيات الاضطراب الإقليمي على وضعية حقوق الإنسان في البلدان ذات الاستقرار، خاصة البلدان التي لديها فرص جيدة للتقدم بفضل وضعها الدستوري وحداثة مؤسسات الحكم والتشريع والقضاء، التي تتشدد في التضييق على الحريات في سياق زيادة الطلب على الاستقرار والسلم الأهلي.
ونوه شلبي بأن الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد لأراضي فلسطين يشكل أكبر تحد يكبل التقدم في وضعية حقوق الإنسان في المنطقة العربية، سواء من ناحية تبعاته المباشرة على بلدان المواجهة، أو من زاوية استغلاله لتبرير القيود على الحريات والتراجع عن التحول الديمقراطي المستحق، مضيفا أن الأزمة تفاقمت مع النزاعات التي شهدها ويشهدها سوريا والعراق ولبنان واليمن والسودان وليبيا، موضحا أن الانزلاق إلى نزاعات أهلية مسلحة يؤدي إلى تقويض مجمل حقوق الإنسان ومقومات المعيشة.
وأوضح المهندس المسالمة، أن تعنت النظام السوري في الاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة سمح بتحول الأوضاع إلى نزاع أهلي مسلح تغذيه قوي دولية وإقليمية وتفاقمه جماعات الإرهاب، ما قاد بالبلاد إلى احتلال عسكري مباشر من أربع قوى أجنبية تتقاسم جغرافية البلاد، وقاد إلى نحو 6 ملايين نازح داخليا و7 ملايين لاجئ خارجيا، وتردي كافة مقومات المعيشة، وتضاؤل القدرة على مواجهة الأزمات على نحو ما جرى مؤخرا في نكبة الزلزال.
وندد المسالمة بتخاذل المجتمع الدولي عن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، موضحا أن سوريا كانت الضحية الأولى للصراع الدولي قبل أوكرانيا.
وأشار عصام شيحة إلى معاناة مصر من جرائم إرهابية ضخمة على نحو ما جرى في جريمة مسجد الروضة بشمالي سيناء التي راح ضحيتها أكثر من “300 مصلي” والهجمات المروعة الأخرى على الكنائس التي أودت بحياة مئات المصلين وتلاها فرض العمل بحالة الطوارئ، والتشدد في ممارسة الحريات السياسية مع تزايد الدعايات السياسية للإرهاب، وأشاد بموقف السلطات المصرية تجاه معالجة نحو 70% من الشكاوى التي تتبناها المنظمة المصرية، وباستقبال مصر دون شروط نحو 9.5 مليون لاجئ من الدول العربية والإفريقية التي تعاني النزاعات.
ونوه شيحة بالمعركة التي خاضتها المنظمات الحقوقية المصرية ضد قانون الجمعيات 70/2017 من أجل قانون عادل للعمل الأهلي 149/2019 تضمن غالبية المطالب، ويجري السعي حاليا لتعديل مادتين منه، مرحبا بما تضمنته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من استحقاقات يتم التطلع لتحقيقها على وجه السرعة.
وفي المناقشات، تركزت مداخلات المشاركين على قضايا تأهيل وإدماج السجناء الذين تم الإفراج عنهم، وأهمية تبني الشركاء الغربيين الاستجابة لنهوض المجتمع المدني بدور في مبادلة الديون لتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، ودور المؤسسات المدنية في توفير الحماية للاجئين والمهاجرين، وكيفية معالجة انقسامات الحركة الحقوقية بين الداخل والخارج.
وفي الختام، أشار شلبي إلى عزم المنظمة تبني الطروحات ضمن خطة عملها للعام الحالي، داعيا إلى أهمية أن يبقى الحوار مفتوحا بين كافة الفاعلين الحقوقيين، وبينهم وبين الحكومات في المنطقة العربية لتجاوز الفشل الذي يبقى مشتركا، مؤكدا أن المنظمة وبعد انخراطها القوي في تجربة العقد الأخير في كافة بلدان المنطقة توقن بأن حقوق الإنسان لا يمكن أن تنمو في اضطراب، بيد أنها تبقى مفتوحة على الازدهار في سياق الاستقرار والسلم.
ورحب شلبي باستئناف مصر تقديم تقاريرها الدورية المتأخرة إلى اللجان التعاهدية، على نحو ما جرى مع اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمناقشات التي اختتمت مع اللجنة قبل يومين، وكذا الترقب لمناقشة تقريرها الدوري المتأخر أمام لجنة مناهضة التعذيب العام المقبل، مؤكدا أن التفاعل مع الآليات التعاهدية يسمح بإغلاق المجال أمام الالتباسات، ويؤدي إلى التقييم المنصف لوضعية حقوق الإنسان وتلمس أولويات التقدم المنشود على نحو أفضل.